كالعادة.. كل الأطراف تنصلت من المسئولية عن المجزرة البشعة التي وقعت للمعتصمين في العباسية.. وكالعادة تبادلت الأطراف إلقاء التهم علي بعضها مما أدي إلي ضياع الحقيقة وضياع الحقوق.. وفي النهاية راح دم الشهداء الأبرياء هدراً.. بينما عجزت الأجهزة الأمنية عن تقديم الفاعل أو التوصل إلي الأدلة التي يمكن علي أساسها معرفة الجناة ووقفت النيابة مكتوفة الأيدي. ما حدث في مجزرة العباسية يشبه ما حدث من قبل في موقعة الجمل ولذلك أطلق عليها البعض "موقعة الجمل 2" ويشبه أيضا ما حدث في كارثة ماسبيرو وكارثة شارع محمد ومحمود وما حدث مع المعتصمين أمام مبني مجلس الوزراء ومجلس الشعب وما حدث في حريق المجمع العلمي ويبدو أن الجريمة سوف تقيد ضد مجهول.. جنائياً وسياسياً. اللواء محمد العصار عضو المجلس العسكري قال خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد ظهر أمس ان المجلس الأعلي للقوات المسلحة يعرب عن أسفه علي ضحايا ومصابي أحداث العباسية.. مضيفا انها أحداث مؤسفة جاءت في ظرف دقيق.. ومؤكدا ان دم المصري غال جداً ولا يجب أن يراق إلا في سبيل الدفاع عن الوطن. والشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل الذي طالبته في هذه الزاوية أمس - وطالبه غيري - بأن يأمر أنصاره بالاعتصام في ميدان التحرير اتهم وسائل الإعلام بأنها تحاول جهد طاقتها أن تزيف للناس الحقائق وتدلس عليهم بإيهامهم بأن أحداث العباسية يصنعها أنصاره وأضاف: هناك بيانات تصدر من أفراد وهيئات توجه النداء إلي أنا لأوقف هذه الأحداث.. وذلك حتي يترسخ في ذهن العامة كما لو كنت أنا صاحب التأثير علي هذه الأحداث. وتبرأ أبوإسماعيل من الاعتصام قائلا: انني أكرر ما قلته أكثر من مرة أنه من كان نزل في هذه الأحداث من أجلي فليرجع.. أما غيرهم من شتي الفئات ونزلوا للقضايا العامة وليس لي سلطان عليهم فهؤلاء فقط المستمرون وما أنا إلا أحد الموضوعات التي طرحها هؤلاء لا أكثر. وشهد الدكتور محمد البلتاجي عضو مجلس الشعب والقيادي بحزب الحرية والعدالة بأن أحداث العباسية هي موقعة جمل ثانية وليست صراعا كما وصفها البعض.. مؤكدا ان المعتصمين حول وزارة الدفاع ليسوا تابعين لحازم أبوإسماعيل بل لفيف من التيارات السياسية القلقة من الوضع السياسي في مصر وأضاف قائلا: ان المسئول السياسي وراء أي حادث مرت به البلاد خلال الفترة الماضية هو المجلس العسكري. وقد ظهر من التقارير العديدة التي تناقلتها وسائل الإعلام ان هناك العديد من الحركات والائتلافات شاركت في اعتصام محيط وزارة الدفاع وكان السلفيون جزءا من هؤلاء.. بل فصيل صغير من السلفيين.. أقول هذا لأنني ألقيت المسئولية كاملة في رقبة الشيخ حازم أبوإسماعيل في هذه الزاوية أمس. الغريب في الأمر ان الدكتور الجنزوري رئيس الوزراء واللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية واجها مجزرة العباسية كأنها شيء عابر.. وكأن الدماء التي سالت ليست دماء مصريين.. ولاذا بالصمت وهذا ما دفع حقيقة العديد من الصحف الأجنبية تتساءل عن أسباب عدم تدخل أفراد الشرطة لحماية المعتصمين من البلطجية الذين جاءوا مسلحين للاعتداء عليهم. وقالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية ان استخدام البلطجية لقمع المظاهرات وكسر المعارضة كان الاستراتيجية السائدة تحت حكم مبارك.. واعتبرت ان أعمال العنف الأخيرة تعد مؤشرا مقلقا علي انتشار استخدام العنف كأداة رئيسية في السياسة المصرية وان الفشل في تأمين المعتصمين في محيط وزارة الدفاع يثير تساؤلات حول تأمين الانتخابات الرئاسية وقدرة الشرطة والجيش علي حماية الناخبين من عمليات الترهيب. وقالت صحيفة لوس انجلوس تايمز الأمريكية ان أحداث العباسية تعد مؤشرا علي مدي قابلية البلاد للاحتراق وتعكس عجز السياسيين عن تحديد مسار البلاد. وإذا كانوا في الخارج يستخدمون هذه الاشارات الرافضة والمتشككة فهنا في الداخل كثيرون يرون الحكومة والمجلس العسكري تقع عليهما المسئولية كاملة وأن الهدف الرئيسي لمجزرة العباسية هو إلهاء المجتمع عن إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها. إن اسوأ ما تشهده مصر حاليا هو نزيف الدم في الشوارع وصراع السياسيين إلي ما لا نهاية.. فلم يعد هناك أمل في ان يلتقوا ويحلوا مشاكلهم.. وأكثر من ذلك لم يعد لديهم القدرة علي أن يقدموا بدائل وحلولا وسطا للمشاكل مثلما يفعل أهلنا في المجالس العرفية عندما تتعقد الأمور. ليتهم جميعا يتعلمون من أهلنا ويلتقون في مجلس عرفي.. وأنا كفيل بمن يقدم لهم الحل ويجمعهم علي كلمة سواء.. جربوا ولن تخسروا شيئا.