شكل العدوان الاسرائيلي علي دمشق منعطفا جديدا في الأزمة السورية ، فليس ثمة خلاف بين العرب علي أن ما جري يمثل عدوانا مرفوضاً علي دولة عربية وسيكون لها تبعاتها علي المنطقة بأسرها لتشتعل حربا اقليمية باطراف دولية . فسوريا من جانبها طالب مجلس الامن الدولي بتحمل مسئولياته تجاه وقف هذا العدوان علي أراضيها ، ومنع تكراره ، والحيلولة دون تدهور الوضع في المنطقة وخروجها عن السيطرة . جاء ذلك في رسالتين وجهتهما وزارة الخارجية السورية إلي كل من رئيس مجلس الأمن الدولي ، وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة ، أوضحت فيهما ان طائرات حربية إسرائيلية قامت بقصف مواقع للقوات المسلحة السورية تقع في شمال شرق ( جمرايا) و( ميسلون ) ، ومطار شراعي بمنطقة ( الديماس) في دمشق وريفها ، مما تسبب بسقوط أعداد من القتلي والجرحي في صفوف المواطنين ، وتدمير واسع في المواقع المستهدفة والمناطق المدنية القريبة منها . وأكدت أن استمرار إسرائيل بأعمالها العدوانية من شأنه زيادة التوتر في المنطقة ، وجرها إلي حرب إقليمية واسعة النطاق تهدد السلم والأمن الدوليين في المنطقة والعالم. كما أدانت الجامعة العربية عمليات القصف الإسرائيلي للأراضي السورية ، وحذر الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة من التداعيات الخطيرة الناجمة عن تلك الاعتداءات العسكرية ، داعيا مجلس الأمن إلي التحرك الفوري من أجل وقفها ومنع تكرارها. وندد الأمين العام بهذا الاعتداء السافر، واعتبره انتهاكاً خطيراً لسيادة دولة عربية من شأنه أن يزيد الأمور تفجراً وتعقيداً في سوريا ويعرض أمن واستقرار المنطقة إلي أفدح المخاطر والتداعيات كما أدانت مصر هذا العدوان واعتبرته انتهاكا للمبادئ والقوانين الدولية ومن شأنه أن يزيد الوضع تعقيدا.. فضلا عن تهديده لأمن واستقرار المنطقة . وقال بيان للرئاسة أن مصر برغم معارضتها الشديدة لما يجري في سوريا من سفك للدماء واستخدام لأسلحة الجيش ضد الشعب ، وسعيها لإيجاد مخرج سلمي للأزمة السورية إلا أنها في الوقت ذاته ترفض الاعتداء علي مقدرات سوريا أو المساس بسيادتها واستغلال أزمتها الداخلية تحت أي ذريعة كانت. وأضاف البيان أن ما تقوم به إسرائيل من اعتداءات يشهدها العالم هو اختبار حقيقي للمجتمع الدولي وعلي رأسه الأممالمتحدة حول الالتزام بقواعد القانون الدولي وتدعو مصر جميع الدول إلي تحمل مسئوليتها في مواجهة التجاوزات الإسرائيلية المتكررة وحفظ السلم والأمن الدوليين. من جانبه اكد سفير مصر الأسبق في سوريا محمود شكري أن هذا التصرف من قبل اسرائيل يندرج تحت التصرفات الحمقاء سياسيا واستراتيجيا ، موضحا أن الدول العربية سترتد عن مواقفها التي كانت تؤيد الثوار السوريين لأننا أصبحنا أمام دولة عربية ذات سيادة وتضرب في عقر دارها والجميع يدين هذا العدوان. ولفت السفير شكري ل"النهار" الي أن الجامعة العربية التي كان موقفها الي حد ما متوازنا ، اصبح لزاما عليها أن تقف الي جانب سوريا التي تتعرض لعدوان ، متوقعا أن هذا العدوان الخطير ستنعكس اثاره علي اسرائيل أكثر من سوريا نفسها ، ولن يضير ايران شيئا مزاعم اسرائيل بأنها قامت بذلك ضد حزب الله لأنه لا توجد أدلة دامغة علي ذلك. وقال السفير شكري : ان ما يجعلني مرتاحا في هذه المرحلة أن سوريا ستسعي لاستغلال الموقف الراهن سياسيا ولن تقم بالرد العسكري، وسيزداد نظام الاسد قوة لأنه المستفيد الأوحد من الوضع الراهن وليس الثوار . وحول مهمة المبعوث الاممي العربي الاخضر الابراهيمي التي واجهت صعوبات في التوصل لمخرج سياسي للأزمة في سوريا ، توقع السفير شكري أن يكون للابراهيمي في المرحلة المقبلة دور أكثر فاعلية مما كان من قبل خاصة وانه كان قد اشك علي اعلان الاستقالة من مهمته. واضاف شكري: بعد هذه العدوان الاسرائيلي علي الاراضي السورية قد يجد الابراهيمي امامه فرصة ذهبية ليطلب من النظام السوري السعي للوصول الي صيغة لحل الأزمة الراهنة ، واعتقد أن ذلك سيكون في صالح النظام أكثر مما هو لصالح الجيش الثوري الحر. وفي كل الاحوال فأن السؤال المطروح الآن شعبيا وربما بين انظمة الحكم العربية هو هل سيترك العرب سوريا وحيدة في مواجهة اسرائيل إذا ما اتسعت دائرة الحرب ؟ الجواب ربما تكشف عنه الاحداث القادمة.