اهتمام دولي وإقليمي وردود أفعال واسعة علي البيان الذي أعلنته القوات المسلحة المصرية والذي بموجبه عبرت فيه عن خطورة الموقف الحالي والمشاكل الأمنية التي تحيق بالبلاد مع الإنقسامات الحادة التي تشكل خطرا وأمهلت فيه 48 ساعة لتلبية مطالب الشعب المصري في مظاهرات 30 يونيه وإلا ستتدخل وتعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف علي تنفيذها .. وفي أول تعليق له علي الأحداث التي تشهدها مصر قال رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية باراك أوباما، إن اختيار الزعماء في مصر "ليس دور الولاياتالمتحدة"، لكنها تريد التأكد من أن كل الأصوات هناك مسموعة. كما قالت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون » إنها تدرس بيان القوات المسلحة مؤكدة أنه لا يمكن التكهن بما سيحدث خلال الأيام القليلة القادمة وقد اشارت صحيفة "الواشنطون بوست" إلي إعلان القوات المسلحة بأنها قد تنفذ خطة الحكم الطارئة اذا لم يحدث اتفاق بين الرئيس المصري "محمد مرسي" ومناوئيه المعارضين خلال اليومين القادمين. ونشرت الصحيفة تقريرا عن الانتقادات التي نالت الإدارة الأمريكية بسبب رهانها الدائم علي الحصان الخاسر فيما يتعلق بسياستها في مصر، حيث ارتفعت بعض أصوات المعارضة المصرية، والتي تؤكد أن الولاياتالمتحدة تتآمر من أجل بقاء محمد مرسي في منصبه كرئيس للجمهورية. وأضاف التقرير، أن الإدارة الأمريكية قد اتخذت من انتخابات الرئاسة التي أجريت العام الماضي، والتي أسفرت عن فوز محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية، كستار لدعمها لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، كون الرئيس مرسي فائز في انتخابات رئاسة نزيهة شاهدها العالم كله. و تناولت الانتقادات، سوء إدارة الولاياتالمتحدة بما يتعلق بالأزمة في مصر، حيث أن "آن باترسون" السفيرة الأمريكيةبالقاهرة، كانت قد أعلنت من قبل رغبة الولاياتالمتحدة في استمرار الرئيس مرسي في منصبه، علي الرغم من علمها بأن شعبيته قد تأثرت كثيرا من القرارات الخاطئة التي اتخذها خلال سنة من حكمه كما أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" علي أن ال 48 ساعة التي حددتها القوات المسلحة جاءت بعد أسبوع من الاحتجاجات المحتدمة والاشتباكات بالقاهرة وبباقي المحافظات وذلك بعد عام من تولي "مرسي" الحكم كأول رئيس منتخب ديموقراطيا. وعلقت صحيفة "الجارديان" البريطانية في خبر عاجل علي بيان القوات المسلحة المصرية ووصفت تظاهرات 30 يونيو بأنها اكبر ثورة في تاريخ البلاد في الوقت الذي وصفها البيان العسكري بالمظاهرات "المجيدة" كانت "الجارديان" قد علقت علي حيادية الجيش المصري وعلي قوله بأنه لن يكون طرفا في أي صراع سياسي، في الوقت الذي أشارت الصحيفة إلي هجوم المحتجين علي مقرات الإخوان المسلمين خلال اليومين الماضيين. كما طالبت فرنسا السلطات المصرية المنتخبة ديموقراطيا، بالاستماع إلي الشواغل والمخاوف "المشروعة" للشعب، مؤكدة أن القاهرة ومختلف أنحاء مصر، شهدت مساء أمس الأول تظاهرات علي نطاق واسع غير مسبوق. وقال فيليب لاليو، المتحدث الرسمي باسم الخارجية الفرنسية، في بيان له، إن باريس تتابع الوضع الحالي في مصر، وأنها تري أن السلطات المصرية المنتخبة تتحمل واجبا ومسؤولية تتمثل في الاستماع للمخاوف المشروع للشعب المصري واتخاذ التدابير القوية لتهيئة الظروف من أجل توافق جديد في الآراء. وأضاف: "وعلي هذا الأساس، فإن باريس تشجع جميع الأطراف في مصر علي العمل في إطار روح التوافق الضرورية لإنجاح المثل العليا التي دعت لها ثورة 25 يناير"، وأكد المتحدث الفرنسي أن بلاده تؤكد التزامها باحترام الحق في الاحتجاج السلمي وإدانة أعمال العنف التي وقعت في الأيام الأخيرة من جميع الأطراف، معبرا عن تضامنه مع أسر الضحايا. ودعا لاليو جميع القيادات السياسية لإدانة العنف ومنع تكرار الأحداث. وتحت عنوان «التحرير يستيقظ» طغت صور الطوفان البشري في ميدان التحرير علي الصفحات الأولي لليبراسيون الفرنسية ، وتحت عنوان "ثورة" تكتب في الافتتاحية أن درس ميدان التحرير أثبت أن الديمقراطية لا تنتهي عند حدود تغيير اللعبة السياسية أو إجراء انتخابات عامة إنها أولا وأخيرا تتوقف عند الوضع الاجتماعي الذي ولد تسونامي "تمرد" الجارف . ودعا الاتحاد الأوروبي إلي انتهاج سياسة الحوار والتزام الهدوء ونبذ العنف بجميع أشكاله ، مشددا علي ضرورة انتهاج سياسية الحوار للخروج من الأزمة الحالية، لافتا إلي أن الاتحاد الأوروبي يراقب تطورات الوضع في مصر عن كثب. وفي إطار ردود الأفعال العربية علي بيان القوات المسلحة المصرية وجه رئيس دولة الإمارات بإعتماد ثلاثة مليارات دولار لدعم الإقتصاد المصري كمنحة لا ترد يتم تحويلها لمصر فور سقوط نظام الإخوان وتولي نظام آخر لا ينتمي لتيار الإسلام السياسي حرصا من الإمارات علي رفع المعاناة عن الشعب المصري وإدراكا من الإمارات بأن ما يرتكبه نظام محمد مرسي لا يمثل سوي تياره فقط كما أمر بوضع خطة عاجلة لدعم إمدادات الطاقة في مصر لمساعدة مصر علي تجاوز أزمة الطاقة التي تعاني منها حاليا والتي تتسبب في الإنقطاع المتكرر للكهرباء وقلة المعروض من الوقود. وجاء توجيه رئيس دولة الإمارات واضحا حيث قال لمستشاريه أن المطلوب وضع خطة عاجلة من أجل ذلك لأن بقايا وفلول نظام الإخوان في مصر بعد سقوط محمد مرسي سينتهزون أية فرصة لإضعاف النظام القادم ومحاولة تصوير الامر علي أن ما يعانيه المصريين لا يعود لسوء إدارة جماعة الإخوان وأتباعهم لذلك فإنه أكد أن يكون ما يتم وضعه من تصورات لدعم الإعتصام . كما أعلنت جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين عزمها تقديم دعوي جنائية إلي النائب العام الإماراتي ضد البرلماني عصام العريان القيادي في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين كونه "تطاول وأساء إلي الدولة الإماراتية وشعبها". كما اعتبر الإعلامي السوري "فيصل القاسم" أن تدخل الجيش المصري ليس إنقلابًا. وقال القاسم في سلسلة تغريدات عبر حسابه علي تويتر: إن الجيش المصري أذكي من الجيش السوري ويقدم نفسه دائما علي أنه مستقل، معتبرًا أنه عندما تفشل المعارضة والحكومة فالجيش يجب أن يتدخل. وأضاف القاسم: "ليس دفاعاً عن الجيوش، لكن عندما تفشل الشعوب والنخب المدنية في إدارة شئون البلاد، فلا حول ولا قوة لإدارتها سوي للجيوش، تدخل الجيش المصري لتصحيح الوضع في البلاد ليس انقلاباً بالمعني المتداول، فالجيش جزء لا يتجزأ من التركيبة الاقتصادية والمجتمعية للبلاد ما يحدث في مصر من تدخل للجيش ليس جديداً علي الديمقراطيات الناشئة. لقد ظلت تركيا تحت رحمة الانقلابات العسكرية لعقود. ولا ننسي باكستان أيضاً". وطرح فيصل تساؤلا: هل فعلاً أن العقلية العربية لا يناسبها سوي حكم العسكر، أم أن القوي الكبري لا تريد لنا سوي حكم العسكر، حتي لو اختلقت الأسباب لذلك؟. وفي لبنان اهتمت الصحف بالحراك المصري واعتبرت صحيفة الأخبار اللبنانية أن الحراك المصري الهائل أسس إلي انكسار موجة الإسلام السياسي، ليس في مصر وحدها بل في جميع دول الربيع .. فمصر أم الدنيا هي البوصلة. وذكرت الصحيفة في مطلع ملفها المصري : "استعادت مصر ذاك المشهد من أيام يناير ولياليها. ولكن هذه المرة أخذ محمدمرسي والإخوان مكان حسني مبارك والحزب الوطني. الشارع منقسم، مع وضد، ولوكان واضحاً أن ساحات المعارضين أمواجها أكثر دفقاً وأكثر تنظيماً، و باتت الكلمة الفصل للميادين، التي بدا أن العالم كله يراقب ماذا ستسفر عنه." وفي ردود أفعال الأوساط السياسية قال محمد العرابي وزير خارجية مصر الأسبق أن بيان القوات المسلحة إنحاز لرغبة الشعب المصري ، فهذا الشعب هو قائد القائد الأعلي للقوات المسلحة وبالتالي لابد من الإنصات لإرادته وتطلعاته . واعتبر العرابي أن بيان القوات المسلحة شكل مخرجاً لحالة الاحتقان في الشارع المصري بدليل نزول الشعب للشوارع ، فقد كان يوم 30 يونيه بمثابة إعلان سقوط حكم الإخوان المسلمين الذين يمكن إنخراطهم كأي حزب سياسي آخر بعد انتهاء دورهم في القيادة. وتوقع العرابي أن يكون السيناريو الأقرب للحدوث هو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة علي أن ترشح القوي السياسية فيما بعد مرشحيها. ومن جهته قال السفير هاني خلاف مندوب مصر الأسبق في جامعة الدول العربية ، كنت اتمني أن تحدد القوات المسلحة مهلة ال48 ساعة علي أن تحدد خلالها مكان لعقد لقاء للقوي الثورية لمعالجة الزمة الراهنة التي تمر بها البلاد للخروج بحل توافقي وفي حالة الفشل تعلن عن خارطة الطريق التي حددتها لمستقبل مصر. واعتبر السفير هاني خلاف أن الحديث عن انتخابات مبكرة هو تعبير جديد علي الحالة الدستورية فمن المفترض أن يسبقها إعلان إسقاط الدستور ، كما أنه يمكن الاستفتاء علي بقاء الرئيس وهذا من حقه علي غرار الاستفتاء الذي أجراه ديجول في 1968 ، فالمطالب الحالية يجب أن تترجم في إطار دستوري سواء يدعو النظام للاستفتاء علي بقائه من عدمه أو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة ليأخذ شكلا يسترضيه الإسلاميون ويمكن الرئيس من الخروج بشكل كريم يحفظ ماء الوجه ويتم خلاله تقديم آلية للنظام الديمقراطي والتغيير لأنه من غير المنطقي أن نقوم كل فترة بثورة . ولفت إلي أن المشكلات في مصر لن تحل خلال عام واحد فقط لكن عنصر السياحة سيكون عاملا فارقا بعد انتهاء حكم الإسلاميين وإمساك الشرطة بزمام الأمور .