يعتبر السلطان سليمان القانوني سلطان الدولة العثمانية في القرن السادس عشر. هو أول من وضع أسس القضاء المصري. في 28 ابريل سنة 1521 أرسل مرسوماً إلي مصر يتضمن تعيين قاض عثماني في مصر ويرأس هيئة القضاء ويتصرف في الأحكام الشرعية علي المذاهب الأربعة ويتولي توثيق عقود الزواج. وقد بدأ تنفيذ هذا المرسوم يوم 7 يونيو 1521 مع وصول أول قاض عثماني.. أطلق عليه السلطان سليمان قاضي عسكر وقاضي قضاة مصر. ووضع السلطان عدة اشتراطات لتولي هذا المنصب. فكان علي من يريد أن يشغله أن يمر عليه نحو 40 عاماً كطالب علم وكمدرس في 12 مدينة.. بتسلسل تدريجي. ولأن هذا المنصب من أرفع المناصب لهذا كان السلطات يخاطبه في فرماناته بلقب أقضي قضاة المسلمين. وأولي ولاة الموحدين.. معدن الفضل والتعبير. رافع أعلام الشريعة والدين وارث علوم الأنبياء والمرسلين.. لهذه الدرجة رفع سليمان القانوني رجل القضاء إلي أعلي المراتب وأغدق عليهم بما يكفيهم لتلبية احتياجاتهم. كان الناس في هذه الفترة يرفعون الدعاوي القضائية بمناسبة ودون مناسبة.. ولكي يتم القضاء علي هذه الظاهرة تقرر فرض الرسوم علي كل القضايا.. حتي يمتنع الناس من اللجوء إلي القضاء مكيدة في خصومهم.. كانت هذه الرسوم يحصلها شاويش من العثمانيين ويقوم بتقسيم الحصيلة بين القاضي والشهود والشاويش نفسه والباقي يتم إيداعه في صندوق باسم السلطان سليمان ويودع في بيت المال.. وقد أدي فرض هذه الرسوم إلي الحد من عدد القضايا التي كانت ترفع لأي سبب وهي وأدت إلي فرض نوع من الجدية.. منذ ذلك الوقت أصبحت الرسوم القضائية جزءاً من موارد الدولة. مر ما يقرب من 500 عام.. وعادت لعبة التقاضي بين المصريين وبعضهم البعض قضايا كثيرة وأصبحت ترفع أمام المحاكم سواء من أصحاب المصالح أو من غير ذي صفة وضج القضاة بكثرة هذه القضايا وشهد مجلس الدولة عشرات من القضايا التي رفعها بعض المحامين لأي سبب من الأسباب أو لأي خبر نشر في الصحف. وانهالت الاتهامات في النيابة العمومية علي أشخاص بتهم مختلفة منها الإضرار أو الاستيلاء علي المال العام بغير ذي حق.. أو الاتهام بالاختلاس. بعضها يصدق فيها الاتهام وتحال إلي المحاكم المختصة وبعضها يتم حفظه لأن الاتهام كيدي. ظلت رسوم القضايا كما هي ولكنها في ارتفاع مستمر وهناك قضايا تبلغ رسومها عدة آلاف من الجنيهات واستطاع سليمان القانوني أن يرسخ هذا المبدأ في مصر وأعطي للقضاء هيبته ولذلك أطلق عليه "القانوني" وبالمناسبة فإن للسلطان سليمان حكم الدولة العثمانية وولاياتها 48 عاماً ومات أثناء حربه في المجر عن 76 عاماً.. وكان قد استولي قبل ذلك علي بلجراد اليوغوسلافية.