الشرق أوسطية.. تعبير جديد. ظهر في حياتنا منذ أعوام قليلة. لكنه بإصرار الإعلام الصهيوني ولامبالاتنا أصبح متداولاً. فلا تستوقفنا خطورته. بدأت التسمية بعد أن ألف شيمون بيريز في 1993 كتابه "الشرق الوسط الجديد".. ثم دعا بيريز في مؤتمر الدارالبيضاء "1994" إلي السوق الشرق أوسطية. فالتسمية إسرائيلية إذن. والاقتراح إسرائيلي.. إن مجرد تعبير "الشرق أوسط" هو ما يهم إسرائيل. تلغي التسمية "الطارئة" هذا هو تصوري! تسميات قديمة. وثابتة. وممتدة. مثل المنطقة العربية. العالم العربي. الوطن العربي. المشرق العربي. إلخ.. الشرق أوسطية هي البديل المضاد لمشروعات الوحدة العربية. هي الباب الملكي لدخول إسرائيل في كل المشروعات الاقتصادية بالمنطقة.. تحول السيطرة العسكرية إلي سيطرة اقتصادية. ميزتها الأهم أنها سيطرة ممتدة وذات عائد. وتحقق الاسترخاء للكيان الصهيوني.. الشرق أوسطية بلا إسرائيل لا قيمة لها. لا معني لها. لأن المنطقة دون إسرائيل عربية التاريخ والثقافة واللغة.. الشرق أوسطية تعني دمج إسرائيل في المنطقة العربية. مع تغيير صورة المنطقة بصورة جذرية. فسكانها لا تجمعهم قومية واحدة. ولا لغة واحدة. ولا ماض مشترك. أو مصير مشترك. كما كان عليه الحال منذ مئات الأعوام. إنما هي وطن لعرقيات مختلفة. إسرائيل هي صاحبة التعبير. حتي لا تظل جسماً غريباً في المنطقة العربية.. ولغياب الفعل العربي. أو رد الفعل العربي. فقد تسللت إلي حياتنا تعبيرات أخري تدور حول نفس المعني لعل أخطرها ثقافة حوض البحر المتوسط.. فهي تجعل من الدول التي تطل علي البحر المتوسط إقليمياً يضم إسرائيل. ويفرض عزلة بين دول البحر المتوسط العربية وغيرها من دول المنطقة العربية. ثمة مؤتمرات دعت إليها منظمات دولية تحت اسم ثقافة البحر المتوسط. وثمة مهرجانات شبابية ونسوية تحت الاسم نفسه.. حتي الرقص الشعبي العربي نسبه الإعلام الصهيوني إلي ثقافة البحر المتوسط.. محاولة سافرة لطمس الهوية العربية. لإلغاء تاريخها وموروثها. وإدماجه في هوية مصنوعة. جعلت من الدين إطاراً لها.. أما الصورة فهي خليط من حضارات وثقافات ولغات متباينة. وقد طالعتنا في الآونة الأخيرة محاولات لتذويب الجامعة العربية في الشرق أوسطية. إلغاء الهوية العربية والخصوصية العربية بجعلها جزءاً من نسيج متداخل الخيوط والألوان. تغيظني اللامبالاة التي نواجه بها أفراداً وحكومات هذه المحاولات المتسللة للسطو علي حضارتنا العربية. نحن يجب أن نرفض المسميات المستحدثة. التي يريدون أن يفرضوها علي منطقتنا العربية.. نرفض "الشرق أوسطية" و"إسرائيل وجيرانها العرب" وغيرها. استنمنا إلي الرأي بأن العالم لا يعرف إلا منطق القوة. وحسبنا أنفسنا من غير الأقوياء. مع أننا نملك قوي بشرية واقتصادية. لو أننا أحسنَّا استغلالها لتغيرت أوضاع كثيرة.. فهل نستنيم كذلك إلي محاولات طمس الزمان العربي والمكان العربي. وجعل ثقافتنا العربية تابعة لثقافة بلا جذور؟!