عندما نشرت وزارة الداخلية أرقام قطاع الأمن الوطنى للإبلاغ عن أي معلومات حول البؤر الإرهابية، وخصصت الحماية المدنية خطاً ساخناً للإبلاغ عن أى أجسام غريبة يشتبه بها، لم يتردد المواطنون فى التطوع للإبلاغ عن أى ممن تحوم حولهم الشبهات حتى أقرب الأشخاص إليهم. تحت اسم «فاعل خير» كتب أحدهم: «يوجد رجل إخوانى هو وابنه، يعمل فى صيانة الكمبيوتر، وألاحظ أنه يشغل قناة الجزيرة بالليل»، ولم يكتف فاعل الخير بهذا فقط، بل قرر تسهيل عملية القبض على جاره، وكتب اسمه بالكامل، وعنوانه. فاعل الخير الثانى الذى أبلغ عن أشخاص تابعين للإخوان، واتهمهم بالتحريض على عدم المشاركة فى الانتخابات الرئاسية، كتب رقم بطاقته للتأكد من صحة بلاغه، بالإضافة إلى القرية التابع لها. بلاغ آخر من المواطن جمال السيد، الذى شدد على ضرورة الاهتمام به، اتهم فيه موظفاً فى إحدى شركات تكرير البترول- التى ذكر اسمها- بإنفاق الكثير من المال لإفساد عملية الانتخابات الرئاسية، وتشويه صورة المرشح عبدالفتاح السيسى، مدوناً عنوانه الذى كتبه تفصيلياً: «فوق المقدس بتاع السيراميك»، أما «محب لتراب مصر»، الذى بلّغ عن إحدى الطالبات بجامعة المنيا التى لم يتردد فى الإفصاح عن اسمها، فاتهمها بتنظيم مجموعات من الطلبة لضرب السيدات أثناء إجراء الانتخابات. خطورة المعلومات التى جمعها «م. م. ت»- كما دوّن اسمه- لم تمنعه من كتابتها فى تعليق على شبكة الإنترنت للإبلاغ عن إرهابى خطير، على حد وصفه: «بلاغ عن عنصر فى جماعة الإخوان يقوم بعمل مظاهرات، يوم الجمعة، أسفل كوبرى الطالبية، وله ملف فى أمن الدولة بأنه فدائى فى فلسطين وسوريا، تابع لجماعة حماس، وله أكثر من جواز سفر بأكثر من اسم وجنسية». حب الوطن والخوف على أمنه طغى على مشاعر الحب بين الإخوة، فلم يتردد شخص يدعى «أحمد» فى الإبلاغ عن أخيه الذى أكد هروبه من الجيش منذ شهرين، مطالباً وزارة الداخلية بسرعة القبض عليه من المنزل، مدوناً المركز التابع له. الإبلاغ عن تحريضات بعض الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعى لم يغب عن التعليقات أيضاً، فكتب فاعل خير آخر: «هناك شخص يخفى هويته الشخصية، واسمه (مشروع شهيد) على موقع فيس بوك، يحرض ضد الجيش والشرطة»، مرفقاً فى تعليقه رابط الصفحة الخاصة بالشخص. لم يكتف أسامة بإبلاغ قسم الشيخ زايد بالمعلومات التى جمعها ولاحظها عن أحد جيرانه، وقرر كتابة تفاصيل البلاغ على الموقع: «شقة إيجار جديد يسكن بها أشخاص ملتحون يأتون فى الليل فى أوقات متأخرة، ومعهم أكياس سوداء، وهم يتصرفون بشكل مريب جداً مثل ترك النوافذ مفتوحة كخدعة، وكذلك وضع قماش أبيض على الأحبال كأن بها سكانا عاديين، ومع الوقت هذه الأقمشة تطير فى الهواء، دون اهتمام، وللأسف القسم لم يتحرك»، مرفقاً عنوان ورقم الشقة. لم يختلف الأمر نفسه على أرقام الحماية المدنية، التى تم تخصيصها للإبلاغ عن أى أجسام غريبة، ويفسر اللواء ممدوح عبدالقادر، مدير الحماية المدنية بالقاهرة، ظاهرة تزايد أعداد البلاغات، فيقول: «الناس أصبح عندها وعى ومبقتش تشترى دماغها، ونحن نتعامل مع البلاغ على أنه حقيقة حتى يثبت العكس، لكن فى حالة وجود بلاغ كيدى تكون هناك غرامة مالية»، مؤكداً أن الحماية المدنية تعقد ندوات فى الجامعات والنوادى والمدارس لزيادة وعى الشباب بكيفية التعامل مع الحرائق والمفرقعات.
