10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    وكيل تعليم كفر الشيخ يتفقد مدارس إدارة شرق.. ويؤكد استمرار المتابعة    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    «الإسماعيلية الأهلية» تهنئ بطل العالم في سباحة الزعانف    السكة الحديد: 10 آلاف كيلومتر طول الشبكة.. ومتوسط الرحلات اليومية ألف قطار    وزير الخارجية: الدولة حريصة على دعم الشباب المصري لمواكبة الأسواق العالمية    استياء بين أهالى كفر الشيخ بسبب قطع الكهرباء عن 17 قرية وتوابعها    بإطلاق 10 قوافل.. «الإصلاح الزراعي» يضخ 5 ملايين بيضة بالمحافظات    محافظ الفيوم يوجه بسرعة التعامل مع الانهيار الجزئي بطريق كفر محفوظ طامية    عراقجي: عودة العقوبات الأممية على طهران لن تؤثر على المشاريع النووية الروسية الإيرانية    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يمنع عبور شاحنات المساعدات المحملة بالخيام والبطاطين إلى غزة    القاهرة الإخبارية: اشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع بغرب كردفان    ليفربول يزاحم مانشستر سيتي على ضم سيمينيو    الكونغ فو يضمن 5 ميداليات في دورة ألعاب التضامن الإسلامي    تشكيل إنجلترا المتوقع أمام ألبانيا في تصفيات كأس العالم 2026    القبض على متهمين بالاعتداء على فتاتين في كرداسة    ضبط 15 مخالفة تموينية وصحية بمخابز قريتي شبرا نباص وصرد بمركز قطور بالغربية    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    خالد النبوي: الانضباط أساس الممثل.. أنت واخد ملايين    المتحف المصري الكبير يعتمد نظام حجز المواعيد المسبقة إلكترونيا بالكامل ابتداء من ديسمبر    جامعة قناة السويس تُطلق مؤتمر الجودة العالمي تحت شعار «اتحضّر للأخضر»    محافظ أسيوط: تكثيف حملات النظافة ورفع المخلفات بالبداري لتحسين البيئة    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يواصل تنظيم فعاليات المبادرة القومية "أسرتي قوتي" في الإسكندرية    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    سماء الأقصر تشهد عودة تحليق البالون الطائر بخروج 65 رحلة على متنها 1800 سائح    اقتراح برلماني بتعديل اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ    حقه يكمل مشواره| شوبير يدافع عن حسام حسن قبل مباراة مصر وكاب فيردي    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    إعتماد المخطط العام لأرض مشروع «عربية للتنمية والتطوير العمراني» بالشيخ زايد    مصر وتشاد يبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    برنامج بطب قصر العينى يجمع بين المستجدات الجراحية الحديثة والتطبيقات العملية    كفاية دهسا للمواطن، خبير غذاء يحذر الحكومة من ارتفاع الأسعار بعد انخفاض استهلاك المصريين للحوم    أيمن الجميل: إعفاء السلع المصرية من الرسوم الجمركية الصينية فرصة لزيادة الصادرات وتعزيز القطاعات الاستثمارية والصناعية    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    لإضافة بُعد روحي وتربوي، الجندي يوضح سبب وجود مصطفى حسني في لجنة تحكيم "دولة التلاوة"    الفسطاط من تلال القمامة إلى قمم الجمال    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    حالة الطقس في السعودية اليوم الأحد.. أمطار رعدية غزيرة وتحذيرات من السيول    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    الرياضية: أهلي جدة يفتح ملف تجديد عقد حارس الفريق إدوارد ميندي    مصر ترحب باتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين جمهورية الكونجو الديموقراطية وحركة M23    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    إصابة العشرات بعد اندلاع اشتباكات في المكسيك وسط احتجاجات الجيل زد    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    محمد فراج يشعل تريند جوجل بعد انفجار أحداث "ورد وشيكولاتة".. وتفاعل واسع مع أدائه المربك للأعصاب    اليوم.. وزيرالثقافة ومحافظ الإسكندرية ورئيس أكاديمية الفنون يفتتحون فرع ألاكاديمية بالإسكندرية    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    بريطانيا تجرى أكبر تغيير فى سياستها المتعلقة بطالبى اللجوء فى العصر الحديث    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    كمال درويش يروي قصة مؤثرة عن محمد صبري قبل رحيله بساعات    محمود حسن تريزيجيه: الانضباط والاحترام أساس تكوين شخصية لاعب الأهلي    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميدان بلا إخوان
نشر في المراقب يوم 28 - 05 - 2011

وكان الإخوانُ أكثر شيءٍ جدلا.. ليس لأنهم أصحاب فكر عميق، ولا بسبب الثراء الأيديولوجي الذي تتمتع به عقولهم، وليس بسبب ما تتسم به الجماعة من مقدرة على أن تطور عضويا وفكريا بما يتوافق وتغيرات العصر؛ فهذه الخصال الحميدة أبعد ما تكون عن الإخوان لا سيما إخوان الحقبة الراهنة في الحياة السياسية المصرية، وإنما يعود الجدل إلى نقيض ما سبق، أعني بساطة أهدافهم وسطحية أفكارهم السياسية. وقد يتساءل البعض: هل يمكن أن يمثل الفكر السطحي والمطالب البسيطة مصدرا للجدل؟ والإجابة المباشرة ستكون بنعم عندما نوجه هذا التساؤل للإخوان. ولتوضيح إجابتي وتبرير حجتي سوف أعمل على تحليل آخر موقف من مواقف الإخوان فيما يتعلق بالثورة المصرية، وسوف أسعى جاهدا أن أناقش ذلك بصورة تتلمس الهدوء، وتنشد الحد الأدنى من الموضوعية، على اعتبار أن الحد الأقصى أو حتى الأوسط من الحياد في السياسة – مثل سائر العلوم الإنسانية – وهمٌ وخداعٌ لا طائل من ورائه، وسوف أترك للقارئ أن يحدد مقدار الشطط أو الاعتدال في هذه السطور محاولا الالتزام قدر ما هو ممكن بالتفكير المنطقي في تحليلي لموقف الإخوان مؤسسا ذلك على تصريحاتهم وأقوالهم، ليس عبر تاريخهم الطويل ولكن – للمرة الثانية – عبر موقفهم من المشهد الأخير في ميدان التحرير. لقد انبرت القيادات الإخوانية – بصرف النظر عن المسميات سواء كانت ثورة ثانية أو مجرد دعوة مليونية - تندد وتشجب الدعوة إلى مظاهرات السابع والعشرين من مايو، وهذا التنديد في الحقيقة هو المصدر الأساسي لسذاجة الفكر السياسي الإخواني، حيث يعلم الجميع أن موقف الإخوان يتطابق أولا وموقف الحكومة صاحبة السواد الأعظم من المسئولين السابقين في عهد نظام مبارك، وثانيا مع قيادات المجلس العسكري المتباطئ وليس المتواطئ في محاكمة رموز النظام السابق وفقا للأغلبية المشاركة في مظاهرات أمس الجمعة، وثالثا يتطابق موقف الإخوان مع كل التيارات الإسلامية (السلفية والجهادية والجماعة الإسلامية) مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الفئة رفضت المشاركة بناء على توجيه من الإخوان، فكما استخدمت الجماعة الدين في الترويج للموافقة على الاستفتاءات استخدمته مرة أخرى فأوحت للتيارات الدينية أن المشاركين علمانيون ليبراليون معادون للدين؛ وكانت تلك سقطة كبرى ثبتت في الميدان الذي شارك فيه آلاف المصريين الذين تحملوا حرارة الشمس الحارقة وهم يصلون صلاة الجمعة. وبالتالي إذا كان موقف الإخوان يتماهى مع رغبات الحكومة وصناع القرار ولا يشاركون في مظاهرات شاركت فيها كل الأحزاب المصرية تقريبا فضلا عن شباب ليس لديهم أي توجه سياسي وكانوا هم في الأساس من فجر ثورة يناير، أقول إذا كان هذا هو موقف الإخوان فإنه لا يخلو من مصالح شخصية خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن لجنة تعديل الدستور كانت تتضمن أسماءً إخوانية مشهورة بذلت أعظم الجهد لتمرير التعديلات بادعاء أنها سوف تسهم في تحقيق الاستقرار الذي لم يتحقق البتة، ومن ثم فأول ملامح السذاجة والسطحية تتمثل في وضوح الأطماع الشخصية لجماعة تسعى إلى دور سياسي فاعل في المستقبل؛ إذ أن المصلحة العامة لا الشخصية هي أهم شروط العمل السياسي الناجح في أي مجتمع متقدم أو يسعى إلى التقدم. سقطة ثانية أظهرها موقف الإخوان الرافض للمشاركات في مظاهرات أمس تتمثل في الاتهام العلني والصريح لكل من سيشارك في هذه المظاهرات، وكانت الاتهامات تدور حول أن المشاركين إما أنهم علمانيون ليبراليون يسعون إلى إفساد البلاد بالتحرر والمجون وإما أن المشاركين عناصر أجنبية أو عناصر تعمل وفقا لأجندات خارجية تسعى إلى إثارة الفتنة والوقيعة بين الجيش وشعبه!! والحقيقة أن هذه الاتهامات وصلت إلى درجة من السذاجة تثير الضحك حتى البكاء، ليس لأنها تكرار غبي وبغيض للطريقة التي كان يعمل بها الحزب الوطني مع الإخوان أنفسهم ولكن لأنها أيضا بعيدة كل البعد عن الواقع، وأظن أن هذا أمر ليس في حاجة إلى دليل حيث لا يخفى على الإخوان أنفسهم أن الليبرالي أو العلماني أو اليساري ليس عدوا للدين بالطريقة التي يروجون لها، بدليل أن الإخوان كانوا يجلسون معا، يدا بيد أياما وليالٍ في الميدان خلال الثورة، كانوا يتناقشون ويتجادلون ويختلفون فلا يغضبون ولا يشوه بعضهم بعضا، بل يضحكون بعيون سامرة وعقول يقظة ساهرة وضمائر وفية عامرة بالحب والوفاء والقسم على البقاء في خندق حب الوطن، كانوا يفترشون الأرض معا، ويتقاسمون كسرات الخبز معا، ويقسمون على الولاء والإخلاص لمطالب الثورة معا، كانوا يترقبون جميعا قرار التنحي بالصبر والأمل والدموع، كانوا يحترقون شوقا لمستقبل مصري يجمعهم في بوتقة واحدة الكل يعمل فيها دون تخوين أو اتهام أو تشويه... لكن بمجرد أن تحقق الهدف، وسقطت - بفضل الشعب - تهمةٌ التصقت بالإخوان حينا من الدهر كانوا فيها شيئا "محظورا"، بعد أن قضوا وطرهم، ونالوا مرادهم وشعروا أن المستقبل لهم، نزعوا قناع التسامح والحوار وقبول الآخر وأشهروا سيف التخوين والتكفير في وجه كل من يعارضهم ويقول "لا" لنظام مازال مستمرا بشكل أو بآخر، وظنوا – بعد أن أخذتهم العزة بالإثم – أنهم هم الشعب المصري وأنهم قادرون على حشد الحشود متى يرغبون، وفضها ومنعها وتشويهها متى يشاءون، ولكن هيهات لهم فقد خاب سعيهم، خاب بعد أن امتلأ الميدان بالمصريين الذين يسعون إلى إكمال ثورتهم وتحقيق غايتهم لصناعة مستقبلهم بلا فساد أو إفساد أو مفسدين، مصريون لا يحبون تعطيل العمل كما يقول الإخوان فقرروا عدم الاعتصام في الميدان إلا نفر قليل منهم حركتهم الحماسة وأرق نومهم التباطؤ في محاسبة الفاسدين وقض مضجعهم مصير ثورتهم العظيمة وهم يرونها ترتجف خوفا من الضياع في خطاب إخواني مفعم بزهو الظافر المنتصر، ومع ذلك بذل السواد الأعظم من المشاركين ومن القوى السياسية أكبر جهد لإثنائهم عن الاعتصام. لقد خاب سعيهم لأن المصريين المتظاهرين المطالبين – قبل أي شيء – بعقاب الأشرار من أجل الاستقرار ذهبوا إلى الميدان فامتلأ عن آخره بلا إخوان رغم خطابات التخويف والتخوين. خاب سعيهم لأن اتهامات الكفر والزندقة المباشرة وغير المباشرة لم تفلح في شيء، فالمصريون المسلمون اصطفوا كي يصلوا إلى الله العلي القدير فأظلهم بظله، ومن الطريف أن الشمس الملتهبة اختفت أغلب النهار ولم يعد لها أثر وكأنها رسالة من الله ودعم للمصريين في الميدان الذي خلا من الإخوان وامتلأ فقط.. بالإنسان.
باحث دكتوراه في فلسفة الدين المعاصرة

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.