لم نصدق أبداً أن مناحم بيجين يمكن أن يكون صديقاً لمصر والمصريين.. ولا موشي ديان ولا جولدا مائير.. ولا شارون وأولمرت وباراك ورابين ونتنياهو.. مهما أعطونا من ألسنتهم كلاماً معسولاً.. كلهم بحمائمهم وصقورهم.. لا يمكن أبداً أن يكونوا أصدقاء لمصر والمصريين في يوم من الأيام.. ولو حدث هذا لكان هناك خطأ كبير يجب تصحيحه. المشكلة ليست في الأسماء.. ولا في التوجهات السياسية.. ولا حتي فيمن يسير في طريق الحل السلمي ومن يسير عكسه.. المشكلة في الدولة ذاتها.. وفي الفكرة الصهيونية التي أوجدتها.. والفكرة التوسعية التي تعيش عليها.. والرؤية الاستعمارية التي تخطط لها في المستقبل لتكون لها الهيمنة علي منطقتنا العربية.. هذه كلها وغيرها كثير كفيل بأن تظل اسرائيل هي العدو الحقيقي.. العدو الاستراتيجي. وعندما كان الرئيس السادات الله يرحمه ينطق تعبيره الشهير "صديقي بيجين" كنا نعتبر ذلك ضرورة من ضرورات السياسة.. لكن الحقيقة أن هذا التعبير لم يكن يمر علينا بشكل عادي.. وانما كان يجرح كبرياءنا القومي.. ويؤذي مشاعرنا الوطنية والانسانية.. فمعاهدات السلام قد تمنع الحروب بين الدول.. لكنها لا تقلب العدو صديقا.. ولا تضع العدو مكان الشقيق أو الصديق.. وإن اختلفنا أو تخاصمنا مع شقيقنا وصديقنا. والآن.. وبعد أن انكشف الجاسوس الجديد.. مدرب الكونغ فو طارق عبدالرازق.. تثبت اسرائيل للمرة الألف أنها ليست أهلا لصداقتنا.. وأننا علي حق حين نستجيب لحسنا الوطني والشعبي.. فمادامت اسرائيل تنظر لنا علي أننا العدو.. ومادامت تبحث عن جواسيس جدد لترسلهم إلينا.. إذن فنحن نسير في الاتجاه الصحيح. ولعل هذه رسالة واضحة إلي بعض من أبناء جلدتنا الذين ربما خدعتهم ألاعيب شيمون بيريز وتسيبي ليفني وغيرهما من حيات تل أبيب فصدقوا أن كثرة الكلام عن الصداقة تعني الصداقة فعلاً.. وكثرة الكلام عن السلام تعني السلام فعلاً.. ونسوا أن الصداقة فعل والسلام سلوك.. وبغير الفعل والسلوك تكون المسألة كلها شركاً يجب أن يحذره العقلاء حتي لا يقعوا فيه فيندموا في وقت قد لا ينفع فيه الندم. سقوط الجاسوس الجديد يعطينا أيضا إشارة جيدة علي أن أمننا القومي علي أعلي درجات اليقظة.. وفي كامل لياقته.. ويتمتع بحس وطني عال.. وأنه قادر علي أن يفصل بين ما يمكن أن يكون من ضرورات السياسة وما يجب أن يكون من ضرورات الأمن القومي. هذا بعد مهم للغاية في القضية.. يطمئننا علي أنفسنا وعلي وطننا وعلي مستقبل أبنائنا.. وهناك بعد آخر يجب ألا يغيب عن أذهاننا وهو ما كشفت عنه القضية من تعاون محمود بين جهاز المخابرات المصرية وأجهزة المخابرات العربية.. خاصة في سوريا ولبنان.. وقد كان من نتائج هذا التعاون سقوط شبكة للتجسس في مواقع حساسة في العاصمتين الشقيقتين دمشق وبيروت. ان القضية الآن بين يدي القضاء العادل.. والمتهم بريء حتي تثبت إدانته.. وقد قالت والدته التي ندعو لها بالصبر والثبات انه إذا أكد القضاء أن التهمة ثابتة عليه فإنها ستتبرأ منه.. فالمصريون يغفرون ويتسامحون إلا حين يتعلق الأمر بإهانة الوطن وإلحاق الضرر به والتجسس عليه.. فتلك هي الخيانة التي ما بعدها خيانة.. ساعتها يتبرأ الرجل من ابنه وأخيه وأمه وأبيه.. وتتبرأ الأم من زوجها وابنها الذي حملته في بطنها. هذه أخلاق المصريين عامة.. الوطن عندهم أهم من أنفسهم وأرواحهم وأهم من أبنائهم وبناتهم.. الوطن قيمة عالية تعيش فيهم وليس مجرد أرض يعيشون عليها.. الوطن حياة ومسقط رأس.. وليس مجرد مؤسسة تعاقدية يشتركون فيها بالأسهم.. والجريمة في حق الوطن هي كبيرة الكبائر التي لا تمحي.. فما بالك إذا كانت الجريمة لصالح اسرائيل.. اسرائيل التي ارتكبت من الجرائم ما لا يمكن أن تغسله مياه كل البحار والمحيطات والأنهار الموجودة علي كوكب الأرض. ستظل اسرائيل هي العدو الحقيقي لمصر والمصريين.. وللأمة العربية والاسلامية إلي ما شاء الله.. ولن تفلح جهودها الخبيثة وجهود أصدقائها الخبثاء لإلهائنا بعدو بديل.. وستظل ذاكرتنا الوطنية حية.. ولن ننسي أبداً أنها أس البلاء في كل المصائب التي تحدق بنا.. وأنها القوة المحرضة علي كل الفتن التي في بلادنا.. من أجلها كان غزو العراق.. ومن أجلها يجري تسميم الأجواء في لبنان وتقسيم السودان بينما هي ترفض السلام وتصر علي الهيمنة والتوسع والسلب والنهب. انها تذكرنا دوما بأنها العدو.. العدو الوحيد الذي يضمر لنا الشر.. ويتجسس علينا.. ويعمل ضد مصالحنا.. ويتربص بنا الدوائر.. ويعمل علي اضعافنا.. وترتكب كل يوم جرائم جديدة ضد اخواننا المستضعفين في فلسطين.. وتقوم بغارات إجرامية ضد أهالي غزة المحاصرين.. وتحتمي في كل ذلك بالمظلة الأمريكية التي تضمن لها التفوق العسكري علي كل جيرانها.. وتضمن لها التهرب من الشرعية الدولية من خلال التهديد الدائم بالفيتو لخدمة اسرائيل في مجلس الأمن. ان العالم لا يتحرك خطوة واحدة نحو العدالة وهو يري اسرائيل تسرق منازل الفلسطينيين وتهدمها وتطردهم إلي الشارع لكي تبني مكانها مستوطنات للمهاجرين إليها من كافة بقاع الأرض.. ولا يتحرك خطوة واحدة نحو العدالة وهو يري اسرائيل تقتل الأبرياء في فلسطين بينما لو انطلق صاروخ واحد ضد اسرائيل تقوم الدنيا ولا تقعد.. وتنشط اسرائيل يوميا في اعتقال آلاف الفلسطينيين والزج بهم إلي غياهب السجون بينما يقف العالم علي قدم واحدة من أجل أسير اسرائيلي واحد. والعبرة هنا ليست بالحقوق المتساوية للشعوب في الحياة الحرة الكريمة.. وانما العبرة بمنطق القوة.. والقوة مهما علت لن تؤسس لاسرائيل حقا.. ولن تكسبها احتراما.. بالعكس جعلتها القوة تحوز علي أكبر كم من العداء بين العرب.. ولدي كثير من شعوب العالم المتحرر من الهيمنة الأمريكية. شكراً للجاسوس.. وشكرا لمن فجر القضية.. فقد أكد لنا أن بوصلة المصريين الوطنية صحيحة مائة في المائة. إشارات * يجب أن يكون التحرك الفلسطيني والعربي متناسبا مع سرعة موجات الاستيطان الاسرائيلي المتلاحقة.. وإلا فلن يكون هناك أرض للحديث عنها بعد عام واحد. * اضراب المقطورات تحول إلي إرهاب وبلطجة.. يجب أن يتدخل العقلاء حتي لا يفلت الزمام. * أزمة المرور المتكررة أوقفت حالنا.. وجعلت حياتنا صعبة جدا.. نريد حلا. * فكرة الاعتزال أصبحت موضة.. ترتديها الفنانة في الشتاء وتخلعها في الصيف وبالعكس.