استقرار سعر الدولار في تعاملات الخميس 20 يونيو 2024    ستاندرد آند بورز 500 وناسداك يفتحان على ارتفاع بفضل إنفيديا    انتقادات غير مسبوقة من البيت الأبيض لنتنياهو    مران الأهلي - ختام الاستعدادات لمباراة الداخلية    هيئة الأرصاد تعلن ذروة الصيف بمصر فى يوليو وأغسطس    توفيت بالحج، زوج ينعي زوجته بكلمات مؤثرة: كانت ملاكًا تسير على الأرض    تعرف على فعاليات وزارة الثقافة للأطفال خلال عيد الأضحى بأسوان    بالصور.. ميرنا نور الدين تتألق في أحدث جلسة تصوير من إيطاليا والجمهور يعلق    أبرزهم «الحصري» و«إسماعيل».. قراء التلاوات المجودة بإذاعة القرآن الكريم الجمعة    السيسي يوجه بسرعة ترميم مقبرة الشيخ الشعراوي    زعيم المعارضة الإسرائيلية: إسرائيل لم تعد الحليف الأقرب للولايات المتحدة    بعد وفاة عروس المنيا بفستان زفافها.. هل هبوط الدورة الدموية في الحر يؤدي للموت؟    انفراجة فى توافر الأدوية بالصيدليات.. تحرير سعر الصرف ساعد فى تأمين النواقص    محافظ الدقهلية يكشف حقيقة قطع الأشجار بحديقة عروس النيل بالمنصورة    «خناقة شوارع».. إمام عاشور بطل واقعة اعتداء على أفراد أمن أحد المولات (فيديو)    مجازر الغربية تستقبل 1186 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى المبارك    أول تحرك برلماني ضد قطع الأشجار عمدا بالمحافظات    جيش الاحتلال: إصابة جنديين بجروح خطيرة جنوبي غزة    فرحة العيد لسه مكملة.. إقبال على الملاهي بحدائق كفر الشيخ للاحتفال    الحوثي: أمريكا تحاول أن تخفف على إسرائيل بمأزقها من جبهة لبنان    الأقصر.. توقيع كشف طبي على المواطنين في أرمنت ضمن خدمات عيد الأضحى    لمواليد برج الحمل.. توقعات الأبراج في الأسبوع الأخير من شهر يونيو 2024    "تجاهلوا الرد".. أتشمبونج يهدد الزمالك بشكوى جديدة    ما حكم زيارة أهل البقيع بعد الانتهاء من أداء مناسك الحج؟.. الإفتاء توضح    نتائج الصف التاسع اليمن 2024 صنعاء وزارة التربية والتعليم بالاسم ورقم الجلوس بالدرجات.. موقع www yemenexam com    انقطاع الكهرباء أزمة مزمة في الكويت.. الصحة توجه إداراتها بإغلاق المصابيح بنهاية الدوام    الرئيس السيسى يوجه بتشكيل خلية أزمة لمتابعة حالات وفاة الحجاج المصريين.. إنفو    وزارة الحج والعمرة تبدأ استقبال المعتمرين وإصدار تأشيراتهم    مستعمرون يقتحمون ساحات المسجد الأقصى    تنسيق الجامعات.. برنامج الرسوم المتحركة والوسائط المتعددة بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان    سرايا القدس: نخوض اشتاباكات عنيفة مع جنود الاحتلال في رفح    مصرع شخص أسفل عجلات قطار في البدرشين    عمرو القماطي: 30 يونيو أعادت بناء الوطن ورسخت قيم التعايش    عودة بطولة الأفروآسيوية.. مواجهة منتظرة بين الأهلي والعين الإماراتي    مصطفى بكري: إعلان تشكيل الحكومة الجديد سوف يتأخر    رومانيا: تبرعنا لأوكرانيا بمنظومة باتريوت مشروط بحصولنا من الناتو على مثلها    وفاة رجل الأعمال عنان الجلالي مؤسس سلسلة فنادق هلنان العالمية    أخبار الأهلي: بيرسي تاو يضع شرطا مثيرا للرحيل عن الأهلي والانتقال إلى كايزر تشيفز    إنهاء قوائم الانتظار.. إجراء مليونين و245 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة    عمرو السولية يقترب من الظهور في تشكيل الأهلي أمام الداخلية    ياسر الهضيبي: ثورة 30 يونيو ستظل نقطة مضيئة في تاريخ مصر    يزن النعيمات يفتح الطريق للأهلي للتعاقد معه في الصيف    رصد وإزالة حالات بناء مخالف وتعديات على الأراضي الزراعية بالجيزة - صور    ضبط عاطلين بحوزتهما كمية من مخدر الحشيش بالمنيرة    إجراء اختبارات إلكترونية ب147 مقررًا بجامعة قناة السويس    7 ضوابط أساسية لتحويلات الطلاب بين المدارس    تركي آل الشيخ عن فيلم عمرو دياب ونانسي عجرم: نعيد ذكريات شادية وعبدالحليم بروح العصر الجديد    في يومهم العالمي.. اللاجئون داخل مصر قنبلة موقوتة.. الحكومة تقدر عددهم ب9 ملايين من 133 دولة.. نهاية يونيو آخر موعد لتقنين أوضاعهم.. والمفوضية: أم الدنيا تستضيف أكبر عدد منهم في تاريخها    مصدر: لا صحة لإعلان الحكومة الجديدة خلال ساعات    الداخلية تحرر 133 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بترشيد الكهرباء خلال 24 ساعة    بالأسماء.. ارتفاع عدد الوفيات في صفوف حجاج سوهاج ليصل إلى 7    بدء عودة حجاج الجمعيات الأهلية إلى أرض الوطن.. غدا    طواف الوداع: حكمه وأحكامه عند فقهاء المذاهب الإسلامية    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    الركود يسيطر على سوق الذهب وإغلاق المحال حتى الإثنين المقبل    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زواج الطفلات في المفهوم البرهامي والمتأسلمين السياسيين
نشر في المراقب يوم 28 - 09 - 2012

سؤال شخصي للقارئ قبل قراءة هذا المقال: هل تقبل أن تزوج وردتك الصغيرة ذات الأربعة عشر ربيعا لخنشور عمره 40 عاما؟
أولا، ومن البداية، كاتب هذا المقال ليس علمانيا، وبالرغم من حصوله على الدكتوراه في علم الاجتماع، ومنذ عام 1968، إلا أنه ليس على ثقة من مفهومه لمعنى العلمانية، كما أنه متأكد تماما من أن مفهوم معظم المسلمين، ومفهوم الإسلاميين السياسيين أيضا ليس صحيحا على الإطلاق لمعنى العلمانية. ولذلك فياليت هؤلاء الببغاوات الذين يقصدون سب الناس بأنهم علمانيون يتوقفون عن هذا الانقياد وتلك البغبغة المتخلفة.
كانت السبعينات وبالاً أخلاقيا على العالم كله، ومصر بصفة خاصة، مما ترتب عليه انتشار ظاهرة الأمهات الطفلات Baby mothers في أمريكا، ولا زالت المشكلة قائمة، إذ تكاد تبكي عندما ترى طفلة عمرها اثنتي عشرة سنة تحمل وليدها وتتحرك به حركة هوجاء دون حنان لتلك المولودة التعيسة التي تحتاج أمها نفسها الحنان والرعاية. هذا في أمريكا، وربما في أوروبا أيضا، ومرجعه كما قلت إلى التدهور الأخلاقي المتعلق بالتحرر الجنسي. أما في مصر وخاصة في الريف المصري فربما تتواجد تلك الظاهرة نتيجة للتقاليد والمفاهيم الخاطئة المعروفة وليس لسوء الأخلاق. ولكن، والحمد لله، الظاهرة ليست بالحجم المخيف، كما أنها تنقرض بصورة سريعة جدا نظرا للتحضر وإقبال الفتاة على التعليم ونجاحها في التعليم في جميع المراحل بدرجة أعلى بكثير من الأولاد، وهذا تؤكده الإحصائيات الرسمية.
ويرجع انتشار الزواج المبكر في المناطق الريفية والحضرية الشعبية إلى القيم والتقاليد المحافظة، والرغبة في العزوة وتكبير حجم العائلة، بالإضافة إلى انصياع الفتاة لرغبة والديها، وعدم مشاركتها في اتخاذ قرار زواجها، وانخفاض المستوى التعليمي للفتاة، وعدم مشاركتها في سوق العمل.
أما أن يعيد الإسلاميون السياسيون في الجمعية التأسيسية، (مثل العضو محمد سعد الأزهري)، وفي أبواق الإعلام المتأسلم على الفضائيات العجلة إلى الوراء ويدْعون إلى زواج الطفلات كما يقول الشيخ ياسر برهامي "تتزوج الفتاة في أي وقت!!" فهذا ظلم بين، وتعد على الحريات الإنسانية، لأن الحرية تتوقف حدودها عند الضرر بالآخرين. ذلك لأن الزواج مرهون ببلوغ الباءة (من بلغ منكم الباءة فليتزوج) وذلك بالنسبة للرجال، ولمَ لا يتحقق المنطق نفسه بالنسبة للنساء أيضا حيث تعني الباءة القدرة، وليست القدرة هي القدرة الجسدية البيولوجية فقط، وإنما تشمل القدرة النفسية والعقلية والروحية والمادية والأخلاقية بصورة خاصة. ولذلك قال الحبيب المصطفى "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"، ولم يأمر بتزويج الفتاة في أي سن. وحيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر بمنع تزويج البنت الصغيرة، وحيث أن المتروك محلل، فنحن لا ندعي حرمة تزويج البنت الصغيرة، ولكن الأمور تتغير والظروف تتبدل والأولويات تختلف. ومن ثم فإننا نرى أن في هذا العصر مخاطر كبيرة لزواج القاصرات الطفلات منها ما أكدته الاكتشافات الطبية الجديدة من خطورة الزواج المبكر سواء من ناحية تسمم الحمل، أو ضعف الجنين، أو الولادة المبكرة، أو ارتفاع نسبة وفيات الأطفال، أو ارتفاع نسبة الإجهاض، أو زيادة احتمالات حمى النفاس، بل وحتى ارتفاع نسبة وفيات الأمهات. وتزداد هذه المشاكل بصورة خاصة في حالة حدوث زواج الفتاة قبل سن الخامسة عشر، وأيضا في حالات الفقر وانخفاض مستوى المعيشة وضعف الصحة العامة وسوء التغذية.
كما لا يجب أيضا أن ننسى المشاكل الاجتماعية المترتبة على الزواج المبكر سواء كانت انخفاض المستوى التعليمي نتيجة التسرب، أو انخفاض المستوى الثقافي مما يقلل من القدرة على العناية بالطفل وتنشئته تنشئة سليمة، أو ضعف مشاركة الزوجة في القرارات الأسرية، أو زيادة احتمال المشاكل الأسرية، وتعرض الزوجة الصغيرة للعنف سواء من الزوج نفسه أو من جانب أسرته.
يا أيها المتأسلمون المحدثون، أنتم تحاربون الهواء وتنقشون على البحر وتسيرون ضد التيار المعاصر، فلتعلموا يا سادة أن الدول الخليجية وعلى رأسها الإمارات والسعودية تزداد فيها نسبة العنوسة والعزوبة لدرجة أعلى بكثير من مصر، فلم لا يحلون المشكلة هناك بزواج القاصرات لحل مشكلة العزوبة وبتعدد الزوجات لحل مشكلة العنوسة؟ هذا علما بأن دولا مثل الكويت والإمارات قد أقامت صناديق لمساعدة الشباب على الزواج، ولكن تستمر مشكلة العزوبة. لماذا؟ لأسباب ثقافية وليس قضية عمر أو بلوغ أو ما شابه ذلك. ما كان يحدث في الحجاز آناء البعثة المحمدية لا يحدث اليوم.
هل تعلمون يا سادة أن متوسط السن الأول عند الزواج عام 1963 للذكور كان 26.7 ، زاد تدريجيا حتى بلغ 29 سنة فقط عام 1995، أما بالنسبة للبنات فكان 19.83 زاد بمعدل أعلى حتى بلغ 26.58 سنة عام 1995. لماذا؟ النظام التعليمي لا يميز بين مناهج تعليم الجنسين، بل وأصبح البنات يصررن إصراراً على أن يكملن تعليمهن لدرجة أنهن أصبحن يزدن عن الطلبة الذكور في بعض الجامعات مثل جامعة الإسكندرية (75 ألف طالبة مقابل 67 ألف طالب) وجامعة عين شمس (95 ألف طالبة مقابل 72 ألف طالب) وكذلك جامعة طنطا والمنصورة وجامعة جنوب الوادي وذلك عام 2002/2003م، وهذا لمما يؤدي إلى عدم قبول الفتاة الزواج قبل إكمال هذا التعليم الجامعي مما أخر من سن زواجها وسن زواج من يطلبها.
ثم في النهاية القضية قضية ثقافة وفكر وطريقة حياة، حيث أن مسئولية الثقافة والمهنة عن تغير سن الزواج تساوي 70.75% بينما نجد أن مسئولية الزمن عن تأخير سن الزواج هي 3.39% فقط للذكور و 7.43% للإناث. والمثال على ذلك أن لكل 100 مدرس مثلا يتزوجون زواجا متأخرا نجد 11 مدرسا فقط يتزوجون زواجا مبكرا، أما بالنسبة لثقافة عمال الزراعة فنجد أن لكل 100 عامل زراعي يتزوج زواجا متأخرا نجد 228 عاملا زراعيا يتزوجون زواجا مبكرا، بل والأكثر منهم العاملون بالخدمات الشخصية، حيث نجد أن لكل 100 عامل يتزوج زواجا متأخرا نجد 259 عاملا يتزوجون زواجا مبكرا.
والسؤال في النهاية هل يصح أن يحدد أو يناقش الدستور مثل هذه القضايا ولا يركز على القضايا الأساسية كقضايا المواطنة وحقوق الإنسان والتنمية وبناء الإنسان المعاصر والدولة الحديثة. يا سيادة الرئيس الإخواني: أوقف سفرياتك المرفهة، وتفرغ لنا ولمصر قليلا، وأغثنا من هذه الجمعية التأسيسية للدستور، وأعد تشكيلها لتعبر عن مصر الحبيبة التي نعرفها وعن شعبها المتنوع الجميل، وذلك حتى نتحول من مناقشة قضايا المرأة والحيض والنفاس إلى قضايا بناء مصر المعاصرة بعد هذه الثورة الينايرية المستنيرة المستمرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.