صديقي الفلاح الفصيح جاء مستاءً مما يحدث. وما تتعرض له الأمة من قوي الظلام والمؤامرات التي تريد إحداث الفرقة وإيقاع الفتنة بين الإخوة الأشقاء في الوطن الواحد. قال: عمري الآن أكثر من 60 سنة. وأذكر وأنا طفل صغير أن كل القرية كانت تتعامل مع عم مينا الجواهرجي ولا تثق إلا فيه في ميزانه الحساس الذي يزن الذهب بالجرام. تشتري منه وحده لزواج البنات والأولاد وتنتقل إليه في المحل الذي أقامه بجوار بيته في وسط القرية.. أو يأتي هو بنفسه إلي بيت العيلة حاملاً في شنطة كل جديد من الأشكال المختلفة التي تهواها البنات والأسر.. وأحياناً كثيرة كان يمتد الحديث حتي موعد الغداء أو العشاء طبقاً للظروف. فيتناوله مع إخوانه من المسلمين. وفي المدرسة كان يجلس بجواري زميلي المسيحي. لم نختلف يوماً.. بل كان كل منا يحترم مشاعر الآخر ونتزاور في كل المناسبات. ولا نفترق خلال اليوم الدراسي إلا في حصة الدين. حيث يتولي الشرح له مع 6 آخرين مدرس مسيحي.. ونحن مدرس مسلم. وفي المرحلة الثانوية عندما تلقينا خبراً شؤماً بأن صديقنا المسيحي توفاه الله وهو في زيارة عائلية بالمدينة لقريبه بعد أن صدمته سيارة خرجنا من المدرسة في وفد طلابي كبير لتقديم واجب العزاء في الكنيسة.. وبكينا فيه دماثة الخلق والطهارة والبراءة والفراق الحزين. لم نعرف منذ نعومة أظافرنا هذا التعصب الأحمق المدفوع من قوي خارجية تريد كما قلت إيقاع الفتنة.. ويجب أن نكون لها بالمرصاد. في حرب 73 امتزج الدم المسيحي بالدم المسلم لتحرير تراب الوطن. وفي ثورة 1919 ارتفع الهلال مع الصليب للمطالبة بالاستقلال.. وقالت قوي الاستعمار الخارجي: إن مسيحيي الشرق أخطر علينا من المسلمين في إشارة واضحة إلي التمسك بالوطن واستقلاله. والآن وفي انطلاقة يتم التخطيط لهدم هذه القيم الجميلة التي عشنا عليها عصوراً طويلة مختلفة.. فهل ننقذ بأيدينا ما يريدون إيقاعنا فيه؟! كان هذا كلام صديقي ابن الريف الأصيل.. فما رأيكم؟! بصراحة نحن بحاجة للتحلي بالحكمة كما قال البابا شنودة والتمسك بوحدة أمتنا لأنها السد الذي تهاوت عليه كل المؤامرات علي مر التاريخ. كما أكد صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري.