رغم كل الضغوط والاحباطات والنكسات التي تمر بنا فالأمر المؤكد أن الثورة في النهاية لن تضيع.. بالعكس سوف تنتصر.. وتحقق طموحات هذا الشعب المظلوم في حياة كريمة وديمقراطية حقيقية غير مزيفة ولا شكلية.. وفي عدالة اجتماعية تضمن له رغيف الخبز النظيف وزجاجة الدواء وتعليم الأبناء. ورغم علو صوت الكذابين والأفاقين ومعدومي الضمير الذين يهرولون الآن لإعادة انتاج نظام مبارك باحياء الفساد المنظم وشراء الذمم والترويج للمحسوبية والرشوة فالأمر المؤكد والمقطوع به في النهاية أن ثورة 25 يناير النبيلة لن تضيع.. ولن تعود دولة القمع والظلم وتكميم الأفواه بعد أن ذاق الشعب طعم الحرية. لقد تصور أذناب النظام الساقط أن بإمكانهم أن يعيدوا عجلة الزمن إلي الوراء.. وأن يستردوا امتيازاتهم التي امتصوا بها دماء الشعب بأن يثيروا الغبار الكثيف علي الثورة.. ويعملوا علي شيطنتها.. ويؤلبوا القوي الثورية بعضها علي بعض حتي لا يبقي منها فصيل غير ملوث أو مجرح فتكون هذه هي اللحظة التاريخية المناسبة للانقضاض علي الثورة بمعاول التشويه والتشويش حتي يكرهها الناس ويتنكروا لها. من الواجب أن نعترف بأنهم نجحوا في ذلك إلي مدي بعيد عن طريق الإلحاح الإعلامي الكاذب والفاسد والاموال التي تنفق بغير حدود والدعم المعنوي الذي توفره تصريحات السادة في واشنطن وتل أبيب.. والفزاعات التي تستخدم من حين لحين لإرهاب الناس وتخويفهم حتي لا يكون لهم من أمل إلا المطالبة برئيس "دكر" قادر علي أن يعيد الأمن والاستقرار.. لكن كل هذا نجاح مؤقت والأمر المؤكد في النهاية أن الثورة لن تضيع ورايتها لن تسقط.. ونظام مبارك لن يعود بأي مسمي.. ورجاله وحاشيته الفاسدة التي ضجت من ظلمها السماوات والأرض لن تعود إلا إذا دخل الجمل في سم الخياط. ومن يستنتج من النجاح الذي حققه الفريق أحمد شفيق في الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية أن ثوار التحرير انتهي أمرهم.. وأنهم لا يمثلون الشعب المصري.. وأن بقية الشعب تريد عودة النظام السابق علي حد قول السيدة سوزان مبارك مؤخرا فإن هؤلاء يخدعون أنفسهم بهذا الوهم.. فقد خرجت أغلبية الشعب المصري تنتخب أعضاء البرلمان بمجلسيه وتنتخب رئيس جمهورية الثورة.. وجددت في كل مرة من خروجها إلي صناديق الاقتراع شرعية ثورة 25 ينارك المباركة. ولولا حالة الانقسام وتفتيت الأصوات التي فرضتها كثرة اعداد المرشحين الذين يمثلون تيار الثورة لكانت النتيجة مختلفة تماما.. ومحسومة تماما. ربما تنجح المحاولات المبذولة حاليا لتجميع صفوف القوي الثورية من جديد وتفكيك الاستقطاب السياسي القائم وربما تفشل.. لكن الأمر المؤكد والمحسوم ان الثورة لن تضيع.. ولن تعود مصر أبدا إلي دولة الخوف وزوار الفجر.. الدولة التي يحكمها جهاز أمن الدولة الرهيب.. يرفع فيها من يشاء ويخسف الارض بمن يشاء.. وما يرفع إلا الفاسدين. متفائلون نحن بوعي الشعب وعزيمة الشباب.. نعول علي القاعدة القادرة الصلبة بأكثر مما نعول علي النخبة السياسية التي تزن الأمور دائما بحساب المكسب والخسارة.. القاعدة الشعبية هي التي تعرف كيف تدافع عن نفسها.. عن حريتها وديمقراطيتها.. عن مستقبلها ومستقبل أبنائها وأحفادها. نعرف أن التجربة الديمقراطية صعبة.. والأعباء تنوء بها الجبال.. والاشقاء والجيران غير مسرورين بهذه التجربة ويرون أنها خطر عليهم ويحلمون بالقضاء عليها قبل أن تنضج وفروعها تعلو وتمتد.. ولذلك يشنون عليها الحرب سرا وعلنا. يقول الكاتب جعفر الشايب في مجلة "الشرق" السعودية تحت عنوان "مصر.. استعادة الكرامة" ان عديدا من الدول العربية لا ترغب في أن تتحول مصر إلي واحة ديمقراطية في المنطقة.. لكن المأمول به عدم إعاقة هذه التجربة الديمقراطية الوليدة.. وأن يترك المجال أمام الشعب المصري في تحديد خياراته السياسية دون أي تدخل وذلك ضمانا للاستقرار وإتاحة المجال أمام التحول السلمي باتجاه الديمقراطية. وأيضا رغم هذا التحدي القادم من خارج الحدود ضد الثورة ونجاح تجربتها الديمقراطية وقدرتها علي التغيير الكامل والشامل فإن الأمر المؤكد في النهاية أن الثورة لن تضيع.. وجذوتها لن تطفيء.. وأنا علي ذلك من الشاهدين.