بعد أن فتحنا فى العدد الماضى ملف تلويث سمعة السلع الغذائية المصرية فى الخارج وتأثيرها الخطير على صحة المواطنيين ودورها الكارثى فى انتشار وتفشى أمراض الكبد وغيره من الأمراض الخطيرة فضلاً عن تأثيرها على الاقتصاد المصرى ..تلقينا الكثير من المعلومات والاتصالات والحكايات التى تكشف ضحايا هذه الكارثة سواء صحياً أو اقتصادياً ولأن الملف متواصل فإننا سنواصل نشر القصة وأول ضحاياها ثم نواصل فى الأعداد القادمة نشر القصص والمعلومات الأخرى التى تكشف حالة اللامبالاة التى عاشها ويعيشها المواطن المصرى فى ظل الأنظمة والحكومات المتعاقبة التى ترى الخطر وتغمض عيونها كأنه يحدث فى كوكب أخر بعيداً عنها ..ولنعرف مدى تأثير صدأ الصفيح على صحة المواطن وأسرته واقتصاده واقتصاد وطنه نعرض فى البداية لحكاية ، على محمد على أحمد فاضل الشهير ب «على العريان «، وقصته مع تصدير المواد الغذائية للأراضى السعودية، ليطرح السؤال نفسه ماذا جرى ل «العريان « بعد كل الأضرار التى لحقت به بسبب صدأ الصفيح والمافيا التى تتحكم فيه ؟، الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها فى السطور التالية :- فى البداية أكد على محمد على أحمد فاضل الشهير ب «على العريان « أن قصته مع كارثة صدأ الصفيح بدأت عام 1970 ، عندما ذهب إلى المملكة العربية السعودية، ليبدأ العمل كمندوب مبيعات فى مجال توزيع المواد الغذائية بشركة حلوانى إخوان بجدة، والتى قرر العمل بها لما لديه من خبرة كبيرة فى هذا المجال، إذ حاول أن يجد مكاناً للمنتجات المصرية فى المحال التجارية وثلاجات المملكة العربية السعودية، وبالفعل نجح فى ذلك ، وبات أشهر بائع بالمملكة العربية السعودية، إذ أسماه البعض بائع الألف صنف بالشركة. علامة تجارية مصرية مسجلة ونظراً لخبرته الواسعة فى هذا المجال، سرعان ما لفت إليه أنظار الأمير طارق بن مساعد السديرى، وعرض عليه الشراكة فى مجال استيراد مواد غذائية من مصر ، وسرعان ما وافق العريان على الشراكة والعمل فى مجال التصدير، خاصة وأنه بات على دراية أن التصدير يعد عمل جماعى لمنتج تشتهر به دولة،وبالأخص مصر التى تشتهر بجودة منتجاتها، إذ قرر أن يعبأ مليارات العبوات من المخللات والأجبان، ليدر منها ملايين الدولارات ويصبح ماركة وإسم كبير فى عالم الأغذية ينافس فى الخليج كبرى الشركات الأوربية . وتابع العريان قصته، أن السعودية خلال عمله بمجال التصدير كانت غارمة بالمنتج المصرى من المواد الغذائية المصرية، وقام على الفور العريان بتأسيس مستودع ثلاجات بنى مالك- شارع فلسطين- الشهير بجده بشراكة مع السديري، وأنشىء جهاز مصرى لتوزيع السلع الغذائية المعبأة والمغلفة بمصر فى الأسواق السعودية بعد استيرادها، وشارك العريان بقوة فى هذا المشروع، وانتشر صيته، خاصة وأنه كان ممثلاً لمصر فى معارض جدة لعام 1991 و 1992 و1993، كما ساعد الكثير من رجال الأعمال المصريين فى التواجد فى الأسواق السعودية ولعل أبرز هؤلاء هانى رزق مدير شركة ميلكى لاند بمصر. كارثة صدأ الصفيح ورغم كل النجاح الذى حققه العريان فى الأسواق السعودية، إلا أن الحظ لم يحالفه على الإطلاق ليس بسبب خطأ منه، حيث انقلبت الأوضاع رأساً على عقب، إذ تحول الفساد بل انتشر فى الصناعة المصرية، بسبب ردائة صناعة الصفيح التى دمرت الصادرات الغذائية المصرية كما سنرى ، خاصة وأن مصانع الصفيح باتت تستورد عبوات التعبئة والتغليف الرديئة ، إذ لجأت هذه المصانع لتتغيير الدولة التى تستورد منها هذه الخامات، فكانت تستورد عبوات التعبئة والتغليف من دول أوروبا، لتقوم بالاستيراد من دول شرق أسيا، دون معرفة السبب وراء تغيير الدول التى يتم إستيراد المواد الخام للعبوات . ومن ثم ظهر الإخلال باتباع المواصفات القياسية فى صناعة الصفيح، وكأنها إختفت الرقابة على التصنيع، وظهرت النتائج السلبية من ردائة صناعة الصفيح مع أول شحنة غذائية من المخللات المعبئة والأجبان قام العريان بتصديرها من مصر إلى السعودية ، إذ ظهر الصدأ على العبوات الغذائية من انتاج مصنع شرش إلى مؤانى السعودية ، مع أول شهر من التصنيع، رغم أن صلاحية المنتج لم تنفذ على الاطلاق ،إلا أن هذه الصفقة تم إعدامها بالكامل، إذ أنها لم تعد صالحة للاستهلاك كون الصدأ مادة سامة، وبلغ عددها مائتان وخمسة صفائح منها جبن ومخللات وعسل أسود وخلافه، تصل زنة العبوة1 كجم ، دون أن يتحمل معه الشريك السعودى ريال واحداً، فى الصفقة المعيبة، والتى بلغ قيمتها 480 ألف ريال سعودي. بالمستندات وكشفت المستندات التى حصلت النهار على نسخة منها، أنه قبل أن يتم إعدام المنتجات، قام العريان بمخاطبة مكتب التمثيل التجارى فى جدة، وقاموا بسحب العينات من البضاعة قبل إتلافها، لمخاطبة الجهات المسئولة فى مصر، وبعد عدة مراسلات استمرت لأكثر من عام، ومخاطبات بين مصر والتمثيل التجارى للمذكور، تم حرق الثلاجة فى فبراير عام 1995 ،وبعد سداد الإلتزامات على المؤسسة وإصلاح ما تم إتلافه فى المخازن، قام بعدها الحاج على بنقل ما تبقى من الحريق إلى مصر، إذ تسبب الحريق فى تدمير قرابة 80%، من الثلاجات، فقد ظهرت مافيا الأوعية الغذائية، فبدلاً من أن يحفظ الوعاء المنتج الغذائى لمدة عام، فيتحول لصدأ ينتشر على المنتج الغذائي، وتحولة لمادة ضارة تئثر بالسلب على صحة المواطنين، وهذا ما اتضح فى تزايد أعداد المصابين بالفشل الكلوى كل عام عن العام السابق له. أولى الضحايا وأوضحت المستندات أن أولى ضحايا مافيا الصفيح كانت شركة « قها» والتى كانت رائدة فى تصدير العصائر فى السبعينات والثمانينات ، إذ أنه فى عام 1985 تم إتلاف الملايين من الكراتين بسبب الصدأ وذلك مع مؤسسة محى الدين هلال بجدة، وترتب على ذلك تشريد خمسة وأربعون ألف عامل كما تم دمار جميع منتجات الألبان بدمياط، وكذلك مؤسسة « النيرين للتجارة العالمية والمقاولات» والتى يمتلكها سمو الأميرة نورة بنت بندر بن سعود بن عبد العزيز، إذ تم إتلاف الألاف من صفائح الجبن والليمون والزيتون والفلفل وعسل قصب السكر ، وتم إلقاء القبض على مديرها محمد محمودالمصرى ، وتم سجنه ، ونشر آنذاك ذلك فى الكثير من الصحف السعودية، مشيراً إلى أن صدأ الصفيح جعل الكثير من صفائح الأجبان الدمياطى والثلاجة والبراميلى والسمن البلدى والمخللات المصرية تتم إعدامها تماماُ بالمملكة العربية السعودية وبعض الدول العربية، الأمر الذى أدى لتدهور قيمة الجنيه المصرى وقيمة مصر التصديرية ورأس مال مصر وخيراتها فى محارق الإتلاف، الأمر الذى جعل المملكة العربية السعودية تصدر قراراً بمختبر الجودة والنوعية السعودى بعدم استيراد أغذية فى عبوات من الصفيح من مصر، حتى العبوات الزجاجية المغطاة بأغطية صفيحية، وكذلك المياة الغازية خاصة وأنها تصدأ منذ إستيرادها ، خاصة وأن صدأ الصفيح يحول المنتج الغذائى لأفات سامة تزيد من أمراض الدم. عبوات ردئية وحكومة عاجزة. وتابع أشهر ضحايا صدأ الصفيح حديثه ل» النهار» أنه بعدما تأكد أن المنتجات الغذائية تفسد بسبب ردائة العبوات الصفيحية التى تستوردها الحكومة المصرية، لم يصمت وحذر الحكومة من ذلك خاصة وأن هذا الأمر يقضى على صادرات مصر الغذائية خاصة وأن صدأ الصفيح ينجم عنه الكثير من الأمراض كالسرطان والفشل الكلوى والفيروسات الكبدية والإميبا الحديدية للأطفال، هذا بجانب أن هذا الأمر يدمر سمعة التجارة الخارجية لمصر، مضيفاً أن توقف بعد ذلك جراء الأمراض التى لحقت بنجله وزوجته وبناته والتى نجمت عن مثل هذه العبوات التى كان يرسلها لهم وما أن كانوا أحد ضحايا هذه الكارثة الغذائية. وأوضح أنه رغم المأساة التى عانى منها بعدما خسرت تجارته وإصابة زوجته بالفشل الكلوى ونجله بالسرطان وإثنين من أبناءه بالصرع ، لم تتوقف الكوارث عند هذا الحد بل تم إحتجازه بسبب أربعون قضية تم رفعها عليه ظلم وافتراء، فهل يكون بعد جميع ملايين الدولارات التى كان يحولها لمدينة دكرنس ، كما مثل دكرنس فى الكثير من المعارض السعودية بجدة. خسائر اقتصادية والغريب فى الأمر أنه رغم مراسلات العريان والشكاوى التى تقدم بها لوزارة الصناعة والتجارة الداخلية وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات ورئاسة الجمهورية، وعلى الرغم من استمرار الصراع ضد الفساد منذ عام 1993، لمنع استمرار هذه الكارثة الغذائية والتى ينجم عنها مخاطر صحية تدميرية فى الداخل وخسائر اقتصادية ضخمة فى الخارج ، إلا أن» النهار» تأكدت بالأدلة أن مسلسل صدأ الصفيح لم يتوقف ولا زال مستمر داخل مصر، إذ توصلت « النهار» لإحدى الصفائح التى تحتوى بداخلها على عبوات من الجبن ، إذ إكتشفت الجريدة صدأ بداخل عبوة الجبن وتحمل بداخلها المنتج، على الرغم من أنها إنتاج شهر إبريل من العام الجاري، إلا أن الصدأ ظهر عليها بعد ثلاثة أشهر من إنتاجها، وتحمل العبوة الصفيحية إسم جبنة « الملكة» وهى من إنتاج إحدى الشركات بمدينة ميت غمر، محافظة الدقهلية. ورغم كل ذلك لازالت التساؤلات تتزايد على الساحة ، لماذا تصمت حكومة الدكتور حازم الببلاوى على إستمرار هذا الفساد داخل مصر ، خاصة وأنه تسبب فى سريان المرض داخل مصر وتشويه سمعة مصر بالخارج، هل هذا يؤكد تقصير الحكومة فى أداء مهامها ، أم غياب رقابة منها، لذا ينبغى على الحكومة فتح الملفات بصراحة ووضوح وصدق لمواجهة مشاكل المصدرين والمستوردين والجاليات للتصحيح ، ولابد من البحث فى جميع ملفات الدولة ، حاصة وأن جميع من عمل فى نشاط التجارة الخارجية لأى دولة مثبت فى ملفاتها، حتى يمكن التأكد من ذلك والسعى لحل مشاكلها. استهداف العريان ورغم المعارك الكثيرة التى استهدفت حياة العريان وأصابت أسرته وممتلكاته بأضرار بالغة ولكن هذا لم يمنعه من السعى لمحاولة وقف كارثة تسميم المنتج الغذائى المصرى المعبأ فى الصفيح من أجبان ومخللات وغيرها، كما أنه لم يفقد الأمل حتى هذه اللحظة فى أن يحصل على تعويض عادل من الحكومة تعوضه عن جميع الأضرار المالية والجسدية والمعنوية التى تعرض لها، رغم أن هدفه هو تسويق المنتج المصرى ولم يكن يعرف أن هناك مافيا تحاول إفساد الصناعة المصرية وتشويه سمعة مصر فى الخارج، لذا لن تتوقف « النهار» عند هذا الحد، بل ستواصل خلال الأعداد القادمة الكشف عن المزيد من التفاصيل فى هذا الملف والذى راح ضحيته الكثير سواء من المنتجين والمصدرين أو المواطنين الذين باتوا عرضة للمرض الذى يدمر صحتهم ويقضى على حياتهم فى ظل حكومات صار المواطن خارج حساباتها .