أحيت ليبيا اليوم الخميس الذكرى التاسعة والسبعينلاستشهاد بطل المقاومة الوطنية شيخ الشهداء عمر المختار الذي وهب حياته فداءللوطن واستشهد في أخر معركة ضد ذلك الاستعمار .وتوقفت حركة الناس كليا في بيوتهم وخارجها وحركة الآليات والمعدات في المطاراتوالموانئ وعلى الطرقات وذلك عند منتصف النهار تماما في كافة أنحاء ليبيا ولمدةخمس دقائق حزنا وحدادا .وكانت اللجنة الشعبية العامة (مجلس الوزراء) قد أصدرت قرارا باعتبار اليومالخميس السادس عشر من شهر سبتمبر الجاري يوم حداد رسمى يحيي فيه الشعب الليبيالذكرى التاسعة والسبعين لقيام الاستعمار الإيطالي بإعدام بطل المقاومة الوطنيةالليبية شيخ الشهداء عمر المختار .ففي السادس عشر من شهر سبتمبر عام 1931 قام الاستعمار الإيطالي بإعدام عمرالمختار شنقا في منطقة سلوق (شرق ليبيا) ، كحل إجرامي لوقف جذوة المقاومة الشعبيةالليبية التي كان يقودها عمر المختار لإخراج الاستعمار من ليبيا .وأكدت وسائل الإعلام الليبية فى حديثها بالمناسبة أن إحياء هذه الذكرى ، هوتذكير لليبيين والليبيات بتاريخهم المليء بالبطولات والتضحيات التي قدمها آباؤهموأجدادهم دفاعا عن الوطن والكرامة ؛ من خلال المقاومة الشعبية الباسلة التي خاضهاوهو أعزل من السلاح ، وبأن المقاومة الحقيقية التي لم تكن من أجل الجاه ولاالثراء ، هي التي شرفت تاريخ ليبيا .في الأثناء وتزامنا مع الاحتفال بهذه الذكرى قررت ليبيا إنشاء برج يحمل اسم شيخالشهداء عمر المختار . ووجهت التعليمات للصندوق الليبي للاستثمار الداخلي بالبدءفي تصميمه لتنفيذه ومتابعته .وسيشيد هذا البرج في المكان السابق لضريح عمر المختار الذي نقل رفاته فيثمانينات القرن الماضي إلى مكان إعدامه بقرية سلوق 35 كم جنوب بنغازي .ولد شيخ الشهداء عمر المختار في عام 1862 ، في إحدى قرى منطقة برقة التي تقعشرقي ليبيا على الحدود المصرية ، وتربى يتيما بعد أن توفي والده مختار وهو فيطريقه إلى مكةالمكرمة لأداء فريضة الحج ، وتلقى المختار تعليمه الأول في إحدىالزوايا الدينية الصوفيه السنوسية صار يعرف بالشيخ وقد أظهر نباهة مبكرة وصفاتخلقية سامية ما جعله محبوبا .وشارك في شبابه ، في الجهاد ضد القوات الفرنسية في المناطق الجنوبية ، ثم عينشيخا لإحدى الزواياالصوفية السنوسية حيث قضى فترة من حياته في التعليم والدعوةإلى الإسلام.وعاش حرب التحرير والجهاد ضد الاستعمار الإيطالي منذ بدايتها ، فعندما أعلنتإيطاليا الحرب على تركيا في عام 1911 ، وبدأت البارجات الحربية بصب قذائفها علىمدن الساحل الليبي ، سارع المختار إلى مراكز تجمع المجاهدين حيث ساهم في تنظيمحركة المقاومة . وقد شهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا ، سنة1912 ، أعنف المعارك في تاريخ الجهاد الليبي ، كان للمجاهدين فيها انتصاراتكبيرة ، مما أجبر القيادة الإيطالية على إقالة حاكمها العسكري ، وتعيين حاكم جديدخلفا له ، لكن نيران المجاهدين كانت بانتظاره ، لتصيب قواته بخسائر جديدة ،وتواصلت المقاومة حتى وصلت إلى مرحلة جديدة باندلاع الحرب العالمية الأولى .وكان لاعتقال عمر المختار في صفوف الاستعمار صدى كبير ، حتى أن جراسياني قائدقوات الاحتلال الإيطالى لم يصدق ذلك في بادىء الأمر ، فألغى إجازة الاستجمام فيباريس ، واستقل طائرة خاصة إلى مدينة بنغازي ، حيث طلب إحضار عمر المختار إلىمكتبه كي يراه أمام عينيه .ودار بين الإثنين حديث طويل ، ابتدأه جراسياني بالسؤال : لماذا حاربت بشدةمتواصلة حكومتنا؟ فأجابه المختار بلا خوف ولا تردد إنني أؤمن بحقي في الحرية ،وحق بلادي في الحياة ، وهذا الايمان أقوى من كل سلاح ، وحينما يقاتل المرء لكييغتصب وينهب ، قد يتوقف عن القتال إذا امتلأت جعبته، أو أنهكت قواه ، ولكنه حينيحارب من أجل وطنه يمضي في حربه إلى النهاية . إن الظلم يجعل من المظلوم بطلا ،وأما الجريمة فلا بد من أن يرتجف قلب صاحبها مهما حاول التظاهر بالكبرياء ، لئنكسر المدفع سيفي فلن يكسر الباطل حقي .بعد هذا الحديث عقدت محاكمة صورية في يوم الأربعاء 15 سبتمبر 1931 صدر عنها حكمقضى بإعدام عمر المختار المجاهدين شنقا ، ولما ترجم له الحكم ، قال الشيخ إنالحكم إلا لله ، لا حكمكم المزيفإنا لله وإنا إليه راجعون .وكان رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني قد قدم في 30 أغسطس 2008 إعتذارإيطاليا للشعب الليبي وأسفها وألمها الكبير عن حقبة إستعمارها لليبيا ، بحضورأحفاد المجاهدين الليبيين يتقدمهم إبن بطل المقاومة الوطنية عمر المختار ، ومنالمبنى الذي أعلن منه الحاكم الإيطالي في حقبة الإستعمار وهو أن ليبيا الشاطيءالرابع لإيطاليا ، وانحنى برلسكوني لابن شيخ الشهداء محمد عمر المختار وقبل يدهفي مشهد تسابقت وسائل إعلام العالم على تناقله .