تحت شعار" فدائي.. فدائي " جلس العديد من مصابين 25 يناير يرقبون الأحداث بعين واحدة بعدما شاركوا فيها بالعين الأخرى ،لا يضعون علما فوق السرير ولم يعلقوا على صدورهم شارات الثورة ،فالعلامة الوحيدة التى عبروا من خلالها عن مشاركتهم وتأييدهم للثورة كانت شاشا ابيضا غطى عينهم المصابة. في عنبر قسم الرمد بمستشفى القصر العيني يستطيع الزوار التعرف بسهولة على شباب وأطفال 25 يناير من خلال هذا الشاش الأبيض. المرة الأولى التي قرر فيها محمد سعيد تغيير دوره من عسكري أمن مركزي لمتظاهر أصيب فيها بطلقة مطاطية في عينه فجرت له الشبكية ،يقول سعيد:المظاهرات التى كنا نخرج فيها كعساكر لم تكن بهذا العنف ولم يكن فيها هذه الكمية من الضرب والقنابل المسيلة للدموع، لذا لم أكن أتوقع الإصابة ،رأيت الشباب يخرج لتغيير البلد التى تمتلك خيرات كثيرة لا نملك منها شيئا قلت "أشمعنا انا..انا شاب زيهم" فخرجت وعدت إلي المستشفي ، رغم ما حدث له مازال سعيد يعذر عساكر الأمن المركزى مؤكدا أنهم مغلوبين على أمرهم ولا يستطيعون رد الأوامر التى يتلقوها. يصف سعيد رد فعله بعد تنحي الرئيس: زغردت مثلما فعلت أمي لأنى شعرت ان عيني لم تذهب هدر وذهبت للتحرير للاحتفال رغم عدم اتمام علاجي. لكنه أيضا لم يستطع إتمام فرحته بالنصر بعدما شعر ان أمورا أخرى لم تتغير في البلد وانه مازال يتعرض للظلم،يوضح سعيد:انا مريض بفيروس بالكبد لذا فالعمليات التى احتاجها أكثر صعوبة،فرحت عندما علمت اننى تلقيت تبرعات من بعض الزوار لكننى لم أصدق نفسي عندما علمت أيضا انهم سرقوا وقال لى المسئول عن العنبر انها سرقت منه..لم اصدق كلامه ولا اصدق اننى وبعد كل ما قمت به مازلت أتعرض للظلم ومازلت ادفع ثمن فقري من صحتي. شعور أمال طنطاوي والدة المصاب أحمد حامد – 19 سنة- كان يختلف عن شعور أى أم في نفس العنبر،فقد كانت متظاهرة مثل ابنها ولم تبخل على بلدها بعين ابنها،هكذا أكدت وهى تعبر مبتسمة:اسرتنا كلها كانت مشاركة في الثورة ،لأننا "طلع عينا ومش عارفين نعيش" ابني هذا يعمل إسكافي منذ طفولته وعندما سمعنا المظاهرات تنطلق تحت بيتنا في بولاق يوم جمعة الغضب نزلنا جميعا بدون دعوة من أحد ،و شعرت ان هناك شيئا ما يجذبني للشارع ولهذه الحشود. تضيف أمال: أصيب ابني بطلقة في عينه وابني الصغير اصيب باختناق بسبب الغاز،وبعدما دخل احمد المستشفى وفاق ابني الصغير أردت ان اعود مرة أخرى للمظاهرات لكن اسرتى منعتنى أن اترك ابني في هذه الحالة. تؤكد امال انها لم تحزن لأنها كانت تظن انه توفى واصبح شهيدا لكنها علمت انه أصيب فقط فعلقت" كان نفسه يموت شهيد بس ربنا مكتبهالوش". أخت أحمد التى لم تتجاوز الخامسة عشر لم تنجو مما صاب أسرتها فقد كانت الوحيدة التى لم تنزل للمظاهرات لكنها تعرضت للضرب على يد البلطجية الذين اقتحموا المنزل وهى بداخله. ورغم سعادة أمال بتنحي الرئيس إلا انها حزينة لأنه مريض وبالمستشفي وقالت: صعب عليّا لما تعب مهما كان هو إنسان. فقد بعض المتظاهرين عين واحدة وفقد أخرون من شباب اللجان الشعبية العينين، أحمد فوزى شاب من بور سعيد وقف كغيره من شباب المنطقة أمام بيته بعصى خشبية لحمايته لكن اسلحة البلطجية كانت أكثر وحشية،فعندما حاول احمد والشباب اعتراضهم أصيب 5 منهم بطلقات نارية في رأسهم واصيب احمد بطلقات في عينيه الاثنين، ما يؤلم أحمد هو انه بالرغم من اصابة عينيه الاثنتين إلا انه لم يناله من الشكر ما نال ثوار 25 يناير فعبر: هم بتوع التحرير بس هما اللى اشتركوا في الثورة..واللى وقف يحمي بيته لم يشترك؟ كذلك الحال مع سامح محمود - اب وزوج-،الذي أصيب في المرج بعدة طلقات في عينه اليمنى أفقدته إياها للأبد وأدت لانفجارها، وعدد أقل من الطلقات في عينه اليسرى أكد الأطباء انه يستطيع الرؤية بها على بعد كف يد. لذا تأمل أسرته محدودة الدخل في علاجه في مكان أفضل لعله يسترد عينه المتبقية . المستقبل الذي خرج من اجله الشاب محمد الجالى، أصبح معتما بعدما تلقى ضربا مبرحا من قبل الأمن والبلطجية معا يوم 28 يناير ويوم موقعة الجمل،كان الضرب بالزجاج والطوب فدخل الزجاج في وجهه شوهه ودخل في عينيه أفقده اليسرى وأصاب اليمنى، الأطباء أكدوا احتياج محمد لقرنيتين تتكلف كل منهما على الأقل 20 ألف جنيها.