لم يكن يعلم أن أيامه في الدنيا معدودة. وأنه سيدفع حياته ثمناً لشهامته ورجولته بعد تصفية جسده بالمدافع الرشاشة ورصاصات الغدر علي يد عدد من البلطجية والمسلحين. أثناء محاولته مساعدة ضابط شرطة للحاق بهؤلاء المجرمين الذين هاجموا كمين الشرطة بمدينة 6 أكتوبر الأسبوع الماضي وأسقطوا الضابط علي مرأي ومسمع منه. فماكان منه إلا أن ثار وجري إلي الضابط وعرض عليه مساعدته في اللحاق بالمجرمين بسيارته الرباعية الدفع حيث انه ماهر في القيادة واستطاع بالفعل تجاوز سيارة المجرمين وسبقهم ليعود ليواجههم حتي يعطي الضابط الفرصة للتصويب عليهم لايقافهم. فما كان منهم إلا أن بادروه بمدافعهم الرشاشة وأردوه قتيلا بعد أقل من ساعتين رغم كل محاولات إسعافه. إنه الشاب اللباني سليم العلايلي الطالب بجامعة الآداب والعلوم الحديثة ونجل الإعلامي اللبناني وليد العلايلي ووالدته هي ابنة عم البطل رأفت الهجان. وبالرغم من أننا لا نعلم كيف يمكن أن يغامر ضابط الشرطة بحياة هذا الشاب واقحامه في عملية خطيرة مثل هذه. إلا أننا للأسف لا نعلم ملابسات الحادث وكالعادة في مصر هناك تعتيم علي كل المعلومات. فالداخلية لم تكلف نفسها بإصدار بيان شكر أو توضيح لما حدث. وكذلك الخارجية. رغم تدخل الرئيس اللبناني ومطالبته السلطات اللبنانية في مصر ممثلة بالسفير اللبناني وكذلك وزير الخارجية اللبناني ومطالبته بتوضيح الحقائق وتقديم تقرير رسمي لكشف ملابسات الحادث. إلا أنه حتي الآن لم يصدر أي شيء. ألم نتعلم من أسلوب حجب المعلومات والسكوت علي الأزمات إلي أن تنفجر في وجوهنا. ألم نتعلم من الأزمة المصرية السعودية التي كان أساسها عدم إصدار وزارة الخارجية أي بيان أو توضيح للسعودية. هل ننتظر أزمة جديدة مع لبنان؟! لماذا لا تتحرك الخارجية والداخلية لتوضيح الحقائق. ألا يكفي الأب الجريح والأم الثكلي الذين كانوا ينتظرون تخرج أبنهم. فإذا بهم يستقبلونه جثة هامدة. ألا تستحق دماء هذا الشاب الشهيد أن نلبي نداء والده بتسمية الشارع الذي استشهد فيه بأسمه. ألا تستحق شهامة الشهيد سليم العلايلي أن نقدرها ونحترمها ونقدم لها أبسط شيء بتسمية الشارع باسمه تخليداً لذكراه؟ إن هذا الطلب لم يعد مجرد طلب الأب وإنما أصبح طلبا رسمياً لبنانياً.. فمتي نتحرك ونستيقظ لاحتواء الأزمات قبل اشتعالها؟!.