الأدب والأخلاق وصية قالها الإمام مالك رحمة الله عليه لأنه أدرك فضل الأدب منذ صغره، فقد كان يقول: "كانت أمى تعلمنى وتقول: اذهب إلى ربيعة "وهو ربيعة الرأى شيخ الإمام مالك" فتعلم من أدبه قبل علم"، هذه كلمات تفوح عطرا لو أدركها كل طالب من طلابنا لتغير حال مدارسنا من الأسوأ إلى الأفضل ولسبقنا الأمم والشعوب فى كل المجالات. هذه الوصية طبقها جيل الستينيات من الطلاب داخل المدارس سواء فى تعاملهم مع بعضهم البعض أو فيما يتعلق بتعاملهم مع المعلمين، كان احترام المعلم وتوقيره، قبل عقود ليست بالبعيدة ظاهرة بارزة، فهيبته لا تعدلها هيبة، ويحظى بأقصى درجات الاحترام ولكن لكل زمن قوانينه، ومن الطبيعى أن يكون مدرس الأمس مختلفا عن معلم هذه الأيام، كما أن ظهور التقنيات العلمية تفرض تحدياتها وتلزم بوجود طرق جديدة فى التعليم ونمط جديد من التعامل بين المعلم والطالب. سلوكيات مختلفة تفشت داخل المنظومة التعليمية وسلوكيات عديدة ظهرت فى الآونة الآخرة للطلاب، خاصة بعد أحداث ثورة 25 يناير وحالة الانفلات الأمنى التى شهدتها البلاد. "يابن كذا وكذا" هى ألفاظ لطلاب المدارس أصبح الطالب يتمسك بها ويدعى الضحك والتسلية مع أصدقائه داخل الفصل بها، وكأنها أصبحت دستورا فى حياته، ونسى منظومة الأخلاق التى يجب أن يتحلى بها كطالب علم. يسرد طالب بالصف الثانى الثانوى بمدرسة بالجيزة، بعض المشاهد لزملائه سواء قبل خروجهم أو داخل الفصل فيقول: "الطلاب يقومون بتوجيه السباب والشتائم، سلوكيات باتت تهدد مستقبل التعليم فى مصر بعد أن أصبح التعليم آخر اهتمامات المسئولين. ويوضح الطالب عبيدة، أن تعامل الطالب مع مدرسيه أصبح بلا احترام أو تقدير وليس كالأجيال السابقة التى عرفت حقوق المعلم وقدره، ناهيك عن تعامله مع زملائه "فأصبح سب الدين" لأبسط خلاف بين زميل له وكأن الرجولة أصبحت بسب الدين. ومن العجائب والغرائب أن ترى سب الوالدين بأقبح الألفاظ أصبح مزاحاً وكلاماً عاديا لا بأس به دون أن يغار على والديه وكأنه نسى ما لهما من فضل عليه، فتجد العبارات تخرج من أفواه أطفال على وجهوهم البراءة ما هو إلا شىء يدمى الجبين ويقطع القلوب. ◄أسباب تحول سلوكيات الطالب الانفلات الأخلاقى الذى تعيشه المدارس له مجموعة من الأسباب حسب ما أكده الدكتور كمال مغيث الخبير التربوى، أولها، شعور الطالب بأن المدرس بمثابة عامل لديه، بعد أن سيطرة الدروس الخصوصية على عقول المعلمين وهو ما نتج عنه أن الطالب ينظر إلى المعلم بأنه أداه فى يده يمنحها الخير والرزق، وبدونه لا يستطيع أن يعيش حياة كريمة تتناسب ودوره كمربى أجيال فى الوقت الذى يشعر فيه المعلم بأنه ذليل الحاجة فى ظل تدنى مستوى الأجور. وتعد البطالة أيضا عاملا مؤثرا فى انتشار تلك الأخلاقيات، وذلك من خلال شعور الطالب بأن المدرسة ليست مكانا لإنشاء جيل جديد قادر على الحصول على فرصة عمل، وبالتالى ينظر إليها إلى وكأنها أحد الملاهى الليلة أو مقهى للجلوس عليها هو وأصدقاؤه للاستمتاع والهرج والمرج. ◄نماذج من الواقع الانفلات الأخلاق وسلوكيات الطلاب لم تقف عند حد تعدى الطالب على المعلم باللفظ أو القول، بل وصل الأمر إلى حد الاشتباك بالأيدى وقيام الطالب بتمزيق ملابس المعلم بمدرسة غمرة الثانوية الصناعية، بعد أن رفض المدرس تغشيشه أثناء الامتحان. هذه واقعة لم يتعدَ عليها سوى أيام قليلة من كتابة هذه السطور، وشهدت مدرسة بنها الثانوية العسكرية مشاجرة عنيفة داخل لجنة امتحان الصف الأول الثانوى خلال امتحان مادة الأحياء أسفرت عن بتر إصبع طالب بعد رفضه تغشيش زملائه باللجنة، مما أدى إلى اندلاع مشاجرة بينهم وإصابة 4 طلاب بإصابات مختلفة. وكشف تقرير صادر عن حقوق الإنسان خلال الأيام القليلة الماضية عن ظهور حالة عنف فى المدارس، ما بين عنف بين طالب وزميله، أو عنف بين مدرس وتلميذ، أو عنف من ولى الأمر ضد المدرس أو العكس، إلى جانب اغتصاب 7 تلاميذ لصديقهم، بالإضافة إلى طالب يطعن زميله بمطواة عقب درس خصوصى. وقال معلم بإحدى مدارس محافظة الجيزة، إن بعض الطلاب يحملون أسلحه بيضاء داخل طيات ملابسهم، الأمر الذى يدفع المدرس إلى الخوف من التعامل مع الطلاب وخاصة مدارس التعليم الفنى. وأضاف المعلم أن الطلاب لا يمكن السيطرة عليهم، فكلما اتخذت إجراء ضده كلما زاد عنفه وعناده معنا. وظهرت تلك الواقعة جليا أثناء امتحان طلاب الثانوية العامة العام الماضى بإدارة الحوامدية التعليمية، حيث رصدت بعض المواقع الإلكترونية قيام بعض الطلاب بتهديد المعلمين لإجبارهم على الغش داخل اللجنة، وقيامهم بإلقاء المقاعد من الطابق الخامس بإحدى المدارس. ◄السجائر والأفلام الإباحية لم يقف فساد الأخلاق عند الطلاب إلى حد التعدى على المدرسين أو بعضهم، بل وصل الأمر إلى استخدام الطلاب الفصول والمدرسة كوسيلة للممارسة "الكيف" من تدخين السجائر، داخل وخارج المدرسة. ويسرد طالب بالصف الثالث الثانوى بعض تلك الوقائع فيقول: " هذه الأمور تتكرر كثيرا بين الطلاب خاصة داخل الفصول، موضحا أن الكارثة ليست فى التدخين بل فى مشاهدة الأفلام الإباحية عن طريق استخدام التليفون المحمول أثناء شرح المدرس بجلوس الطالب فى مؤخرة الفصل، بالإضافة إلى تخفى الطالب فى مكان لا يراه أحد وذلك فى ظل غياب المسئولين بالمدارس". وأضاف الطالب أن بعض الطلاب بالمرحلة الثانوية يدخنون الحشيش داخل المدارس بالحمامات، لافتا إلى أن معدل انتشار الظاهرة بين الطلاب وصل إلى ما يقرب من 5%. ◄طالب الثانوية وعلاقته بالبنات تعد مرحلة الثانوية من أصعب المراحل التى يمر بها الطالب فى حياته الدراسية، تضم مرحلة البلوغ والحب وتحصيل دروسه. ويحرص الطالب فى تلك المرحلة أن تكون لديه إنسانة يرتبط بها عاطفيا لسد الفراغ الذى يتولد لديه نتيجة مروره بمرحلة البلوغ، وهذا الأمر أيضا تجده لدى البنت فهى أيضا حريصة على أن إيجاد شخص يهتم بها ويبادلها نفس الشعور. وتظهر هذه العلاقة بشكل كبير بين طلاب وطالبات المدارس التى يوجد بها اختلاط بين الجنسين، الأمر الذى يدفع كل منهما إلى تكوين علاقة الحب. ويتحول سلوك الطالب فى بعض الأحيان من مجرد خروجه يوميا من بيته للذهاب إلى المدرسة إلى الذهاب إلى مدارس البنات، لانتظارهن بعد انتهاء اليوم الدراسى من طلاب الثانوى ينتظرون البنات خارج المدارس لإشباع رغباته وتحقيق ذاته فى ظل غياب الأخلاق. ◄حلول تلك الظاهرة قدم بعد خبراء علم النفس حلولا لهذه الظاهرة على رأسها إقرار كتاب الأخلاقيات وتدريسه بشكل أساىسى لطلاب المرحلة الإعدادية والثانوية، بالإضافة إلى الاهتمام بكتاب التربية الدينية حتى يستطيع الطالب معرفة ما يقره دينه من أخلاقيات حسنة يجب أن يقتدى بها. وقال عبد الله أشرف الصاوى أمين اتحاد طلاب الجمهورية إنه نظرا لانتشار تلك الظاهرة قرر الاتحاد تنظيم ندوات تحمل اسما مختلفا، فى محاولة لتوعية الطلاب من هذه الأسماء" خليك سيد قرارك" لحث الطالب على ترك التدخين" وذلك بالتعاون مع جمعيات المجتمع المدنى.