"الوطنية للانتخابات": 516 ألفا و818 صوتا باطلا بنظام الفردي في انتخابات الشيوخ    نائب محافظ قنا: مشروع القطار الكهربائى السريع نقلة نوعية فى مجال النقل    برلمانى: رسالة الرئيس السيسي بشأن الأمن المائي تأكيد لقدرة مصر على حماية حقوقها التاريخية    رحيل الدكتور علي المصيلحي وزير التموين السابق بعد مسيرة حافلة بالعطاء(بروفايل)    أنس الشريف ومحمد قريقع.. ليلة استشهاد الصحافة فى غزة    تأخر ناشئى اليد أمام الدنمارك 17-14 بالشوط الأول في بطولة العالم تحت 19 عاما    الداخلية: التيك توكر منتحل صفة سيدة طالب مقيم فى الشرقية.. فيديو    مفتي القدس: مصر سند دائم للقضية الفلسطينية منذ النكبة.. والذكاء الاصطناعي أداة لتعزيز الفتوى الرشيدة    مفتى القدس: مؤتمر الإفتاء جاء فى الوقت المناسب لبحث الثورة العلمية والصناعية    تصاعد الصراع وكشف الأسرار في الحلقة الرابعة من "فلاش باك".. أول ظهور ل خالد أنور    نجوى كرم: أتمنى تقديم دويتو مع صابر الرباعي (فيديو)    غدا.. الفرقة القومية للفنون الشعبية تقدم عرضا بمدينة المهدية ضمن فعاليات مهرجان قرطاج بتونس    «اعرف دماغ شريكك».. كيف يتعامل برج الميزان عند تعرضه للتجاهل؟    حكم الوضوء لمريض السلس البولى ومن يعاني عذرا دائما؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    محافظ سوهاج فى جولة مفاجئة للمستشفى التعليمى للاطمئنان على الخدمات الطبية    سيدة تضع 4 توائم فى ولادة حرجة بمستشفى أشمون العام بالمنوفية    نائب وزير الصحة تجتمع بعميد كلية التمريض دمنهور لبحث ملفات التعاون المشترك    مجلس عمداء جامعة كفر الشيخ يبحث استعدادات العام الراسي الجديد 2025/2026    متحدث باسم الخارجية الصينية: الصين تدعم كل جهود تسوية الأزمة الأوكرانية    نائب الرئيس الإيراني: التخلي الكامل عن تخصيب اليورانيوم "مزحة"    منسقة الأمم المتحدة: إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب يعكس اهتمام مصر بالرياضة كقوة ثقافية ومحرك للتنمية    إقبال كبير على تذاكر مباراة ريال مدريد أمام تيرول    الحسيني وهدان يتوج بذهبية الكونغ فو في دورة الألعاب العالمية    وسام أبو علي يستعد للسفر إلى أمريكا خلال أيام.. والأهلي يترقب تحويل الدُفعة الأولى    رامي صبري وروبي يجتمعان في حفل واحد بالساحل الشمالي (تفاصيل)    رئيس جامعة أسيوط يستقبل محافظ الإقليم لتهنئته باستمرار توليه مهام منصبه    ما الحكمة من ابتلاء الله لعباده؟.. داعية إسلامي يُجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    ضبط سائق لحيازته 53 ألف لتر سولار بدون مستندات تمهيدًا لبيعها بالسوق السوداء في الأقصر    وزير التعليم العالي يفتتح المجمع الطبي لمؤسسة "تعليم" بمحافظة بني سويف    ما نتائج تمديد ترامب الهدنة التجارية مع الصين لمدة 90 يوما أخرى؟    «جهار»: معايير «التطبيب عن بُعد» خطوة استراتيجية لدعم التحول الرقمي في القطاع الصحي    «الإعلام والتحليل الرياضي من التفاعل الجماهيري إلى صناعة التأثير».. ورشة عمل بماسبيرو    غدًا.. قطع المياه عن مدينة أشمون في المنوفية 8 ساعات    «طبيعي يزعل ولكن».. شوبير يعلق على أنباء مفاوضات بيراميدز مع الشناوي    «مصيلحي» و«المصيلحي».. قصة وزيرين جمعهما الاسم والمنصب وعام الموت    خصم يصل ل25% على إصدارات دار الكتب بمعرض رأس البر للكتاب    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    حجز نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه للقرار    وزيرة التخطيط تشارك في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025-2030    "الجمهور حاضر".. طرح تذاكر مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري    الوزير يترأس اجتماع الجمعية العمومية العادية لشركة السكك الحديدية للخدمات المتكاملة    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    12 أغسطس 2025.. ارتفاع طفيف للبورصة المصرية خلال التعاملات اليوم    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    القبض على بلوجر شهير بتهمة رسم أوشام بصورة خادشة للحياء    الرئيس السيسي يستقبل اليوم نظيره الأوغندي لبحث تعزيز العلاقات الثنائية    المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يفند أكاذيب الاحتلال حول سياسة التجويع في القطاع    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    «تعليم كفر الشيخ» تعلن النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    "زاد العزة" تواصل إدخال المساعدات المصرية إلى القطاع رغم العراقيل    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدويلات الفسيفسائية والشلل
نشر في الشعب يوم 03 - 11 - 2007


بقلم: منير شفيق

قرار مجلس الشيوخ في الكونجرس الأمريكي تقسيم العراق عمليا إلى ثلاث دويلات فسيفسائية، لا يكشف الهدف الحقيقي من حرب العدوان على العراق فحسب، وإنما يكشف أيضا ما هو المقصود بإقامة «شرق أوسط كبير» أو جديد.

البعض حين احتل العراق توهموا أن الهدف هو إزالة أسلحة الدمار الشامل أو الاطاحة بالديكتاتورية لإقامة الديمقراطية، كما زعم المحافظون الجدد، وهذا البعض حين رفع المحافظون الجدد شعار «الإصلاح والديمقراطية»، قالوا إن الهدف من إقامة شرق أوسط جديد هو «شرق أوسط ديمقراطي» ثم دعك من البعض الآخر ممن وقفوا ضد العدوان الأمريكي على العراق معتبرينه حربا من أجل النفط.

ان الإجراءات التي تبعت احتلال العراق من حل الدولة والجيش وتشكيل «مجلس حكم» على أساس المحاصصة الطائفية والاثنية، ثم شعار تنظيم العراق على أساس فيدراليات كرست بما يسمى الدستور، تدل، بما لا يسمح بشك على أن الهدف هو تقسيم العراق، وذلك كخطوة على طريق إعادة تقسيم خرائط الدول العربية والإسلامية بما فيها الكبيرة والمتوسطة والصغيرة منها على أسس دويلات طائفية واثنية وجهوية ودينية، وما شئت من تلاوين مشابهة.

إقامة شرق أوسط «التسمية مزورة ولا جغرافية ولا علمية، لأن المقصود التخلص من تسمية البلاد العربية والإسلامية» على أساس دويلات من ذلك النمط يسمح بالهيمنة الإسرائيلية لأن الكيان الصهيوني لا يستطيع أن يسيطر على المنطقة، ويضمن بقاءه الى الأبد إلا إذا حولها إلى دويلات صغيرة متصارعة، تشل بعضها بعضا بتناقضات في ما بينها لا تنتهي.

ولهذا كان احتلال العراق، كما مشروع بناء شرق أوسط كبير أو جديد بما يشمل بلدانا عربية وإسلامية، يستهدفان خدمة المشروع الاسرائيلي واستراتيجيته المعدة للمنطقة كلها، هذا المشروع بدأ نظريا في محاولة نفي الهوية العربية والاسلامية عن البلدان العربية والإسلامية لتصبح منطقة ذات هوية جغرافية، ولكنه تطور الى استراتيجية برسم التنفيذ مع تسليم المحافظين الجدد للقرار الأمريكي، ومن ثم إمكان تسخير الولايات المتحدة بما تملكه من قوة عسكرية واقتصادية ونفوذ سياسي لتحقيق هذا المشروع الذي تحول الى استراتيجية منذ ما بعد أحداث 11/9/2001، اتخذت ذريعة لإعلان الحرب على العرب والمسلمين.

ثمة نموذج معبر وهو «حي» وواقعي لما يمكن ان يؤول إليه الوضع مع حالة الدويلات الفسيفسائية التي يستهدفها قرار شيوخ الكونجرس من تقسيم العراق، أو يسعى إليها مشروع الشرق أوسط الكبير، وهذا النموذج يعبر عنه الخبر التالي: «قال شهود إن قوات حكومة جمهورية أرض الصومال» التي أعلنت استقلالها استولت على قرية داخل اقليم بونت لاند المتمتع بحكم فيدرالي مما أسفر عن مقتل ما لايقل عن عشرة أشخاص.

كلا الاقليمين جمهورية أرض الصومال وحكومة بونت لاند «بلاد البنط» هما من الصومال الذي ترزح أقاليمه الأخرى تحت الاحتلال الاثيوبي، وحكومة صورية وبالمناسبة من المعروف ان قوات كل من هاتين الدويلتين الفسيفسائيتين اشتبكتا مراراً في السنوات الماضية بسبب نزاعات على حدودهما المشتركة.

البعض اعتقد ان شعب الصومال مشكل من قبائل عربية، ولكن أغلب المؤرخين وحتى الأحزاب الصومالية يعتبرون شعب الصومال بأغلبيته الساحقة منحدرا من قبيلة واحدة تفرعت الى عشائر، وليس هناك من خلاف بينها ديني، وعرقي، واثني، فهي منقسمة على أسس جهوية اكثر منها على أسس عشائرية.

وفي ندوة عقدها مركز الدراسات في قناة الجزيرة قبل عام تقريبا جمعت فيها أغلب الاطياف السياسية الصومالية، سئل ممثل «جمهورية أرض الصومال» عن خصوصيات هذا الاقليم التي تسوغ تحوله الى دولة مستقلة عن الصومال لم يجد سببا غير طبيعة الادارة في كل اقليم بسبب اختلاف الادارات التي توزعت وفقا للسيطرة الاستعمارية لكل من بريطانيا وايطاليا وفرنسا، فجمهورية أرض الصومال اكتسبت حقها في الانفصال وتشكيل دولة «دويلة مستقلة» بسبب ما تركه الاستعمار البريطاني من خصائص ادارية ولغوية «الانجليزية التي يراد لها ان تتحول لتكريس الانفصال من لغة ثانية الى لغة أولى».

المهم هنا ان تلاحظ خطورة اختلاف الفروق حتى لو لم تكن ثمة فروق طائفية أو اثنية أو دينية، وذلك حين يراد تمرير دويلات مشروع الشرق أوسط الكبير بالرغم من ان الصومال لم يدرج فيه رسميا بعد.

أما الأخطر فيلحظ كيف يؤدي اقامة دويلتين من شعب واحد الى سلسلة من الصراعات الحدودية والاقتتال الدائم، مما ينتهي بشلل يصيب الطرفين ليستقوي كل منهما بالقوى الخارجية، وهنا يصبح الباب مفتوحا على مصراعيه لتغلغل النفوذ الصهيوني، بل الهيمنة الكاملة لاحقا، ولهذا فإن المطالبين اليوم بدويلات الطوائف والاثنيات في العراق يحققون بوعي أو دون وعي، المشروع الصهيوني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.