وزير التعليم: تعديل منهج اللغة العربية والدراسات والدين والرياضيات للمرحلتين الابتدائية والإعدادية    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    البورصة المصرية تخسر 4.8 مليار جنيه في ختام تعاملات الاثنين    محافظ أسيوط يوقع بروتوكول تعاون مع وكالة الفضاء المصرية لنشر الثقافة العلمية ودعم التنمية المحلية    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    «مش هاسيب لأولادي كل ثروتي».. تصريحات مثيرة ل سميح ساويرس حول التوريث    افتتاح معرض إعادة التدوير لمؤسسة لمسات للفن التشكيلي بحضور وزيرة البيئة    وزير الخارجية: هناك إمكانية لتطوير العلاقات الثنائية مع إيران بما يخدم مصالح الشعبين    عراقجي: لن نتخلى عن حقنا في تخصيب اليورانيوم لكننا مستعدون لإثبات سلميتنا    عاجل| "أزمة غزة" تصعيد متزايد وموقف بريطاني صارم.. ستارمر يحذر من كارثة إنسانية ولندن تعلّق اتفاقية التجارة مع إسرائيل    3 أندية تحجز مقاعدها في كأس العالم للأندية 2029 بعد تتويجات تاريخية    ممدوح عيد يحضر اجتماع اتحاد الكرة برفقة كأس دوري أبطال إفريقيا    باير ليفركوزن يرفض عرضا ثانيا من ليفربول لضم فيرتز    تباين آراء طلاب الشهادة الإعدادية بجنوب سيناء حول أسئلة امتحان مادة الهندسة    ورشة عمل حول دور تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية في حفظ وتوثيق التراث    «واكلين الجو».. 3 أبراج هي الأكثر هيمنة وقوة    دعاء يوم عرفة 2025 مستجاب كما ورد عن النبي.. اغتنم وقت الغفران والعتق من النار    وزير الصحة: هناك علاقة وثيقة بين التطعيمات وتحسين الصحة العامة للأطفال    زيلينسكي يعرب عن تطلعه إلى "تعاون مثمر" مع الرئيس البولندي المنتخب    برواتب تصل ل350 دينارا أردنيا.. فرص عمل جديدة بالأردن للشباب    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    مصمم بوستر "في عز الضهر" يكشف كواليس تصميمه    لو معاك 200 ألف جنيه.. طريقة حساب العائد من شهادة ادخار البنك الأهلي 2025    عاجل.. تعرف على أسباب استقالة محمد مصليحي رئيس نادي الاتحاد السكندري من منصبه    وزير الصحة يتسلم شهادة الصحة العالمية بالسيطرة على فيروس B    مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة وضبط 333 كيلو مخدرات| صور    مراجعة الصيانة.. جهاز المنيا الجديدة يصدر بيانا بشأن منظومة مياه الشرب والصرف    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    المخابرات التركية تبحث مع حماس تطورات مفاوضات الهدنة بغزة    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    بى بى سى توقف بث مقابلة مع محمد صلاح خوفا من دعم غزة    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    وزير الثقافة: افتتاح قصر ثقافة الطفل بسوهاج يوليو المقبل    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    «صعبت عليا نفسي».. سيحا يكشف موقفًا مؤثرًا مع والده بعد الانتقال إلى الأهلي    مصدر من الزمالك ل في الجول: عرض رسمي من الوداد لضم صلاح مصدق    الشيوخ يبدأ جلسته لمناقشة بعض الملفات المتعلقة بقطاع البيئة    بعد 15 سنة محاولة.. حاج مصري يصل إلى مكة المكرمة مع زوجته لأداء مناسك الحج    أزمة المعادن النادرة تفجّر الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    إنتر ميلان يضع مدرب فولهام ضمن قائمة المرشحين لخلافة إنزاجي    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    ميراث الدم.. تفاصيل صراع أحفاد نوال الدجوى في المحاكم بعد وفاة حفيدها أحمد بطلق ناري    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    إنشاء جدارية لتاريخ وأعلام القليوبية بممشى أهل مصر فى بنها    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد أن يضحي؟.. الإفتاء تجيب    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كواليس بيان تأييد الجيش لثورة 25 يناير
نشر في النهار يوم 15 - 08 - 2014

أسرار جديدة.. وتفاصيل مثيرة عن أحداث ثورة 52 يناير وما تبعها من تداعيات تتكشف للمرة الأولي علي لسان الرجل الذي ظل صامتًا علي مدي السنوات الماضية، فيما كان هو الأقرب لكل الأحداث التي سبقت، وأعقبت الثورة.‬
وبقدر العاصفة السياسية، والإعلامية التي أحدثتها «‬الحلقة الأولي» لحوار قائد الحرس الجمهوري السابق اللواء «نجيب عبدالسلام» مع الإعلامي «مصطفي بكري» في برنامج «حقائق وأسرار» علي فضائية «صدي البلد» بقدر ما تكشف الحلقة الثانية عن الكثير من كواليس ما جري من أحداث، جرت وقائعها في مرحلة فاصلة من عمر الوطن.‬
في هذه الحلقة يكشف قائد الحرس الجمهوري السابق عن الرواية الحقيقية لمحاولة الاغتيال التي تعرض لها نائب رئيس الجمهورية الراحل عمر سليمان، ويروي كواليس صدور البيان رقم (1) الصادر عن القيادة العام للقوات المسلحة إبان أحداث الثورة، ويؤكد أن الرئيس الأسبق حسني مبارك لم يصدر أبدًا قراراً باستخدام الذخيرة الحية في مواجهة المتظاهرين، وأنه عمل من منطلق مسئوليته عن الحرس الجمهوري علي تنفيذ هذا القرار بحذافيره.‬
ويتناول اللواء نجيب عبدالسلام دور الحرس الجمهوري في تجنب الصدام مع الشعب بعد أن بدأ المتظاهرون الزحف إلي القصر الجمهوري، ويفجر مفاجأة هامة، حين قال في حواره الهام إنه هو الذي اقترح علي الرئيس مبارك آنذاك المغادرة إلي شرم الشيخ، كما أنه صاحب اقتراح استخدام كلمة «التخلي» عن السلطة، بدلاً من «‬التنحي» في البيان الشهير الذي ألقاه الراحل عمر سليمان، والذي كلف فيه الرئيس الاسبق القوات المسلحة بإدارة شئون البلاد.. وإلي تفاصيل الحوار.‬
بعد أن ذهب اللواء عمر سليمان إلي مكتبه في مبني المخابرات العامة لينهي بعض المتعلقات سمعنا في هذا الوقت عن محاولة لاغتياله بينما هو متجه إلي القصر الجمهوري.. ماذا عن هذا الحدث؟
من واقع مسئوليتي بمجرد تعيين اللواء عمر سليمان نائبًا للرئيس أصبح من مهامي تأمينه وأمرت بتشكيل ركاب لتأمينه من مبني المخابرات بالزيتون وطلبت منه ركوب السيارة المدرعة الخاصة بالرئاسة ويترك سيارته وبطبيعة الأحوال كان هناك غليان في الشارع ولم يكن معروفا بالضبط من هو علي الأرض سواء شرطة أو مواطنين أو غيرهم وفي شارع الخليفة المأمون في الطريق إلي قصر الاتحادية حدث إطلاق النار علي الركاب بكثافة وكان الهم الأكبر سرعة الإخلاء للسيد عمر سليمان وبدأت باقي السيارات في التعامل مع مطلقي النيران وأصيبت سيارته التي لم يركبها وتوفي سائقه وحارسه، وبعدها اطمأننا علي اللواء عمر سليمان.‬
ولكن ما قيل في هذا الوقت إنه ركب السيارة (‬X5) ولم يركب سيارته ومع ذلك تم اطلاق الرصاص علي ال(‬X5)‬؟!‬
بالفعل حدث هذا، ولكن دعني أقول لك إن من أطلق الرصاص علي السيارة (‬X5) لم يكن محترفًا والاشتباك لم يكن قاصرًا فقط علي هذه السيارة مما يشير إلي أن الأمر لم يكن مخططًا، وعمومًا هذا الأمر من الأمور السرية لأنه كان رهن التحقيق ومن المؤكد أن النتائج ستعلن إن شاء الله.‬
عمومًا منذ محاولة الاغتيال قام الحرس الجمهوري بالإشراف علي تأمين عدد كبير من الشخصيات مثل اللواء محمود وجدي وزير الداخلية والفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء وكل من كان لهم دور مهم في صناعة القرار في هذا الوقت.‬
كيف كانت القيادة تنظر إلي مسار ثورة 52 يناير في هذا الوقت؟!‬
لقد كنت دائمًا أقول إن ثورة 52 يناير هي ثورة الصدمة الفكرية، لأن هذه الصدمة مرتبطة بالفكر والعقل وقد أحدثت شللاً فكريًا ولم يتمكن أحد من التصرف وإصدار القرارات، ومن ثم لم يستطع أحد التعامل مع المتظاهرين المحتشدين في الميادين في هذا الوقت.‬
وقد كانت وزارة الداخلية من أكثر المؤسسات التي أصيبت بهذا الشلل الفكري وعدم القدرة علي اتخاذ القرار بسبب تطور الأحداث التي فاجأت الجميع.‬
وفي الأول من فبراير 1102 اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع والقائد العام، وأصدرت بياناً أعربت به عن تفهمها لمطالب المتظاهرين وتأييدها لهم، وفي نفس الوقت لم تستخدم العنف أو تلجأ إلي القوة.‬
ولكن يبقي السؤال كيف سمح بإذاعة هذا البيان؟
لقد تمت إذاعة البيان بقرار من المجلس الأعلي للقوات المسلحة، ورئيس الجمهورية هو القائد الأعلي للقوات المسلحة، ومن المؤكد أن يكون لديه علم وخلفية بهذا البيان، وبالتالي نحن كحرس جمهوري سهلنا مهمة إذاعة هذا البيان الصادر عن المجلس العسكري.‬
ولكن تردد في هذا الوقت أن هناك اتجاهًا من الجيش لعزل الرئيس؟!‬
هذا ليس صحيحًا، وقد كان ذلك من ضمن الشائعات التي تم ترديدها في هذا الوقت.‬
دعا الرئيس مبارك إلي اجتماع مساء الأول من فبراير وقد حضرتم هذا الاجتماع، وقد قال الفريق سامي عنان إنه طلب منكم نزع الذخيرة الحية من الحرس الجمهوري ووضع ذخيرة فشنك بدلاً منها؟!‬
أحب أن أؤكد أن الرئيس لم يصدر أية تعليمات باطلاق النيران علي المتظاهرين تمامًا، وفي المقابل لقد شجعناه علي هذا القرار وانحزنا إلي الشعب المصري في موقفه، خاصة أن هذا الشعب كانت له مطالب عادلة، ومن ثم كانت لدينا قناعة بأن القوات المسلحة هي الأداة القادرة علي تحقيق هذه المطالب الشعبية، ومن ثم فقد عملنا علي تحقيق مطالبه المشروعة.‬
وقد كان هذا اللقاء الذي عقد مساء الأول من فبراير وشاركت فيه إلي جانب آخرين مع الرئيس الأسبق حسني مبارك، فقد كان الهدف منه هو تحليل ما وصلت إليه الأوضاع في البلاد.‬
أما بالنسبة للذخيرة فالحرس الجمهوري ليست لديه ذخيرة «فشنك»‬، بل كلها ذخيرة حية، وهذا من طبيعة عملنا في سرعة التصدي لمواجهة الأحداث الطارئة أو وجود أحداث تستدعي الدفاع عن الرئيس ومؤسسة الرئاسة أو أي شخصية في ضيافة مصر.‬
لقد أذاعت القوات المسلحة بيانها الأول وعززته بعدم استخدام الذخيرة الحية أو القوة مع المواطنين بأي صورة من الصور، وأنا كقائد حرس جمهوري في هذا الوقت، كانت لدي تعليمات صدرت من القائد العام للقوات المسلحة بعدم استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، وكان في مقابل ذلك هناك سلطة لرئيس الجمهورية لكنه لم يستخدمها، وأنا شخصيًا خلال الفترة الأخيرة في الأحداث كنت أتحاشي مقابلة الرئيس أو أتحدث معه رفعًا للحرج، إضافة إلي قراري الشخصي بعدم استخدام الذخيرة الحية ضد الشعب المصري.‬
لكن الرئيس مبارك استدعاك في 2 فبراير وكان إلي جواره جمال مبارك الذي عاتبك علي موقفك؟!‬
هذا أمر يخصه، ولكن من منطلق مسئوليتي في تأمين الشعب المصري كان موقفي واضحًا، وهذا هدف أساسي لا يمكن التخلي عنه.‬
لقد خططنا للاستعداد لزحف المتظاهرين إلي القصر الجمهوري، وكان هناك هدفان أساسيان بالنسبة لنا:‬
الهدف الأول هو تأمين المتظاهرين الذين بدأوا في التوجه إلي القصر.‬
الهدف الثاني هو تأمين قوات الحرس الجمهوري.‬
لقد كنا علي يقين أنه لو حدث صدام مباشر في هذه اللحظات الخطيرة لوصلت الأمور إلي مرحلة خطيرة وبالتأكيد كنا سنفقد السيطرة بالضبط كما حدث مع رجال وزارة الداخلية أثناء الأحداث التي شهدتها البلاد يوم 82 يناير وما بعدها، وكانت الدماء ستتدفق وتتحول إلي بحور، ولذلك فكرت علي الفور في وضع الأسلاك الشائكة وذلك لمنع الاحتكاك بين الشعب وقوات الحرس الجمهوري، وكان ذلك بعد منتصف ليلة العاشر من فبراير، والحمد لله فإن الله وفقنا عندما سمعنا هتاف المواطنين وهم متجهون إلي القصر الرئاسي وشعرت وقتها بأن القرار قراري، وأنني مسئول عن حماية الشعب من جهة والرئيس وأسرته والحرس الجمهوري من جهة أخري.‬
دعوت الله في هذا اليوم وبكيت أن تمر الأمور بسلام واتخذت القرار بعدم استخدام الذخيرة.‬
لقد أصدرت تعليماتي بوضع الذخيرة في صناديقها بحيث يكون كل قائد برتبة «‬عميد» معه نسخة من مفاتيح هذه الصناديق والنسخة الأخري معي أنا شخصيًا، وكانت أوامري أنه لا يتم فتح صناديق الذخيرة إلا بقرار شخصي مني فقط، ونزلت إلي القوات وتأكدت من ذلك بنفسي وقلت للمتظاهرين أنتم أبناؤنا وفي حمايتنا ولن نمسكم أبدًا.‬
في العاشر من فبراير اجتمع المجلس الأعلي للقوات المسلحة بدون رئيس الجمهورية، ماذا كان رأي الرئيس مبارك في ذلك؟!‬
عندما اجتمع المجلس العسكري يوم العاشر من فبراير بدون مشاركة الرئيس حسني مبارك هنا يجب القول إن المجلس العسكري كان يعمل وفق منظومة عسكرية محددة، ولم يكن من المهم حضور الرئيس في هذا الوقت كما قررت القيادة العسكرية ومن ثم كان البيان الذي صدر.‬
ولكن لماذا تأخر الرئيس في إعلان قراره بنقل اختصاصاته لنائبه عمر سليمان حتي مساء العاشر من فبراير؟!‬
التأخير في اتخاذ القرار كان السمة الغالبة لرجال النظام في مواجهة المتغيرات الحادثة علي الأرض وتحديدًا في القرارات التي كان يصدرها الرئيس ومؤسسة الرئاسة بسبب عدم الدراسة الكافية للأمور، وكان هناك ارتباك في اختيار الوقت المناسب والتحرك في ضوء ذلك، وهو أمر أربك الشارع أيضًا، أما خطاب الرئيس في هذا اليوم فقد تم تسجيله في قصر الرئاسة بالاتحادية وتم إجراء أكثر من عملية مونتاج له وهكذا فإن هذا الخطاب ادخلت عليه تعديلات عديدة، لدرجة أن كثرة التعديلات التي تم ادخالها علي هذا الخطاب أفرغته من مضمونه، وبالتالي فإن المتلقي لم يفهم شيئًا من هذا الخطاب وهذا ما تسبب في رفضه، وكان يجب أن تكون هناك استجابة واضحة لمطالب الشعب في هذا الخطاب.‬
هل تعتقد أن هناك بعض الأطراف داخل مؤسسة الرئاسة كانت تريد فعلاً أن تصل الأمور بالبلاد إلي هذا الحد؟
الأطراف التي كانت موجودة في القصر لم يكن لها هدف وقتها أو قدرة لأن الواقع علي الأرض كان هو محرك الأحداث وليس أحدًا آخر، غير أنني أقول إن الكبرياء كانت هي الدافع لهذا التشدد، كان من الصعب علي هؤلاء أن يتنازل أي منهم عن مناصبهم بسهولة وفي نفس الوقت فإن الجماهير كانت تطالب بقرارات ونتائج سريعة، وكانت هناك قوة تدفع بالناس والمتظاهرين بالبقاء في أماكنهم للمطالبة باسقاط النظام، وكان المتظاهرون ينتمون إلي قوي متعددة ومن اتجاهات مختلفة.‬
في تقديرك لماذا كان الموقف العدائي من الإدارة الأمريكية تجاه مبارك ونظامه خلال أحداث الثورة؟
من منظوري كمواطن مصري، أمريكا دولة استعمارية ولها مخططها وأهدافها في مصر والمنطقة، كما أن أمريكا شعرت أن مبارك قد انتهي فأرادت أن تركب الموجة وتظهر بمظهر المساند للشعب المصري وهي لها مصالح كبيرة مع مصر، بصفتها دولة محورية في إفريقيا والشرق الأوسط.‬
هل كان لديكم قناعة بأن مصر تواجه مؤامرة هدفها إسقاط الدولة لصالح مخطط الشرق الأوسط الجديد؟!‬
لقد أثير موضوع الشرق الأوسط الجديد منذ ثماني سنوات سبقت ثورة 52 يناير، وهو مخطط استهدف المنطقة كلها وكافة البلدان العربية بلا استثناء، ولكن كانت هناك صعوبات تعترض تنفيذ هذا المخطط، خاصة أن كافة الدول العربية عارضت هذا المخطط الواضح والمعلن لكن الأحداث التي شهدتها مصر وبعض البلاد العربية الأخري تلاقت مع المخطط الأمريكي، فهذه البلاد كانت تعاني من الفساد والاستبداد فاستغلت أمريكا الحالة الرافضة من الشعوب لهذا الفساد والاستبداد الذي كان موجودًا وحاولت تنفيذ مخططها في مصر والمنطقة.‬
يوم العاشر من فبراير 1102، رفضت الجماهير بيان الرئيس بنقل الاختصاصات إلي النائب عمر سليمان، من هو صاحب فكرة مغادرة الرئيس إلي شرم الشيخ يوم الجمعة؟!‬
لقد وضعت عدة خطط لإخلاء الرئيس وأسرته علي ثلاث مراحل، ثم عندما تطورت الأوضاع في البلاد ووصلت الجماهير إلي القصر الرئاسي كانت هناك مخاطر شديدة جدًا ولذلك طرحت فكرة أن يغادر الرئيس مبارك القصر الجمهوري إلي شرم الشيخ، واتصلت بالرئيس وأخبرته بفكرة المغادرة ففوجئت بالرئيس يرفض فكرة مغادرة القصر الرئاسي وقال لي: «‬أنا لن أغادر مصر أبداً» وكررها أكثر من مرة، وعندما قلت له أنت لن تغادر مصر أنت فقط ستذهب إلي شرم الشيخ رفض بشدة، وظل علي هذا الموقف حتي تم إقناعه بذلك بعد أن أكدت له أن هذا المطلب ضروري وملح، ثم إنني أجريت في هذا الوقت اتصالاً بالمشير حسين طنطاوي طلبت منه مساعدتي في نقل الرئيس إلي شرم الشيخ وفي نفس الوقت طالبت السيد عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية بأن يبذل جهوده لإقناع الرئيس مبارك بضرورة مغادرة القصر إلي شرم الشيخ خوفًا من تعرضه وأسرته لمخاطر أمنية ونجحنا جميعًا في ذلك.‬
وكيف تمت عملية المغادرة؟!‬
بعد أن اقتنع الرئيس بالمغادرة تم ذلك عن طريق طائرة هليكوبتر وكان معه في الرحلة إلي شرم الشيخ صهره السيد منير ثابت شقيق قرينة الرئيس وكان قرار المغادرة لا تفاوض فيه مع الأسرة جميعًا وتم تنفيذه بترتيب منظم قبل إذاعة بيان التخلي عن السلطة.‬
وماذا عن باقي مجموعة المسئولين الذين كانوا متواجدين في القصر في هذا الوقت؟
كان هناك النائب عمر سليمان والسيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية والدكتور زكريا عزمي وأيضًا الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء وآخرون، وبالفعل اتخذت الإجراءات الخاصة بتأمينهم جميعًا لأن الشارع كان في حالة انفلات، وكانت الأوضاع الأمنية صعبة، فخشينا علي ارواحهم ووضعنا خططا لتأمينهم في إدارة شئون البلاد، وكان كل هدفنا هو متابعة الموقف خارج القصر الجمهوري في الاتحادية، خاصة أن الضغط الشعبي كان رهيبًا، وسعينا في هذا الوقت إلي محاولة احتواء الموقف وعدم الاستفزاز لأن الضغط الشعبي كان رهيبًا وكانت الثقة بين القيادة السياسية والشعب المصري تكاد تكون منعدمة.‬
في اتصالاتكم بالرئيس الأسبق حسني مبارك ماذا كان رأيه عندما طلب منه التنحي عن السلطة؟
عندما اتصلت بالرئيس مبارك وكنا في هذا الوقت في مقر قيادة الحرس الجمهوري واتصل به أيضًا السيد عمر سليمان وضعنا الرئيس في الصورة وقلنا له إن الأوضاع أصبحت غاية في الصعوبة، وأنه لا خيار أمامه سوي التخلي عن السلطة وبمساعدة المشير طنطاوي والقوات المسلحة أمكن تجاوز هذا الأمر ووافق الرئيس سريعًا.‬
ما صحة ما تردد من أن المشير حسين طنطاوي رفض تولي السلطة حال تخلي الرئيس وأنه عرض عليك وعلي آخرين منصب وزير الدفاع واعتذرتم؟
هذه الرواية اثيرت وقد سمعتها ولكنها رواية غير دقيقة، هناك فصائل كانت تسعي إلي ارباك القيادة ولكننا لم نسمح بها واستوعبناها.‬
ما شروط مبارك في التخلي عن السلطة؟
مبارك لم تكن له أية شروط محددة، لقد وافق علي التخلي عن السلطة سريعًا، وكان قرار التخلي يعني انتهاء حكم الرئيس مبارك نهائيًا وفقط طلب منا ألا يذاع بيان تخليه عن السلطة الذي ألقاه السيد عمر سليمان إلا بعد مغادرة زوجته السيدة سوزان مبارك ونجله السيد جمال مبارك مقر الإقامة الرئاسي في القاهرة إلي شرم الشيخ، وهو ما تم بالفعل.‬
وماذا عن المجلس الرئاسي بعد تخلي مبارك عن السلطة؟
هذه الفكرة طرحت بالفعل، ولكن المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو الذي تولي السلطة بناء علي تكليف من الرئيس مبارك للمجلس لإدارة شئون البلاد، وكما قلت لك فإن مصطلح «التخلي» وليس «‬التنحي» كان ضروريًا لأنه أشمل وأعم، لقد كان الهدف هو إرضاء الشعب والقبول بمطالبه كاملة، وكان مطلب الشعب في هذا الوقت هو إبعاد الرئيس مبارك عن السلطة تمامًا، وقد كنت أنا صاحب كلمة «التخلي» وليس «‬التنحي» وقد أبلغت الرئيس بها فوافق علي الفور.‬
قال لي اللواء عمر سليمان إنه طلب من الرئيس مبارك منذ الخامس من فبراير أن يسمح بمغادرة السيدات من أسرته إلي الخارج إلا أنه رفض ذلك، لماذا رفض الرئيس؟
لم تثر أمامي معلومة طلب اللواء عمر سليمان من الرئيس أن يسمح بمغادرة أسرته ولكن ما أستطيع قوله إن الرئيس مبارك رفض رفضًا قاطعًا مناقشة فكرة مغادرته البلاد وأصر حتي اليوم الأخير أن يبقي في مصر.‬
ماذا عن واقعة طرد د.حسام بدراوي من القصر الرئاسي بعد إسناد منصب الأمين العام للحزب الوطني إليه؟
هذا صحيح، لأن المجموعة التي كانت موجودة بالقصر وعلي رأسها د. زكريا عزمي كانت علي خلاف مع د.حسام بدراوي وكانت ترفضه ولا تريد التعامل معه، وعندما استدعاه الرئيس مبارك إلي القصر الجمهوري كان الهدف هو البحث عن مخرج للأزمة.‬
بقي سؤال أخير في هذه الحلقة، ما هي رسالتك إلي الرئيس مبارك وهو وراء الأسوار الآن؟
أقول للرئيس مبارك «‬لقد ساعدتنا علي أن تخرج البلاد من الأزمة إلي بر الأمان حيث ترك الحكم في هدوء تام وهذا القرار يحسب لك، ولم أعرف الفارق بين رجل الدولة وغيره إلا عندما رأيت محمد مرسي، ولذلك أقول لك لقد كنت رجل دولة بالمعني الصحيح بغض النظر عن الخلاف أو الاتفاق معك».‬
وما رسالتك للشعب المصري؟
أقول للشعب المصري.. نحن دائماً منحازون إليكم، وأي مسئول يتخلي عن رسالته في دعم الشعب المصري والوقوف إلي جانبه فلماذا نبقي نحن في مناصبنا، نحن بدونكم لا نساوي شيئًا.‬
الجمعة القادم الحلقة الثالثة: «‬أيام مع مرسي»!!‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.