تستحق وزارة الداخلية التحية علي الإنجاز الكبير الذي حققته أمس الأول رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد وذلك بالإعلان عن ضبط ترسانة من الأسلحة الثقيلة في كمين علي الطريق الدولي السريع "الإسكندرية - بورسعيد" الساحلي مع ثلاثة من تجار المخدرات والعناصر الإجرامية الخطرة. وطبقا لما ذكره اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية في مؤتمر صحفي فإن الترسانة المضبوطة احتوت 15 صاروخ جراد 112 العابر للمدن و15 رأسا مدمرة للصاروخ و16 صاروخا مضادا للطائرات طول كل منها متر بالاضافة إلي 16 طبة خاصة بالصواريخ المضادة للطائرات و31 قذيفة آر بي جي و25 عبوة دفعة آر بي جي وجهاز جي بي إس للملاحة البرية و2 مفتاح انجليزي كبير الحجم لتجميع الصواريخ. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما تم اكتشاف ترسانة أخري في مخزن بمحل إقامة أحد المتهمين اللذين قبض عليهما في الكمين مع الشحنة المهربة وتبين ان هذا المتهم حول محل اقامته في دمياط إلي مخزن كبير للأسلحة عثر بداخله علي 104 صواريخ مضادة للطائرات طول كل منها متر و4 صناديق زنك تضم 64 طبة خاصة بهذه الصواريخ. لا شك ان هذا انجاز جيد تستحق الداخلية التحية عليه كما قلت.. لكن الأمر يجب ألا يمر علينا بسهولة.. فالمضبوطات أسلحة ثقيلة ومثيرة وليست مجرد بنادق آلية لزوم الوجاهة أو حتي لزوم الاشتباكات القبلية أو الاشتباك بين البدو والداخلية في سيناء كما هو معتاد. وكما هو معروف فإن المضبوطات تشير إلي نوعية المواد المهربة ونوعية المتاجرين.. البائعين والمشترين والأهداف الكامنة وراء عمليات التهريب.. لكنها لا تعني منع التهريب تماما وبناء علي ذلك فإننا يمكن أن نتوقع وجود مخازن للأسلحة الثقيلة والصواريخ المضادة للطائرات والدبابات ليس في دمياط فحسب وإنما في العديد من مدن الوادي والدلتا وسيناء ومن هنا فإن المعني الكامن وراء عملية ضبط الترسانة جد خطير ويستحق أن نقف من أجله علي أطراف أصابعنا. وبالتأكيد سوف تكشف التحقيقات مع المتهمين اللذين تم ضبطهما بصحبة ترسانة الكمين مفاجآت مثيرة لنعرف الجهة أو الجهات التي تطلب هذه النوعية من الأسلحة وفي أي شيء سوف تستخدمها والجهة أو الجهات التي تتاجر فيها ومن أين تأتي بها.. ومن أي المنافذ يكون التهريب. ويجب أن تكون كل الاحتمالات مفتوحة أمام سلطات التحقيق وكل الأسئلة مشروعة ودائرة الاشتباه واسعة.. خصوصا ان الاتهامات توزع الآن بشكل عشوائي علي الجميع دون استثناء وهناك أصابع تشير صراحة إلي حماس وحزب الله في الخارج وإلي بعض الأحزاب والجماعات في الداخل ونحن نطالب من جانبنا كشعب ان تكون هناك تحقيقات مكثفة ودقيقة وجادة حتي تظهر الحقائق ونعرف إلي أن يذهب وطننا. نريد أن تنتهي مرحلة الالتباس والغموض والتحقيقات التي لا تصل إلي شيء محدد.. القضية خطيرة جدا هذه المرة وبالذات في مدلولها السياسي قبل مدلولها الأمني.. وللرسائل التي تكشف عنها في هذا التوقيت قبيل الانتخابات الرئاسية وحاجتنا الملحة إلي ضبط حدودنا وحماية أمننا القومي. لا أحد يقتنع بأن تجار المخدرات في حاجة إلي أسلحة ثقيلة وصواريخ عابرة للمدن لتأمين نشاطهم.. ولا أحد يقتنع بأن قبائل البدو في سيناء يسعون لتخزين هذه النوعية من الأسلحة استعدادا للحرب مع الدولة بعد أن ذهبت الدولة إليهم ووعدتهم بتمليك الأرض وبدء صفحة جديدة.. ولا أحد يقتنع بأن الجماعات الإرهابية تتورط في لعبة الأسلحة الثقيلة بعد أن أعلنت مراجعة افكارها وتخليها عن العنف واتجهت إلي تشكيل أحزاب سياسية لتصبح جزءا من النظام وتبنت منهج التغيير السلمي بدلا من العنف.. ولا أحد يقتنع بأن حماس يمكن أن تغامر بعلاقاتها مع مصر وتتجرأ علي تمرير أسلحة ثقيلة علي أرضنا بينما هي تسعي إلي بناء الثقة مع النظام الجديد الذي يتشكل حاليا في مصر. وقد علمتنا التجارب ان لعبة الأمم فيها من المفاجآت ما يفوق الخيال.. لذلك لم يعد مقبولا ان تنتهي القضية إلي لا شيء.. وربما نكتشف ان خيوطها متشابكة.. وتمتد إلي خارج الحدود. يجب ألا ننسي هنا ان اسرائيل تسعي بكل السبل لتأكيد المزاعم التي تروج لها في أمريكا وأوروبا بأن هناك خلايا لتنظيم القاعدة في سيناء.. وإسرائيل تسعي بكل السبل إلي دق اسفين بين مصر وغزة وليس هناك من طريقة لنجاح مخططاتها في هذا الصدد أكثر من اللعب في مربع الأمن القومي المصري. إسرائيل متواجدة بقوة.. ولاعبة بقوة.. ومن يجادل في ذلك عليه فقط أن يعيد قراءة الحكم الذي أصدرته محكمة الجنح الاقتصادية ضد أربعة مسئولين بشركة محمول كبري في قضية تمرير المكالمات الدولية الواردة لمصر إلي إسرائيل بهدف التجسس وتعريض أمن البلاد للخطر.