بعد سلسلة التخفيضات التى شهدها حجم الاحتياطى الأجنبى ، أعلن البنك المركزى منذ بضعة أيام قلائل عن ارتفاع الاحتياطى النقدى للمرة الاولى منذ خمسة شهور بنحو 73 مليون دولار ليصل إلى 17.104مليار دولار مقابل 17.031 مليار دولار فى ديسمبر الماضي، الأمر الذى أعطى تفاؤلاً بين الأوساط الاقتصادية والمصرفية حولاستعادة الاقتصاد المصرى لوضعه المالى القوى من جديد، فضلاً عن أن هذا الأمر قد يساهم فى اهتزاز عرش الدولار خلال الفترة المقبلة واستعادة الجنية المصرى لقوته من جديد. لذا استطلعت « النهار» آراء عدد من الاقتصاديين والمصرفيين حول ما هية الأسباب التى أدت لارتفاع الأحتياطى الأجنبى بالبنك المركزي، وما السبل التى لابد على المركزى إتباعها للحفاظ على الأحتياطى الأجنبى أو العمل على رفعه، وهل ارتفاع حجم الاحتياطى الأجنبى سيساهم فى تقليل معدلات الاقتراض لمصر؟... وجاءت إجابتهم خلال السطور المقبلة. فى البداية أكد الدكتور أحمد آدم ، الخبير المصرفي، أن ارتفاع حجم الاحتياطى الأجنبى خلال هذه الأيام جاء نتيجة زيادة حجم الصادرات من السلع والخدمات، فضلاً عن استعادة قطاع السياحة لعافيته من جديد إذ زادت معدلات السياحة الداخلية والوافدة لاسيما بعدما قامت عدد من البلدان الاأجنبية برفع حظر السفر لمصر، كإيطاليا واليابان وغيرها. وأضاف آدم أن رفع الاحتياطى الأجنبى يعد نتيجة طبيعية جراء رفع معدلات النمو الإقتصادى هذا بجانب المساعدات العربية التى حصلت عليها مصر من بعض البلدان العربية وبالأخص السعودية، لافتاً إلى أن رفع الاحتياطى الأجنبى يعد بداية الطريق لاستعادة الجنية المصرى لمكانته واهتزاز قيمة الدولار وباقى العملات الأجنبية . العطاء الاستثنائى وأوضح آدم أن الاحتياطى الأجنبى ارتفع خلال هذه الأيام بفضل المساعدات النقدية الجديدة التى قدمتها المملكة العربية السعودية لمصر ، والتى تقد بنحو 2 مليار دولار، والتى ساهمت فى تمويل العطاء الاستثنائى الذى قام البنك المركزى بطرحة منذ بضعة أيام قلائل وأدت على الفور لرفع الاحتياطى واستقرار فى سوق الصرف وأضاف أدم أن ارتفاع الاحتياطى الاجنبى يؤكد مدى قدرة الاقتصاد المصرى فى استقطاب واجتذاب عدد كبير من الاستثمارات الأجنبية التى لعبت دوراً كبيراً فى توفير العملات الدولارية التى يحتاجها الجهاز المصرفى فضلاً عن أنها ساهمت فى توظيف الملايين من فرص العمل. وتوقع آدم أن تحدث زيادة أكبر فى معدل الأحتياطى من النقد الأجنبى عقب إجراء الانتخابات الرئاسية، مؤكداً أن الاستقرار السياسى الذى حدث بعد إقرار الدستور قد يكون طرفاً أساسياً فى تحقيق الزيادة فى الاحتياطى الأجنبي. استعادة الجنيه بينما أكد الدكتور احمد رشدى ، الخبير المصرفي، أن ارتفاع الاحتياطى الأجنبى يعطى نوعاً من الطمأنينة بقدرة البنك المركزى على توفير الاحتياطات اللازمة لعمليات الاستيراد خلال الفترة المقبلة وبالأخص استيراد السلع الأساسية والاستراتيجية التى تحتاجها الدولة، موضحاً أن هذه الزيادة خلال هذه الأيام قد تلعب دوراً إيجابياً فى استقرار سعر الصرف، بجانب العمل على استعادة الجنيه لقيمته أمام العملات الأجنبية. واضاف رشدى أن ارتفاع الأجنبى يعطى الفرصة أمام البنك المركزى للتخلص نهائياً من المضاربين بسوق العملات والتخلص نهائياً من السوق السوداء للدولار، موضحاً أن الزيادة التى حدثت بحجم الاحتياطى الأجنبى تعكس مدى قدرة البنك المركزى فى اتباع سياسة نقدية رشيدة فى إدارة النقد الأجنبى ، ودعم المشاريع والقطاعات التى تضخ العملات الأجنبية كقطاع السياحة والتصدير والطيران المدنى وغيرها. وتابع رشدى حديثه ل» النهار» قائلاً إن مصر حصلت على مساعدات عربية من السعودية والامارات خلال هذه الأونة، فضلاً عن زيادة موارد قناة السويس أثرت بالإيجاب على رفع حجم الأحتياطى الاجنبي، متوقعاً ان حجم الاحتياطى سيشهد حالة من الاستقرار النسبى لحين تنفيذ خارطة الطريق واجراء انتخابات الرئاسة ، موضحاً أن ارتفاع حجم الاحتياطى يعطى مؤشراً جيداً بزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية ونمو سوق البورصة خلال الفترة المقبلة. وأوضح رشدى أن رد البنك المركزى لوديعة قطر فى سبتمبر الماضى ليس السبب وراء خفض الاحتياطى الاجنبى خلال الخمسة أشهر الماضية، وذلك لأن الوديعة الكويتية التى حصلت عليها مصر فى نفس الشهر جعلت البنك المركزى قادراً على سداد وديعة قطر وبالتالى لم يؤثر ذلك بالسلب على الاحتياطى الأجنبي. واشار رشدى إلى أن الزيادة الطفيفة على الاحتياطى الأجنبى سيكون لها مردود إيجابى فى توفير وتلبية كافة طلبات المستوردين، الأمر الذى سيؤدى بالضرورة لزيادة الاعتمادات المستندية ، وبالتالى يؤكد لزيادة الجدارة الائتمانية للشركات الاستيرادية فى البنوك لذا لابد على البنك المركزى أن يبذل قصارى جهده فى الحفاظ على معدلات النمو للاحتياطى الأجنبى والسعى دائماً لرفعه. انتعاش السياحة بينما يرى مصطفى السيد كامل أستاذ الاقتصاد السياسى بكلية الاقتصاد جامعة القاهرة، أن المساعدات العربية التى تلقتها مصر عقب ثورة 30 يونيو كان سبباً وراء ارتفاع الأحتياطى الأجنبي، إلا أنه سرعان ما انخفض جراء تفاقم نشاط شركات الصرافة الإخوانية فى الاستحواذ أكبر كميات دولارية فى السوق، موضحاً إلى أن المركزى نجح مرة أخرى فى رفع حجم الاحتياطى من النقد الأجنبي. وأضاق كامل أن رفع 20 دولة حظر السفر إلى مصر ساهم بشكل كبير فى انتعاش قطاع السياحة ، إذ ان هذا القطاع يعد من أكثر القطاعات التى تدر عملات أجنبية تساهم فى رفع الأحتياطى الأجنبي، لافتاً إلى أن رفع حظر السفر لمصر ساهم فى زيادة عدد الوفود السياحية لمصر وبالتالى ساهم فى توفير العملات الدولارية. واوضح كامل أن دعم وتنشيط السياحة الداخلية والخارجية ساهم بشكل كبير فى توفير العملة الصعبة، اللازمة للعمليات الاستيرادية وتحريك عجلة الاقتصاد ونموه، وطالب البنك المركزى بضورة العمل على توظيف العملات الأجنبية بشكل جيد داخل الجهاز المصرفى بأكمله ، وان يقوم بتنفيذ عدد من المشروعات التمويلية التى تساهم فى زيادة الدفقات المالية من العملات الأجنبية . وتوقع كامل حدوث زيادة أكبر فى معدلات الاحتياطى الأجنبى خلال الفترة المقبلة فى ظل سعى حكومة الدكتور حازم الببلاوى فى تنفيذ خارطة الطريق وبالأخص عقب إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، موضحاً أن استقرار الأوضاع السياسية يساهم فى تعافى قطاع السياحة بشكل كبير ومن ثم يؤدى لزيادة حجم التدفقات النقدية الواردة لهذا القطاع ويساهم فى توفير السيولة النقدية الأجنبية بالبنك المركزي. الاستقرار هو الحل بينما أكدت الدكتورة بسنت فهمى ، الخبيرة المصرفية، أن الارتفاع الطفيف للإحتياطى نجم عن عدم سداد الحكومة لأية التزامات خلال الشهر الحالي، موضحةً أن حجم الإحتياطى الأجنبى مرتبط بحجم الألتزامات المالية على الدولة وحجم التدفقات المالية التى تدخل للدولة ، إذ ان الزيادة جاءت من نمو الموارد الحالية كقطاع السياحة والاستثمارات وزيادة الصادرات. وأضافت فهمى أنه من أجل زيادة حجم الاحتياطى الأجنبى خلال الفترة المقبلة لابد على الحكومة أن تسعى لزيادة حجم الصادرات ، وأن تقوم باجتذاب الاستثمارات الأجنبية ، وأن ترتفع معدلات النمو بقطاع السياحة وكل هذا لن يتحقق سوى بتحقيق الاستقرار الأمنى والسياسى للبلاد.