حققت الدورة الخامسة والعشرون لمؤتمر أدباء مصر التي عقدت بقصر ثقافة الجيزة وانقضت قبل أيام. العديد من المكاسب لأدباء مصر تضاف إلي الإنجازات المهمة التي حققتها الدورات السابقة. ولعل أهم هذه المكاسب علي الاطلاق هو موافقة الجمعية العمومية للمؤتمر علي تعديل بعض البنود سواء في لائحة نوادي الأدب. أو لائحة المؤتمر وعلي رأسها تقليل أعداد المشاركين في المؤتمر بما يضمن فعاليات أكثر حيوية واقامة أكثر آدمية للمشاركين. حيث تم الاستقرار علي ان يمثل كل محافظة ثلاثة أدباء فضلاً عن أديب رابع هو عضو الأمانة الذي يمثل محافظته. واقتصار الشخصيات العامة علي عشر شخصيات فقط. لقد وصل المؤتمر إلي درجة من الترهل كانت تهدد استمراره وتمثل عائقاً دون موافقة المحافظين علي استضافته. والأهم أنها كانت تمثل عبئاً علي المؤتمر ولا تضيف إليه. ويكفي ان نعلم ان عدد المشاركين في المؤتمر وصل إلي أكثر من 300 أديب وناقد واعلامي لم يكن يحضر الجلسات أكثر من 30 منهم. بينما الآخرون نائمون في الفندق أوفي جولات سياحية.. الكلام يتعلق بالمؤتمرات عموماً وليس هذا المؤتمر فقط. وكان أدباء مصر علي قدر المسئولية عندما وافقوا بما يشبه الاجماع. علي هذا التعديل المهم الذي لا شك سيجعل المؤتمرات القادمة أكثر دقة وتنظيماً وفاعلية. ورحب د. أحمد مجاهد رئيس الهيئة بقرار الأدباء معلنا تفهمه لرغبتهم في تطوير آلية عمل المؤتمر. ومؤكداً ان الهيئة حريصة علي ممارسة الأدباء حقهم في وضع ما يرونه من تصورات ويتخذونه من قرارات لتطوير مؤتمرهم. ومشيراً إلي ان هذا القرار صائب تماماً. المؤتمر الذي افتتحه فاروق حسني وزير الثقافة ود. أحمد مجاهد رئيس هيئة قصور الثقافة ورأسه د. أحمد زايد. وتولي أمانته العامة د. جمال التلاوي شهد العديد من الجلسات البحثية والموائد المستديرة وسبع أمسيات شعرية. وجاء تنظيم هذه الدورة جيداً وشهدت فعالياته مناقشات ساخنة خاصة في المائدة المستديرة التي شارك فيها أمناء المؤتمر السابقون.. وقد بذلت إدارات الهيئة جهوداً جبارة للخروج بهذا الشكل المحترم. منها الادارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر سعد عبدالرحمن. وإقليم القاهرة الكبري وشمال الصعيد برئاسة أحمد زحام. وإدارة الثقافة العامة برئاسة الشاعر محمد أبوالمجد. والفرع الثقافي بالجيزة برئاسة الشاعر مسعود شومان. والفرع الثقافي بالقاهرة برئاسة صبري سعيد. وادارة العلاقات العامة برئاسة إيمان عقيل. وادارة الاعلام برئاسة ميرفت واصف. بالاضافة إلي النشرة اليومية المتميزة التي تابعت فعاليات المؤتمر برئاسة تحرير الشاعر فارس خضر. حملت الجلسة الافتتاحية أيضاً مزيداً من المكاسب عندما وافق الفنان فاروق حسني علي ان تصدر مجلة القصة شهرياً. ووافق علي اعطاء منح للأدباء للسفر إلي أكاديمية روما. والاستمرار في اصدار ترجمات أدباء الأقاليم مؤكداً ان هؤلاء الأدباء يمثلون ثقافة وطن بأكمله. أصدر المؤتمر هذه الدورة سبعة كتب: كتاب الأبحاث. كتاب المكرمين. مختارات من شعر العامية مترجمة إلي الانجليزية ترجمة عبده الريس. ومحمد المغربي. وشرقاوي حافظ. وطاهر البربري. مختارات من القصة القصيرة ترجمة تغريد فياض. ومختارات من شعر الفصحي ترجمة منير مزيد. والكتاب السادس معجم المصطلحات الثقافية. أما الكتاب السابع فهو ديوان "حكايات بهية" للشاعر الكبير الراحل محسن الخياط الذي حملت هذه الدورة اسمه باعتباره أحد مؤسسي المؤتمر وأكثر المهتمين بأدباء الأقاليم. المؤتمر حمل عنوان "تغيرات الثقافة.. تحولات الواقع" وقد بدأت فعالياته عقب الجلسة الافتتاحية بمحاضرة لرئيسه د. أحمد زايد حملت نفس العنون أشار فيها إلي ان مفهوم الثقافة بالمعني الضيق يشير إلي جميع المنتجات العقلية والفنية والعلمية التي تميز شعباً من الشعوب. أما الثقافة بالمعني السوسيولوجي الأوسع فهي "مخططات الحياة تاريخية المنشأ" بمعني انها تشمل كل أساليب الحياة التي تستغرق مدي كبيراً من الرموز والعادات والتقاليد والمعتقدات والفنون والمنتجات المادية وكل ما يتعلمه الانسان بوصفه عضواً في الجماعة. أحمد زايد ذكر في محاضرته التي أدارها د. عبدالرحيم الكردي ان علماء الاجتماع المحدثين أكدوا ان نسق الثقافة هو النسق المنوط به المحافظة علي استمرار المجتمع وحفظ مكونات هويته وخصائصه المميزة. فعبر الثقافة تستمر الطاقة الكامنة في المجتمع لتحقق له الصمود عبر الزمن. وذلك عبر العمليات المستمرة لنقل تراث المجتمع وثقافته إلي الأجيال المتجددة. مع المحافظة علي ما يتيحه المجتمع من تجديدات وابداعات فنية وأدبية وتكنولوجية. وقال د. زايد ان الثقافة تراث حي لا يسكن عند حالة معينة ولا يقف عند شواطيء محددة. بل يتغير علي نحو دائم ويتفاعل مع المستحدثات الجديدة تفاعلاً ديناميكيا خلاقاً ولم تشهد الثقافة في عصر من عصور تبدلها مثلما تشهد في عصرنا الحالي. الذي يسمي عصر العولمة. فقد تداخلت الثقافات وتفاعلت علي نحو عميق. وتحولت المجتمعات التي كانت متباعدة إلي مجتمعات تتقارب عبر وسائل اتصال سريعة.