أمسية غير متفق عليها. قضيتها مساء الخميس ضمن رواد إحدي محطات البنزين في مدينة نصر.. وكأننا في مليونية. غير سابقة التجهيز جمعت بين طوائف مختلفة من الناس.. بين الشاب والشيخ. النساء والرجال. البسطاء والبهوات.. لأن الوقت امتد بالجميع لما يزيد علي 3 ساعات من أجل حفنة لترات من البنزين. فقد تحولت الأمسية الي منتدي ساخن جداً. شارك فيه الجميع دون حرج. من باب التسلية. أو من باب التواصل الاجتماعي في أهم قضايا مصر هذه الأيام.. وكانت بالترتيب المفاضلة بين الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق في انتخابات الإعادة علي منصب رئيس الجمهورية. وأيضاً الأحكام المتوقعة اليوم علي الرئيس السابق ونجليه ووزير داخليته ومساعديه. وتأثير هذه الأحكام علي انتخابات الرئاسة.. ثم بين هاتين القضيتين العظيمتين. كان المتناقشون في انتظار البنزين يأخذون فاصلاً للحديث عن منتخب مصر والدوري ومصيرهما. ورصدت من بين المناقشات ان الاهتمام بكرة القدم قد تراجع بصورة كبيرة. بعد ان تحولت الكرة عندنا إلي اقتتال ودماء وشهداء.. وبعد ان غاب عنها الجمهور. وتحولت الي مباريات سرية قد يتعرف عليها الناس بالصدفة. لأن المصائب المحيطة بنا أعظم وأخطر من الاهتمام بالمنتخب أو الأهلي أو الزمالك أو شيكابالا أو حسن شحاتة.. معقول الناس مشغولة باستقرار البلد. وحق كل مواطن في الأمن والأمان اللذين اصبحا سلعة عزيزة جداً. وكأن هذا الوطن قد كتب عليه. فجأة ان يحرم بأروع وأميز ما فيه.. واتفق الناس جميعاً علي اختلاف وجهات نظرهم في مرشحي الرئاسة. علي ان الأمن والأمان. مطلوب بأسرع ما يمكن حتي يعود للمجتمع استقراره ويستأنف مسيرة التنمية في مختلف المجالات بعد ان توقفت هذه المسيرة طوال العامين الماضيين. كضريبة للثورة الشعبية التي سعي إليها الشعب مجتمعاً ولكن فشلت كل القوي السياسية في تحقيق التوافق وساد بينها التخوين والافتراءات المتبادلة.. والثمن كان ثقيلاً جداً وهو افتقاد الاستقرار والانقسام الاجتماعي الشديد والعنيف أيضاً ووقف الحال في كل القطاعات.. أصبحت معركة الرئاسة التي تمناها شعب مصر طوال العقود الماضية. منذ ثورة 1952 وحتي ثورة يناير 2010 فطوال 62 عاماً لم يمارس الشعب المصري حقه في اختيار رئيسه بصورة ديمقراطية. إلا هذه الأيام. مليونية محطة البنزين طرحت كل ما يجول بخاطر المصريين.. وعلي رجال هذه المرحلة وتحديداً الدكتور مرسي والفريق شفيق ان يكونوا علي قدر المسئولية وان يبثوا التطمينات اللازمة في نفوس الشعب المصري. في المدن والقري والنجوع.. وليس هؤلاء الذين يصرخون ويحرقون في ميدان التحرير ويتجملون أمام شاشات التليفزيون. المهم أن المليونية أو الأمسية انتهت في الثالثة صباحاً. دون ان أضع نقطة بنزين واحدة في سيارتي. ومعي عشرات السيارات الأخري.. حرام عليكم.. مصر بتنهار.