أكد خبراء إستراتيجيون أهمية القمة الثلاثية التى شهدتها مصر مؤخرا مع قبرص واليونان والتى تشكل انطلاقة جديدة من أجل تعميق التعاون السياسى والاقتصادى ومواجهة الإرهاب. ووصفها مراقبون بأنها تأتى فى توقيت مهم تستعيد فيه مصر ريادتها إقليميا ودوليا وتنفتح بقوة على الاتحاد الأوروبى وهو ما يعد ضربة قاصمة لأردوغان الرئيس التركى راعى الإرهاب والذى تسعى بلاده منذ سنوات للانضمام للاتحاد الأوروبى . وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى قد أعلن خلال هذه القمة التاريخية اتفاقه وقادة دول اليونان وقبرص العزم على مواجهة الإرهاب والتطرف بمنتهى الحزم. وقال السيسى فى مؤتمر صحفى مشترك بقصر الاتحادية بمشاركة الرئيس اليونانى أنتونيس ساماراس ورئيس الوزراء القبرصى نيكوس اناستاسيادس "إن تعاوننا يحمى مصالحنا والاستقرار فى شرق المتوسط ويهدف لتحقيق الرفاهية والسلام لشعوبنا، وستستمر مصر فى المضى قدما نحو تعزيز العلاقات سواء على المستوى الثنائى أو الثلاثى فى كل المجالات". وأشار إلى أن قبرص واليونان كانتا من أكثر الدول دعمًا لمصر منذ ثورة 30 يونيو منوها أن المشاورات بين قبرص ومصر واليونان تناولت الأوضاع فى المنطقة خاصة فلسطينوسوريا والعراق ومواجهة الجماعات الإرهابية والدول الداعمة لها إضافة إلى الوضع فى ليبيا ودعم مؤسساتها الشرعية المنتخبة. وأضاف أن مصر استضافت أول قمة ثلاثية تجمع مصر تدشينا لمرحلة جديدة من التعاون الثلاثى الذى بدأ منذ أكثر من عام مع دولتين من الدول الأكثر دعما لمصر لاستكمال خارطة المستقبل وفهم حقيقة ما تمر به البلاد، وتعاونا فى مجالى الاستثمار والتجارة، وشهدت المباحثات تطابقا فى وجهات النظر إزاء كافة الموضوعات محل البحث. وأشار السيسى إلى أنه بدا أثناء المشاورات أن الدول الثلاث عازمة على تطوير العلاقات فى مختلف المجالات انطلاقا من المصالح المشتركة والاستفادة القصوى من جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما يمثل نموذجا إقليميا والعمل على تفعيل الاستفادة الكاملة من الاتفاقات الموقعة فى كافة المجالات وهو ما ينبع من احترام قواعد القانون الدولى وميثاق الأممالمتحدة خاصة سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية. وأضاف أنه تم التشاور إزاء القضية الفلسطينية وجهود السلام والتطورات فى سوريا والعراق ومكافحة الإرهاب والقوى الداعمة له وسبل تعزيز هذه الجهود فضلا عن دعم شرعية المؤسسات المنتخبة فى ليبيا. كما تم استعراض جهود اليونان وقبرص لتكثيف التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبى من منطلق فهمهما للواقع المصري. واتفقنا على استمرار الاتصالات والتنسيق فى كافة المحافل لحماية المصالح المشتركة. كما أكدنا عزمنا على مواجهة الإرهاب والتطرف بمنتهى الحزم والتعاون فى المجال الأمنى لدحر مجموعات الإرهاب وكشف داعميها. وأكد أن مصر تولى اهتماما كبيرا لهذا التعاون الثلاثى وإعطائه دفعة جديدة لحماية مصالحها ودعم الاستقرار فى شرق المتوسط وتحقيق الاستقرار والسلام لشعوبنا وستواصل مصر بالدفع نحو تعزيز العلاقات على المستوى الثنائى والثلاثى مع قبرص واليونان. ومن جانبه، قال الرئيس القبرصى إن القمة دليل على الالتزام بدعم وتعميق التعاون بين الدول الثلاث، لافتا إلى أن هذا التوجه يستند إلى أولويات دولنا واهتمامهم المشترك والتنسيق فى ظل احترام القانون الدولى والشرعية، واتخاذ مبادرات لدعم الشراكة فى مجالات التجارة والصناعة والطاقة والسياحة والنقل البحري، وإقامة جبهة مشتركة لمواجهة أخطار الإرهاب والتفرقة على أساس الدين فى منطقة شرق المتوسط ، بالإضافة إلى أن التعاون يهدف لأن يكون نموذجا للتعاون الإقليمى البناء فى منطقتنا الحساسة. وأكد رئيس قبرص أن هذا التعاون والحوار ليس موجه ضد أى دولة أخرى ويستند إلى مبادئ وقيم القانون الدولى لدعم السلام والرخاء فى شرق البحر المتوسط، وبالتالى ندعو دول المنطقة إلى أن تشاركنا فى هذه الجهود. وقال إنه تم دراسة أفكار حول التعاون الثلاثى والتطورات الداخلية فى مصر والاستفزازات التركية فى المنطقة القبرصية والتطورات فى ليبيا وسوريا والعراق. وأكد التعاون الكامل مع مصر فى حربها على الإرهاب لتحقيق الأمن والاستقرار . وأضاف رئيس قبرص أن الأحداث الأخيرة فى المنطقة تؤكد ضرورة استقرار مصر للتمكن من مواجهة التحديات الإقليمية خاصة الإرهاب أينما وجد فى سوريا أو ليبيا أو غيرها. وأشار إلى أن قبرص واليونان أقوى حليف لمصر وسفير دائم لها فى الاتحاد الأوروبى والمؤسسات الدولية الأخرى لما فيه فائدة فى مواجهة التحديات التى تلقاها المنطقة. وقال رئيس قبرص إنه تم بحث القضية القبرصية وإعادة وحدة الجزيرة القبرصية داخل دولة فيدرالية تحددها قرارات مجلس الأمن والاتفاقات بين الجانبين. واتفقنا على أن حل القضية سيسمح لسكان الجزيرة أن يتمتعوا بالرخاء سواء كانوا القبارصة الأتراك أو القبارصة اليونانيين، ليكون ذلك نموذجا لحل المشاكل من خلال الحوار وليس من خلال القوة. ودعا الجانب القبرصىتركيا إلى إبداء حسن النية واتخاذ خطوات بناءة فى هذا الاتجاه ، مدينا الإجراءات غير الشرعية التركية فى إقامة منطقة تجارة حرة خالصة مع الجانب القبرصى التركي. وأضاف أنه تمت مناقشة دعم التعاون فى مجال الطاقة فى ظل اكتشافات هامة من البترول والغاز فى منطقة شرق المتوسط يمكن أن تكون دعامة للتعاون المشترك فى المنطقة. وقال إن عملية السلام فى الشرق الأوسط تم بحثها وأكدنا ضرورة التوصل إلى سلام شامل ودائم على أساس إقامة دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل فى إطار القرارات الدولية ذات الصلة. وأشاد رئيس قبرص بالدور الغيجابى لمصر والسيسى للتوصل إلى الهدنة بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطيني، وأكد مجددا التزام قبرص بالعمل لتفعيل المصالح والقيم المشتركة لشعوب المنطقة والعالم. ومن جانبه، شكر رئيس وزراء اليونان دعوة الرئيس السيسى لعقد هذه القمة الثلاثية الهامة بين الدول الثلاث التى ترتبط بجذور تاريخية وإرث ثقافى كبير ويربطنا قلق مشترك إزاء استقرار منطقة شرق المتوسط. واشار رئيس الوزراء اليونانى انه تم تبادل الآراء ازاء الاوضاع فى لبييا والعراق وسوريا ولبنان والقضية الفلسطينية وجهود اعادة توحيد شطرى جزيرة قبرص فى اطار احترام العدالة والتاريخ. واعرب عن عدم قبوله لتجاوزات تركيا تجاه قبرص، داعيا إلى تدشين تعاون طويل وعميق لتوطيد العلاقات المشتركة مع الاهتمام بالتصدى للارهاب والأيدلوجية التى تدفع الى تكريس العنف والرعب. وهنأ المسئول اليونانى الرئيس السيسى على دوره المحورى فى التصدى للإرهاب واكد أن الإرهاب واحد ويجب ان يجمع الكل على ادانته ومحاربته بقوة. وقال إن اليونان وقبرص توليان اهتماما خاصا لحماية مصر للمسيحيين الذين أصبحوا مهددين بالطرد من دولهم. وأضاف أننا ناقشنا التعاون فى مجال الطاقة وثروات البحر المتوسط لصالح توصيل الطاقة لجميع دول الاتحاد الأوروبى أيضا. ودعا الجميع الى تفهم ان اليونان وقبرص سيكونا سفراء لمصر لدى الاتحاد الاوروبى لتحقيق الاستقرار فى منطقة الشرق الاوسط ومصر هى حجر الزاوية لتحقيق هذا الاستقرار وعلى الاتحاد الاوروبى دعم مصر معنويا وماديا .. واليونان وقبرص ستعملان لتحقيق ذلك لاقامة علاقة جديدة بين مصر والاتحاد الاوروبي. من جانبه اكد الخبير الاستراتيجى حامد محمود اهمية هذه القمة والتى تنطلق مصر بموجبها نحو التعاون الوثيق مع الاتحاد الاوروبى وتنسيق المواقف الداعمة لمصر خاصة لمواجهة الارهاب والسياسات التركية الاستفزازية التى تهدد استقرار المنطقة فى ظل دعمها للتنظيمات الارهابية والجماعات المتطرفة .