كتب الدكتور محمد محسوب - وزير الشؤون القانونية والنيابية الاسبق - تدوينة طويلة في صورة حوار مع من أسماهم "شركاء ثورة يناير " . وقال محسوب في تدوينته : محاورة.. يتمنع البعض عن المشاركة في حراك الشارع لعدم رغبته في مشاركة تيار الإسلام السياسي..!! - وهل ترغب أن تصحو فتجد هذا التيار وقد تبخر؟؟!! يقول: لا لكنه يجب أن يكف عن خلط السياسي بالديني؟؟ - وهل تعتقد أن أي دين يمكن أن تعزله عن الحياة؟!! يقول: نعم في أوربا جرى التمييز بوضوح بين الديني ومكانه في الكنائس والسياسي ومكانه الأحزاب.. - وهل تدرك أنك تخلط أمورا مهمة ببعضها؟!!.. ففي أوربا لا يمكن أن تخلط السياسي بالكنسي.. بينما الدين مؤثر في كل مجالات الحياة.. بل أشد الدول تطرفا في ذلك وهي فرنسا لم تقل أبدا أنها تفصل الدين عن السياسة أو الحياة.. فقانونها الذي يحكم هذه المسألة منذ سنة 1905 عنوانه "الفصل بين الدولة والكنيسة".. لكني أدعوك لقراءة شعار الوسط مثلا بأن لا يخلط السياسي بالدعوي.. وله معنى مختلف بعدم استعمال المؤسسات الدينية ورموزها والمناسبات الدينية لتبرير أفعال سياسية.. وكثيرون يفعلون ذلك.. والانقلاب على رأسهم.. يقول: لكنه لا توجد أحزاب دينية..؟!! - لو أردت أحزابا بمرجعية دينية فأوربا متخمة بمثل هذه الأحزاب والتي تُشارك في حكم دول كبرى كألمانيا.. وأنصحك بأن تقرأ تاريخ أي حزب محافظ في العالم الحر.. فلن تجد سوى أن تسميته محافظا لأن مرجعيته دينية.. فهو يعارض زواج المثليين والإجهاض والتوسع في الطلاق وزيادة معدلات فوائد البنوك وغير ذلك كلها على أساس الأخلاق الدينية التي تشكل عمود الثقافة المحافظة في الغرب.. لكن سؤالي.. هل بمصر أحزاب دينية؟! بمعنى أحزاب تقبل أعضاءها على أساس ديني فلو كان مسلما مثلا قبتله وإذا كان غير مسلم رفضته؟!! يقول – بتلعثم – ثمة حزب سلفي يفعل ذلك.. - وهل تدري ما موقفه من الانقلاب وما موقف الانقلاب منه؟!! ذلك يرسل لك رسالة أن النظم القمعية تستعمل كل شئ بما في ذلك الدين للقهر والقمع والتضييق على الحقوق والحريات.. أما في الديموقراطيات فمثل هذه الأحزاب قد تجد سطوعا لحظيا لكنها سرعان ما تنطفئ في أتون التجربة.. تأكد أن التيارات الأكثر تشددا والأميل للعنف لا تعبر لا عن التيار العام ولا عن ثقافة شعوبنا.. ولا يخلو منها تيار فكري.. فمن الأولية الحمراء الإيطالية إلى جنود الرب في إفريقيا لن تجد بين هؤلاء مسلما.. التطرف تصنعه الدكتاتوريات ويغذيه الفقر ويعشقه المهيمنون على النظام الدولي لخلق حلبة صراع يصنعون فيها بطولاتهم الزائفة.. ويستمرون في التحكم بمصائر الشعوب.. يقول: والإخوان أيضا يخلطون الديني بالسياسي.. فأهدافهم كلها دينية ، مثل استعادة الخلافة.. - أولا.. التيار الإسلامي ليس محصورا في الإخوان.. فهو طيف واسع من اليمين إلى اليسار مرورا بالوسط.. ومع ذلك فالإخوان عبارتهم شهيرة (استاذية العالم) وهل أنت لا تتمنى أن يكون لشعبك أو لأمتك العربية أو الإسلامية نوع من أستاذية العالم..؟!! هل تعارض ذلك..؟! أم أنك تعتقد أن الاستاذية استعلاء وهيمنة؟! فهل تعتبر أن ما تمارسه الولاياتالمتحدةالأمريكية نوع من الأستاذية أم نوع من الهيمنة؟! هل تميّز بين الأمرين؟!! بل هل تعتبر محاولة أوربا أن تستلهم من الإمبراطورية الرومانية وحدتها الحديثة جريمة في حق أي أحد؟! أم هل تصدق الإعلام إذا قال لك إن فكرت في أي نوع من التوحد مع محيطك الإقليمي ستصبح غير وطني؟! هل تعتقد أن الفرنسي الذي يكافح لمزيد من إجراءات الوحدة الأوربية لا يحمل ولاءً كافيا لبلده فرنسا؟! يقول: لكن النظام الدولي لا يريد للإسلام السياسي أن يحكم.. - وهل تعتقد أنه يرغب في أن يحكم أي أحد يملك رؤية مستقلة إسلاميا كان أو يساريا أو ليبراليا؟! اعطني نموذجا.. أم ترى أنهم لا يريدون ديموقراطية لدينا ويستحدمون الإسلام السياسي ذريعة لقتل كل احتمال لتطور ديموقراطي؟؟! قال لكن الإسلام السياسي فشل في فترة مرسي.. - افترض معك أنه فشل.. وأتفق أن شعبيته تراجعت جدا أثناء حكم مرسي.. فلماذا لم تدفع أنت إلى انتخابات برلمانية كانت ستأتي بحكومة لها سلطات تفوق سلطات الرئيس..؟؟ ألم تكن تلك فرصة لتحقيق نوع من المشاركة السياسية.. رئيس من الإخوان وحكومة لا يتحكم فيها من فصائل أخرى..؟!! قال: لكن مرسي رفض انتخابات مبكرة.. - أيضا سأفترض معك ذلك وأكذب معلوماتي ، لكن هل قرأت دستور 2012 وكيف أن برلمانا مختلفا عن اتجاه الرئيس يمكنه أن يسقطه ويحاكمه إذا شاء..؟! ألم يكن ممكنا أن تنجح التيارات الأخرى بالانتخابات وتفعل ذلك؟! قال: نجاحها ما كنش أكيد.. - وهل الآن تشعر أن نجاحها سيكون أكيدا؟!! المشكلة هي أن تؤمن أنك شريك في هذه الثورة.. والشراكة تعني أن هناك أطراف أخرى يشاركونك.. يختلفون عنك وربما يختلفون معك.. لهم اجتهاداتهم وأخطاؤهم كما لك اجتهاداتك وأخطاؤك.. أما لو شعرت أنك صاحب الثورة فستشعر بأن الجميع دخلاء.. وبالتدريج ربما ترى أن ضياع الثورة شئ مريح.. لأنها ليست ملكُ خالص لك.. ربما نحتاج لطبيب خاص يؤكد لنا أن الإسلامية (السياسية) ليست مرض وأن الليبرالية ليست مرض وأن اليسارية ليست مرض.. وأن المرض هو ان تعتقد أن تيارا عريضا لا يجوز له أن يحكم.. بل لا يجوز له أن يوجد.. ومن ثم يكون القمع هو الحل..