توسمت فيه صحفياً ناجحاً حين عرفته عن قرب في صالة التحرير بجريدة "الجمهورية" بمبناها العتيق بشارع زكريا أحمد في قلب القاهرة. دخل هذه الساحة التي كانت تضم كبار الصحفيين مع أبنائهم من الشباب المندوبين في مختلف الوزارات. وكانت لديه الرغبة في العمل بقسم القضايا والحوادث. لكن وجد بعض المعوقات. فجلس إلي جواري وعلامات الأسي تبدو علي وجهه. فهدأت من روعه وأخبرته بأن هناك أقساماً كثيرة في حاجة إلي شاب طموح مثله يهوي العمل في بلاط صاحبة الجلالة. وقدمته إلي الزميل الأستاذ وحيد غازي. رئيس قسم التحقيقات الصحفية آنذاك.. فرحب به وانضم لأسرة التحقيقات وكان ذلك في أواخر الستينيات. وأثبت سعيد عبدالخالق كفاءة في هذا المجال رغم أنه خريج قسم فلسفة واجتماع بجامعة القاهرة. توثقت عري الصداقة مع سعيد خاصة أننا كنا نلتقي مع خاله المرحوم حافظ أحمد.. زميلنا بقسم الحوادث.. ثم التحق سعيد عبدالخالق بكلية الضباط الاحتياط وجاءني يرتدي ملابسه العسكرية. والابتسامة لا تفارقه. والمداعبة بيننا لا تنقطع. فقد كان خفيف الظل. ابن بلد. شهماً. يقتحم أي مجال بلا أي تردد. دمث الخلق. ومن حسن الطالع أنه شارك في حرب أكتوبر 73. وبعد انتهاء معارك النصر عاد للعمل في بلاط صاحبة الجلالة. وتنقل بين جريدتي "الأحرار" و"الميدان". ثم استقر به المقام في جريدة "الوفد" وكانت له بها خبطات صحفية. وحرك المياه الراكدة بباب "العصفورة". كانت المعارضة تغلي في دمه. وعندما كنت أناقشه كان رده: أنا مع نبض الشارع. ومصلحة المواطن فوق كل اعتبار. وقد كتب عدة مقالات في هذا المجال. ولم يهتم كثيراً بردود الأفعال التي كانت تشكل له معاناة متعددة. وقد شاءت الأقدار أن أحد الذين كانوا يرفضون التحاقه ببلاط صاحبة الجلالة. لجأ إليه طالباً العمل معه. فاستجاب بكل رحابة الصدر. وأخذ يداعبه بلطف دون مساس بمشاعره. كنت دائم السؤال عنه. نتبادل الحديث الشيق بمداعبات وضحكات نسترجع خلالها رحلة الحياة ومتاعبها مع الصحافة. وعندما عرفت بدخوله غرفة العناية المركزة بادرت بالاتصال بنجله المهندس كريم. فأخبرني بأنه في غيبوبة. وسألني أن أدعو له. وظل يصارع المرض حتي شاءت إرادة الله.. أن يرحل سعيد عن عالمنا. رحمه الله. ونسأله أن يجزل له العطاء والرحمة.. وسبحان من له البقاء.