موقعة الجمل - صورة أرشيفية جماعة الإخوان المسلمين ظلت منذ نشأتها محوراً للجدل بأيدلوجيتها وأدبياتها وغموضها وسعيها الدائم للسلطة والذي واجهته الأنظمة السابقة بكل عنف مما جعل الجماعة على مدار عقود مصدراً رئيسياً للأخبار ما بين حقائق وشائعات وما بين معارضة وصفقات وما بين شد وجذب .. وما كان يدعم الإخوان في ذلك هو عمل الجماعة كتنظيم سري يمارس نشاطه من تحت الأرض فهي جماعة مجهولة العدد ومصادر تمويلها سرية .. ولكنها فجأة وجدت أنها بلا عدو فالنظام قد سقط فجأة وهو ما دفعها لمحاولة تصدر المشهد حتى لو على حساب كافة القوى الأخرى التي بدأت الثورة بدون الإخوان إلى أن قررت الجماعة المشاركة بعد نجاح الثورة في جمعة الغضب .. ومع ظهور وثائق أمن الدولة المسربة التي أدانت قيادات بارزة بالجماعة من خلال عقد صفقات سرية على مقاعد الانتخابات البرلمانية أشارت أصابع الاتهام إلى الإخوان .. ثم واجهت الجماعة تهمة شق الصف الوطني من خلال تبني التصويت بنعم في الاستفتاء على التعديلات الدستورية وتصوير الأمر وكأنه صراع بين المسلمين والليبراليين .. وأخيراً وليس آخرا تواجه الجماعة أخطر اتهام وهو انسحابها من موقعة الجمل بعد عقد صفقة مع النظام على ترك الميدان مقابل حزب وجمعية. تفجرت القضية بعد استضافة إسلام لطفي أحد قيادات شباب الإخوان المسلمين في برنامج صباح دريم على قناة دريم الفضائية والذي أكد أن مكتب الإرشاد أصدر تعليمات بالانسحاب من موقعة الجمل ولكنه عاد وأكد في بيان رسمي أنه كان يقصد فقط أنه تم التشاور مع مكتب الإرشاد على مدى جدوى البقاء أو الانسحاب من موقعة الجمل وهو ما استغرق مدة عشر دقائق فقط قررت بعده الجماعة الاستمرار. الأكثر إثارة في الأمر هو أن موقعة الجمل لم تشهداً مصاباً أو قتيلاً واحداً في صفوف جماعة الإخوان المسلمين والتي تتباهى دائماً بأن شبابها ورجالها كانوا في الصفوف الأولى طوال أيام الثورة التي تلت يوم 28 يناير والشهير بيوم " جمعة الغضب" وهو ما جعل العديد من القوى السياسية المناهضة لسياسات الجماعة تتهمها بالخداع والمراوغة ومحاولة تحقيق مكاسب خاصة واستدلوا على ذلك بأن الجماعة كانت أول من وافق على لقاء نائب الرئيس السابق اللواء عمر سليمان وهو ما يبرهن على سعي الجماعة نحو تحقيق أكبر مكاسب ممكنة . وكانت تلك الصفقة سبباً في تقدم هيثم أبو خليل القيادي بالإخوان و مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان - الذي كان قياديا بالجماعة لأكثر من 22 عاما- باستقالته من الجماعة يوم 31 مارس الماضي احتجاجا منها على لقاء سري جمع بين عدد من أعضاء مكتب الإرشاد وعمر سليمان نائب الرئيس السابق في أيام الثورة وتم خلاله الاتفاق على إنهاء مشاركة الإخوان في الثورة مقابل منحهم "حزب وجمعية" .. كما أكد أبو خليل أنه استقال بعد تصريح الدكتور فتحي سرور بأن نائب إخواني استأذنه في الترشح منافسا على رئاسة مجلس الشعب متعهدا بأن يمنح صوته لسرور .. وأكد أبو خليل أن هذا الأمر جاء في إطار ما قال أنه صفقة تمت بين الجماعة وبين جهاز أمن الدولة للحصول على عدد من مقاعد البرلمان في عام 2005 بالتزوير. انتهى الاقتباس من نص استقالة القيادي الاخواني "المصدوم" ولم ينتهي الجدل حول صفقات الإخوان وممارساتهم ومحاولاتهم القفز على الثورة والادعاء بأنهم أحد أهم أسباب نجاحها بعد دفعهم الآلاف من كوادرهم للشد من أذر المعتصمين وهو ما ردت عليه كافة الأطياف المشاركة في الثورة بالقول أن من شارك من الجماعة شارك كفرد والجماعة لم تكن تحشد إلا في أيام الجمعة حيث كانت الكاميرات والمنصات والأضواء كما استدلوا على ذلك بانسحاب الجماعة من ائتلاف شباب الثورة بعد مشاركتهم في جمعة الغضب الثانية والتي قاطعتها الجماعة ووصفتها بجمعة الوقيعة وهو ما فجر أزمة داخل الجماعة التي أصبحت أكثر صخباً وضجيجاً وظهرت خلافاتها إلى العلن وأصبحت تواجه ضغوطاً خارجية وحراكاً داخلياً قد يشهد الجديد خلال الأيام القادمة خاصة بعد الاتهام الأخطر الذي يواجه الجماعة وهو المتاجرة بالثورة بسبب قرار الانسحاب من موقعة الجمل والتي كانت أخر كروت النظام السابق لوأد الثورة يومي 2 و3 فبراير الماضي عن طريق دفع آلاف البلطجية "مدفوعي الأجر" لإنهاء الاعتصامات وإخلاء ميدان التحرير فهل شاركت الجماعة في تلك المؤامرة من أجل وعد النظام "الساقط" بتمرير الحزب والجمعية؟ وهل ما أطلق عليه إسلام لطفي "التشاور داخل الجماعة حول الانسحاب" أمراً مقبولا وما هي مبررات هذا التشاور وما هي المستجدات التي دفعت إليه وقت اشتعال الثورة ووصولها إلى ذروتها؟ .