تبدو الأمور فى تونس تتجه نحو أفق مسدود فى ظل الخلافات المتصاعدة بين القوى السياسية وعدم الوفاق حول الحكومة الجديدة ، حيث لم تفض المحادثات المكثفة التى يجريها رباعى الوساطة بالحوار الوطنى فى تونس لاتفاق حول استئناف الحوار الذى تجمد قبل شهر تقريبا بين الأحزاب، رغم أن الاتحاد العام التونسى للشغل، أحد أطراف الرباعي، قد أعلن عن الاقتراب من حصول توافق. وكان الأمين العام للاتحاد العام التونسى للشغل حسين العباسى قال إنه سيتم تحديد موعد استئناف الحوار، الذى تعطل منذ الرابع من نوفمبر الماضي، لكنّ التجاذبات الحزبية لا تزال تشكل عائقا أمام الاتفاق حول عودة الحوار. وبينما يؤكد ممثلو حركة النهضة أن تنظيمهم متشبث «بالمستيري» رئيسا للحكومة لتحقق شروط الاستقلالية ودعم الثورة، وأنهم منفتحون على مرشحين آخرين إذا توفرت فيهم المقاييس نفسها، أوضح الأمين العام المساعد باتحاد الشغل بوعلى المباركى أن «الأمور أصبحت صعبة جدا» بسبب تمسك كل طرف سياسى بموقفه بشأن تعيين رئيس حكومة جديد سيشرف على إدارة الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية حتى إجراء انتخابات. ورشحت الأحزاب المشاركة بالحوار عدة شخصيات لرئاسة الحكومة، بينها «محمد الناصر» وزير الشؤون الاجتماعية السابق وعبد الكريم الزبيدى وزير الدفاع فى عهد حكومة الباجى قايد السبسي، فيما دعمت حركة النهضة، التى تقود الائتلاف الحاكم، ترشيح الوزير السابق أحمد المستيرى (88 عاما). وفى ظل انسداد مسار الحوار يقول المباركى ان «كل الاحتمالات أصبحت واردة»، مرجحا أن تشهد الأيام المقبلة تحديد موعد استئناف الحوار أو الإعلان عن فشله، وبالتالى «تعمّق الأزمة» الحالية، مشيرا إلى أنّ رباعى الوساطة سيعلن فى حال فشل الحوار عن الأطراف المسؤولة عن ذلك. وحول إمكانية تصاعد حالة التوتر بالبلاد يقول القيادى بحزب العمال المعارض الجيلانى الهمامى إنّ «تمسك حركة النهضة بمرشحها المستيرى دون تقديم مرشح آخر سيفشل الحوار وسيقود البلاد لأزمة حادة على جميع المستويات حيث ترفض المعارضة الدخول فى حوار قبل التوافق على رئيس حكومة جديد. من جهته قال الناطق باسم حركة النهضة «زياد العذاري» إنّه «لم يحصل حتى الآن اتفاق بين الأحزاب على استئناف الحوار»، مؤكدا أن المشاورات ما زالت مستمرة مع رباعى الوساطة لكنها تسير ببطء. وأوضح أن المشاورات الأخيرة التى جمعت رئيس الحركة راشد الغنوشى مع الأمين العام لاتحاد الشغل حسين العباسى تركزت حول كيفية تحديد آجال جديدة لإقرار مشروع الدستور، وإحداث هيئة الانتخابات بعدما طعنت المحكمة الإدارية للمرة الثانية للتوالى فى نتائج انتخاب أعضائها. وحول احتمال التوصل لاتفاق تعيين رئيس حكومة جديد، يقول العذارى إنّ حزبه يتمسك بالمواصفات التى يمتلكها أحمد المستيرى لما يتمتع به من «استقلالية وانخراط فى مسار الثورة»، مؤكدا كذلك انفتاحه على مرشحين آخرين إذا توفرت فيهم نفس المقاييس. وعن كيفية تعاطى الحكومة التى تقودها حركة النهضة مع الاحتجاجات المتصاعدة، يبرز العذارى أنّ الاحتجاجات السلمية مضمونة، لكنه أدان أعمال العنف وصمت بعض أحزاب المعارضة على ما تعرض له مقر النهضة فى قفصة من حرق، داعيا إلى التهدئة كقاعدة لإنجاح الحوار.