كتبت : حياة نور الدين _ الجزائر السرطان لا يقتل ، الحب هو من يقتل الحزن هو من يفعل المرض حلقوا مثل الحمام / لا تيأسوا / لست حزينة لمرضي / لغربتي / للعنة وضعها البعض في طريقي - عشقت رجلا عراقي من كربلاء ، هرولت روحي معه التقيته بعد سنوات طويلة في النجف ، كنت أبتسم لصديقتي سلمى أنني لازلت تحت صدمة أنني بالعراق ، رعش جسدي كله ؛ التقيت بصغيرة علي نور العيون والتي يسميها عيون مثلما كان يسميني في بيت جدي القديم حين كان يريد أكل الحمام وحفنة التمور كي لا يمسكه جدي - علمت الرقص ؛ الصالصة مع صديقي الاسباني بابينو الراحل ، كان يستفزني دائما و دائم التغزل بالحسناوات ؛ كنت العربية الوحيدة التي لا تقبل غزله وتحدثه بلغة حادة رغم هذا كان يبتسم لي بحب ؛ يحب ان يتعلم اللغة العربية لأجل عشيقته العربية كانت تجرده بسهولة نحوها لكن المسار كان مسطر مثلما تقول هي ؛ بليندا كانت فتاة عربية حسناء فاتنة جدا تمتاز بسمرة ثاقبة للعيون لامعة كلما حطت العيون عليها دهشة لملامح وجهها وكأنها فاتنة هندية ذات عيون واسعة كالخيل وجدائل تلامس الخصر بنعومة ، أسلم لأجلها لكن لم يتزوجها مثلما حلم هو لم يكن مريضا فقط سكتة قلبية - تعلمت بعض اللغة الايطالية من صديق الحي بوزيد الجنرال المتقاعد او المجنون كما يسميه اولاد الحي الجاهلين ، كنت أجالسه في الحديقة كي يعلمني الرياضيات واللغة بسهولة ، تعلمت منه الكثير ، أكثرها أن انسانيتي لم تذهب مني ولم انفر منه بالوقت الذي يحتاجه هو لأهله كنت أقارب عمر أطفاله المغربين ، لا يفوت صلاة إلا ويصليها هل المجانين يصلون مثله؟ رحل كذلك بسكتة قلبية بعد الفجر - والدي الأسمر القائد الصارم بكل شيء ، كنت أحزن لشدته او قوته لكن بعد مرور الوقت أعلم أنه كان يعلمني الكثير من الشدة التي يفعلها لنا كي نبكي او نخاف لكن نتعلم بطريقة أخرى لست ناكرة لفضله لأمور تحسن بها الحال ، كان والدي يتركنا في الغارق كي نتعلم السباحة ؛ يعطينا الامان اننا معه وان الثقة كلها أمامنا لكنه كان يتركنا نتخبط في الغارق حتى نتقدم نحوه وننجي أنفسنا ، بهذه الفعلة تعلمنا كلنا السباحة والغطس لدقائق طويلة كذلك تعلمت صغيرتي نور بهذه الطريقة لكن هي كانت احسن منا بكثير لأنها كانت تعشق البحر ولا تهابه وهي طفلة ذات السنة تحب ان تسبح معنا في الغارق بين امواج عالية ، أصبحت الان سباحة محترفة تسابق الاجيال الاكبر كلما رأيتها تسبح بين الصخور أبتسم بقوى لدرجة الهستيريا وكأنها ليست طفلة ذات الاربع سنوات تمسك بالسمكة والسرطان البحري - جدتي الشقراء الفاتنة ابنة الأوراس الشاوية ، كانت عازفة ناي محترفة كلما عزفت شعرت بحنجرتي مجروحة بعزفها الحاني والدافئ ، حاولت التعلم منها الكثير لكنني فشلت ، تعلمت من الخال الاكبر العزف على ألة الكمان خفية عن والدي لأنه لا يحب هذا المجال او هذه العادة فهو يخاف ان نصبح وان نهوى الموسيقى وننحرف كما يقول هو او كما باقي الاباء قصصت على طبيبي كل هذا ولازال مصرا انني فتاة أخاف جدا حد الفوبيا وانني اهلوس من شدته أو أن المرض تسرب نحو عمقي ، قلت له لا أخشى الموت فقد وصلته وحمدت الله على النجاة ربما دعوات أمهاتي لي ثلاث أمهات جميلات جدتي أكبرهم توسطهم زوجة عمي الاكبر وأمي البيولوجية طلبت منه ان نذهب لمكان أحبه جدا ان لم يمانع طبعا وانني أنا من سيقود ؛ قبل طلبي ؛ أخذت مفاتيح سيارتي من أخي الوسط سألته هل تخاف من قيادة المرأة ؟ ابتسم بهدوء ثم قال لا أخاف بناتي الثلاث يقدن جيدا أحسن من الرجال؛ ابتسمت له مبدية فخري بهن، عدت عليه السؤال بطريقة أخرى هل تخاف السرعة ؟ رد قائلا لا اخاف حين يكون السائق محترف او يعرف السياقة ، ابتدئ يشعر بقلق من أسئلتي قلت له هل أقلقتك أسئلتي هذه ؟ هز برأسه انها ليست مقلقة أبدا وانه مستلطف الحديث معي ، لكني استأذنته بأنني سأزيد السرعة وأن يقول لي رأيه حين تزداد سرعتي وجنوني ، ابتسم لي قائلا لا تستطيعين وجسدك منهك من الحرارة والإرهاق ، طلبت منه الابتسامة فقط وان شعر بتوتر سأوقف السيارة بطلب منه تعدينا شوارع العاصمة حتى بدأ الطريق السريع يدخل بين عيناي ، ابتسمت له ثم قلت من يقود السيارة نصفه مجنون ونصفه الاخر ميت لو اغتالته الحديدة التي يركبها ؛ لم أشعر بنفسي إلا وانا ازيد في عداد السيارة حتى يشعر بالضغط الذي فعله لي في المستشفى وانني طفلة مدللة وخائفة من الموت والمرض ، حاولت ان اوصل له من يحب القيادة والسرعة لا يهاب شيء فقط التقدم للأمام، لم أشعر بنفسي مرة اخرى اجدني بين السيارات ألعب كالصغار كي أتخطى الواحدة تلوى الاخر كي أبين له ما معنى الخوف وما معنى الشجاعة حين تسكنك بدون الموت ولا مرض طلب مني التوقف ؛ تقبلت طلبه بسرور وابتسامة ماكرة قاصدة بها الكثير من الخبث قال كيف لك ان تقودين هكذا ؟ انا رجل لا اجيد ما تجدينه تقودين كالمجانين وكأن الموت ليس موجود ،؟ وكأن السيارات مجرد أحجار في الطريق؟ هززت برأسي ؛ أنها نعم كذلك وانني اريد ان اوصل له ان الموت والمرض ليس شيآن مضران بالصحة والحياة كانت أول مرة اكتشف بها ان بعضهم جبناء لا يصلحون للحياة والجنون فقط للثرثرة والتعقيم وإبداء الامر وكانت المرة الثانية حين أكملنا طريقنا نحو المقبرة كي أريه اين ترقد أمي ، وان المقبرة جنة هادئة ينام فيها المرتاحون ليس الراحلون بل هم باقون في قلوبنا ، وقتها علمت انه يخاف دخول المقبرة وانه جبان فقط عصبت جبينه كاذبة حين يفعلها للمرضى كيف له ان يخاف المقبرة والدخول إليها ، طمأنته انها لا تأخذ أحدا حين يدخلها فقط بأن يدعي للنائمين فيها سترتاح روحه وتشعر بالاطمئنان ، كنت أشعر بتوتره وبشتائم تصل السماء كيف له ان يسير معي وجنوني الذي اوصله إلى مكان يهابه كثيرا ويرعب قوته ورجولته طلبت منه التقدم ، جعلته يرى ان المقبرة هادئة لا تخيف بها طيور تغرد وبها أشجار تظل النائمين أوصلت له فلسفتي او رؤيتي للمقبرة كيف تكون ليست صماء بل ناطقة بكل جمالها ، جعلته يجلس أمام قبر أمي وان يلقي عليها السلام ، ابتسم بخوف شديد هل تمزحين معي يا فتاة ؟ كيف القي عليها السلام هي ميتة ، صرخت بوجهه هي ليست ميتة فقط نائمة لا تستفزني وإلا قلت لك سوف تقوم وتقبلك وتحضنك ، هرع كثيرا وأصفر وجهه لدرجة انه طلب مني المغادرة لا نه يريد الدخول للمرحاض ، ابتسمت بتهذيب أمامه كي اوصل له انني لا أخيف فقط أنني أؤمن بكل شيء خلقه الله وأتعايش معه بسلام فقط نحن من نصنع الخوف بدواخلنا ،مثل المرض ليس بسيئ هو مجرد عابر سبيل.