تعرف على اسعار المكرونه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في المنيا    الحكومة تعلن البت في 1.97 مليون طلب للتصالح في مخالفات البناء    رئيس الوزراء يستعرض المخطط الهيكلي والرؤية التنموية لمنطقة "غرب رأس الحكمة"    تنميه تُعزّز ريادتها في أمن المعلومات بحصولها على شهادة ISO 27001 وتجديد شهادة PCI DSS للعام الثاني على التوالي    قوات الدعم السريع تسيطر على أهم حقول النفط في السودان    إسرائيل تنزل العلم الأممي من مقر الأونروا بالقدس الشرقية وترفع علمها    السجل بالكامل.. تعرف على نتائج ليفربول بدون محمد صلاح    تأجيل محاكمة سارة خليفة و27 آخرين في قضية المخدرات الكبرى ل 21 ديسمبر الجاري    وزير الثقافة يبحث مع نظيره الفلسطيني عقد مؤتمر للوزراء العرب لمناقشة التحديات التي تواجه الهوية الفلسطينية    ب100 مليار جنيه.. نتائج أعمال إيجابية ل "بنك بيت التمويل الكويتي – مصر" بنهاية سبتمبر 2025    البورصة تخسر 14 مليار جنيه في ختام تعاملات اليوم    بسبب الصيانة، قطع مياه الشرب 12 ساعة عن بعض قرى الفيوم    جامعة الفيوم تطلق البرنامج التدريبي "القيادة الإدارية المتقدمة" لمديري العموم والكليات    وثيقة الأمن القومي الأمريكية تعلن حربًا باردة من نوع آخر على التكامل الأوروبي    يغيب 4 أشهر.. ريال مدريد يكشف طبيعة إصابة ميليتاو    السعودية وقطر توقعان اتفاقية الربط بالقطار الكهربائي السريع بين البلدين    الأعلى للإعلام: تطوير المحتوى الرياضي ضرورة للارتقاء بالمهنية والموضوعية    أول تعليق من الزمالك على تصريحات وزير الإسكان بشأن أرض أكتوبر    بعد تعثر صفقة دياباتي .. الأهلي يكثف مفاوضاته لضم الكولومبي بابلو الصباغ    ندوة بالإسكندرية تحذر من العنف في الأعمال الدرامية والثقافة الأجنبية بوسائل التواصل    محافظ بني سويف يكرم مشرف بالإسعاف لإنقاذه عامل نظافة تعرض لتوقف تنفس مفاجئ أثناء عمله    لتعزيز التعاون بين القطاع القضائي والمؤسسات الأكاديمية، مساعد وزير العدل يزور حقوق عين شمس    فرقة القاهرة للعرائس تحصد جوائز مهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    تعليق ناري من محمد فراج على انتقادات دوره في فيلم الست    موجة تعيينات قضائية غير مسبوقة لدفعات 2024.. فتح باب التقديم في جميع الهيئات لتجديد الدماء وتمكين الشباب    حبس زوجين وشقيق الزوجة لقطع عضو شخص بالمنوفية    ضبط المدير المسئول عن إدارة كيان تعليمى "دون ترخيص" بالجيزة    جيرارد مارتن: أشعر بالراحة كقلب دفاع.. واللعب في كامب نو محفز    مسار يختتم استعداداته للبنك الأهلي في مواجهة مؤجلة بدوري الكرة النسائية    عاجل- الاحتلال الإسرائيلى يواصل خروقاته لوقف إطلاق النار لليوم ال59 وقصف مكثف يطال غزة    محافظ جنوب سيناء وسفراء قبرص واليونان يهنئون مطران دير سانت كاترين بذكرى استشهاد القديسة كاترينا    بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة فى حفظ القرآن للإناث الكبار.. فيديو وصور    الصحة: توفير ألبان الأطفال العلاجية بمراكز الأمراض الوراثية مجانا    4 بلاغات جديدة و«ناني».. ارتفاع ضحايا الاعتداء الجنسي من جنايني مدرسة دولية بالإسكندرية    وزير الثقافة: أسبوع باكو مساحة مهمة للحوار وتبادل الخبرات    أمطار شتوية مبكرة تضرب الفيوم اليوم وسط أجواء باردة ورياح نشطة.. صور    قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين في واقعة السباح يوسف    وزارة العمل تحتفي باليوم العالمي لذوي الإعاقة بجمعية المكفوفين    المقاولون عن أزمة محمد صلاح : أرني سلوت هو الخسران من استبعاد محمد صلاح ونرشح له الدوري السعودي    أخصائي تغذية: العسل الأسود أهم فائدة من عسل النحل    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا    محمود جهاد يقود وسط الزمالك في لقاء كهرباء الإسماعيلية    وزير الإعلام الكمبودى:مقتل وإصابة 14 مدنيا خلال الاشتباكات الحدودية مع تايلاند    وزير الزراعة يكشف موعد افتتاح «حديقة الحيوان» النهائي    رئيس الوزراء: مصر تتوسع في البرامج التي تستهدف تحقيق الأمن الغذائي    كامل الوزير يوجه بإنشاء محطة شحن بضائع بقوص ضمن القطار السريع لخدمة المنطقة الصناعية    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    جمهور نيللي كريم يترقب دراما رمضانية مشوقة مع "على قد الحب"    أعضاء المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" يزورون المتحف المصري الكبير    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    علاج 2.245 مواطنًا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التهجيص السياسى فى مصر .. من طائر النهضة إلى أبلة فاهيتا
نشر في النهار يوم 22 - 01 - 2014


زمن «التهجيص»
من أكاذيب الإخوان و«فبركات» الإعلام إلى مؤامرات السلطة وكوميديا الأحزاب الفاشلة
«الهجص» منتج مصرى بامتياز.. يتغذى على الخوف وينمو فى غياب المعلومات والشفافية والكفاءات ويمارسه كل سياسى وإعلامى محدود المعرفة غير قادر على تحقيق إنجاز على أرض الواقع
مصر عاشت 3 سنوات فى بحر الهجص من ظهور سيدنا جبريل وإسقاط الإخوان للأندلس وسيطرة التنظيم الدولى على البيت الأبيض وتجسس أبلة فاهيتا ومؤامرات عكاشة
زى شكة الدبوس تمام
مجموعة من الكلمات الفارغة، والقصص المفبركة، ووجهات النظر المتطرفة، يتم عقد قرانها على بعض السخافات والأكاذيب والتأويلات والألغاز الكوميدية، ثم يتم ضربها فى الخلاط بصحبة عدد شخص قادر على أن يهذى بأى كلام فى أى كلام، ويأتيك بكذبة من هنا، وكذبة من هناك، ليصنع قصة مؤامرة كونية خطيرة يدبرها الأشرار بحواجبهم الكثيفة، وضحكاتهم الشريرة فى القبو المظلم، وبعد أن يضاف إلى ما سبق مقدار كوب من الوعود والتصريحات الوردية، تحصل بسهولة على طبق من الهجص المتكامل..
والهجص يا سيدى شراب يشبه «الفخفخينا» من حيث تداخل عناصر متعددة فى صناعته، لكن تختلف أيدى صانعيه.. «الفخفخينا» يصنعها الحاج فرغلى بتاع العصير، والهجص تصنعه مجموعة من الحجاج والأسطوات منحهم القدر فى لحظة ضعف مناصب إعلامية وسياسية، ولأن عقولهم خاوية، وبصيرتهم السياسية لم تفلح معها علاجات العيون أو الضمائر، لا يحصل المصريون منهم فى الليل أو النهار سوى على الهجص.. هجص على شكل كبسولات إعلامية، وهجص على شكل أقراص سياسية مخدرة ومهدئة.. هذا فقط ما يستطيع أن يقدمه إعلاميون بلا مؤهلات ثقافية أو فكرية، وسياسيون بلا خبرة أو وطنية، مجموعة من الأكاذيب والفبركات والوعود التى تضمن لهم بقاء جماهيريًا دون أى فعل حقيقى على أرض الواقع، ومن هنا أطلت علينا حقيقة السنوات الأخيرة فى عمر مصر المحروسة بشعار «إحنا فى زمن التهجيص»..
والتهجيص يا سيدى اختراع مصرى أصيل يقولون هجص، والفاعل منه اسمه «هجّاص».. لفظة عامية يستخدمها المصريون لوصف الشخص الذى يتكلم كثيرًا، ويكون كلامه كثيرًا وفارغًا لا معنى له، ولا سبيل إلى تطبيقه أو تحويله إلى إنجاز ملموس على أرض الواقع، وللكلمة أصل فى التراث المصرى يعود إلى اللغة المصرية القديمة، ولها مرادف فى اللغة الإنجليزية Hoax أى الخدعة أو الكذب المضحك أو الساذج، وفى المناطق البحثية القليلة التى تعرضت لأصل الكلمة وتاريخها اجتمع الجميع على شىء واحد فقط، هو أن الهجاص لفظة يتم إطلاقها على الشخص المحدود المعرفة، أو الجاهل، أو الساذج الذى يلجأ للتأويل واللف والدوران، وخلق القصص المكذوبة لأنه لا يملك شيئًا حقيقيًا يقدمه للناس.
وبالنظر إلى ما سبق من أصل تاريخى وتعريف لغوى واجتماعى للهجص والتهجيص والهجاصين، وتطبيقه على ما يفعله أهل السياسة والإعلام فى مصر خلال الفترة الحالية، تكتشف أننا نعيش وبجدار مرحلة لها عنوان واحد هو «مرحلة التهجيص السياسى».
كل لما تتزنق.. اقلع
أنت سمعت تلك العبارة فى مسرحية «مدرسة المشاغبين»، ولكن بعض التعديلات قد أصابتها، وأصبحوا يقولونها فى حاضرنا المصرى هكذا: «كل لما تتزنق.. هجص»، هذا ما يفعله السياسيون والإعلاميون الكبار الآن، تسمع الإخوان وهم يهجصون على أبناء تنظيمهم بأن مرسى سيعود قريبًا إلى القصر الرئاسى، وتسمع قيادات الجماعة وهى تنشر للعالم أجمع أخبار وفاة السيسى فى حادث اغتيال، وحينما يظهر الرجل على الهواء مباشرة يقولون إنه الدوبلير، ثم تفاجئك الجماعة بخطابات وتصريحات أخرى عن مسؤولية السيسى عما يحدث فى مصر الآن، لتجد نفسك أمام جماعة تتهم شخصًا بأنه ميت، وبأنه فى الوقت نفسه يقف وراء قتل أبنائها فى الشوارع.. لحظات التهجيص الإخوانى تجلت منذ اللحظة الأولى لوصول مرسى إلى الحكم، سواء بإصرار مرسى نفسه على أن الكهرباء يتم قطعها بسبب عامل مرتشٍ يحصل على 20 جنيهًا فى المرة الواحدة، أو بإيمانه بأن بلطجيًا فى المنصورة وآخر فى الشرقية هما سبب تعطيله عن إنجاز ما وعد الشعب به. وفى إطار التهجيص الإخوانى يمكنك الإشارة وبجدارة إلى الهجصة الإخوانية الكبرى الخاصة بمشروع النهضة، وبأن مصر ستصبح من أكبر 10 اقتصاديات كبرى فى العالم خلال عام واحد من حكم مرسى، ثم يتجلى الهجص الإخوانى ويبلغ مداه مع كلمات عبدالرحمن البر، مفتى الجماعة، الذى أكد فى أكثر من موقع أن تحرير القدس سيتم على يد الدكتور مرسى وفقًا رؤيا أحد الحاخامات اليهود الذى تنبأ بأن يتناوب على حكم مصر بعد عبدالناصر ثلاثة يحملون اسم «محمد»، وأن الثالث بينهم- أى الدكتور مرسى- سوف يفتح القدس، وينهى دولة إسرائيل، ويتطور الهجص الإخوانى إلى مرحلة الإيمان بأن سيدنا جبريل كان يصلى بجوارهم فى رابعة العدوية.
التهجيص لم يقف عند الإخوان فقط، بل امتد إلى القوى الثورية والأحزاب السياسية التى ظلت تعد الناس بأن الجنة ستقوم على أرض مصر خلال أيام، ثم فاجأوا الناس بأنه لا أحد فيهم يملك برنامجًا سياسيًا أو اقتصاديًا مكتوبًا وواضحًا. وتجلى التهجيص المدنى فى الادعاء المستمر بأن الشعب المصرى لا يعرف من الديمقراطية سوى السكر والزيت، وبأن العالم كله يشترك مع الإخوان فى مؤامرة على مصر، وبأن التنظيم الدولى للجماعة يتحكم فى البيت الأبيض، ثم يأتى التهجيص الإعلامى ثالثًا فى ترتيب الهجاصين بفضل أشخاص مثل توفيق عكاشة، وأحمد موسى، وحياة الدرديرى، وأحمد سبايدر، وقائمة طويلة من المذيعات الجاهلات اللاتى لا يجدن شيئًا يقدمنه للناس سوى الحديث عن مؤامرات داخلية وخارجية، ونمو أنياب طويلة لشباب الإخوان المسلمين، وأن الإخوان أسقطوا الأندلس، وأن كرة أرضية كبيرة أسفل منصة رابعة يتم تعذيب الناس فيها دون تقديم أى دليل على الادعاءات الإعلامية السابقة.
ويمتد التهجيص إلى عالم الشيوخ الذين نشروا خرافات زواج الإنس والجن، وإسلام الجان على الهواء مباشرة فى بعض الفضائيات الدينية، وفتاوى تحريم ميكى ماوس ولعبة «البوكيمون»، وتحريم جلوس النساء على الكراسى، وتحريم شراء شجر الكريسماس، وباقى قائمة الفتاوى الغريبة والمضحكة.
وبعيدًا عن رصد التهجيص والهجاصين تعال نسأل: لماذا انتشر التهجيص؟ ولماذا أصبح للهجاصين شعبية ومريدون؟
العامية المصرية التى أنبتت تعبير هجاص بمشتملاته كانت عظيمة جدًا حينما أخذت من اللغة الفصحى بعضًا من المعانى وأضافت إليها وطورتها.. الأمر فى أصله يعود إلى الخوف، إلى الهواجس التى تطاردنا فى كل زمان ومكان. وتسيطر علينا وعلى عقولنا، ولأننا نفتقد أدوات مواجهتها علميًا وواقعيًا فلا يجد البعض منا سوى سلاح الهجص ليرفعه فى وجه مخاوفه، هو يخشى من عودة الإخوان فينطلق بالتهجيص عن المؤامرات الكونية والماسونية.. والإخوان يخشون من فقدان السلطة والسجون فينطلقون بالتهجيص حول الكفار والملحدين والعلمانيين الذين يتآمرون ضد الإسلام، وحول سيدنا جبريل الذى أنزله الرحمن لتأييد محمد مرسى.. وبعض الإعلاميين يخشون فقدان رضا السلطة، ويخشون افتضاح جهلهم فيلجأون لترديد الحواديت والحكايات المجنونة التى يتداولها البعض على صفحات الإنترنت.. والسلطة تخشى استيقاظ عقول الناس فتنطلق بالتهجيص عليهم، واختلاق كل الحكايات والقصص الممكنة التى تشغلهم عن التفكير فيما يحدث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.