ما يحدث الآن علي الساحة التعليمية.. خاصة في قضية الثانوية العامة.. يؤكد أننا لا نفكر بعمق قبل حل المشكلة.. مثل الشعوب المتقدمة.. بل نحلها - أو نتوهم اننا نحلها - بكلمات علي الورق.. ثم تكون الصدمة عند التنفيذ العملي علي أرض الواقع. إن الموافقة السريعة علي تحويل نظام امتحان الثانوية العامة من عامين إلي عام واحد.. تندرج تحت الرد الشهير الذي نطلقه علي أي شيء يتم اعداده بسرعة: "سلق بيض". القضية ياسادة ليست في تغيير اسلوب امتحان الثانوية العامة فقط.. بل تتعداه إلي أبعاد كثيرة مترابطة ومتشابكة بعضها ببعض. كيف نقدم علي هذه الخطوة دون تطوير جاد للمناهج العقيمة بتحديثها وتخفيفها أو إلغائها.. مع اضافة المناهج العالمية الحديثة التي تخاطب العقل وتساهم في توسيع المدارك. كيف نقدم علي هذه الخطوة دون النظر في مناهج المنظومة التعليمية بدءاً من رياض الأطفال وحتي ما بعد الدراسات حتي تكون كلها كياناً مترابطاً يساعد علي تخريج شاب يستطيع المنافسة محلياً ودولياً. أيضا كيف نقدم علي ذلك.. ونحن لازلنا نعاني من مركزية الثانوية العامة.. فلماذا لا نترك الفرصة لكل محافظة أو يتم تقسيم الجمهورية إلي مقاطعات.. يكون لكل محافظة أو مقاطعة امتحان خاص بها.. قائم علي مناهج مرتبطة بالبيئة والمجتمع. لقد أعجبني رأي جمال العربي وزير التربية والتعليم الخاص بضرورة منح الوزارة فرصة عام آخر للاستعداد لتطبيق النظام الجديد.. لكن تراجعه عن هذا الرأي جعلني أتحسر علي الإدارة التعليمية في بلادي. والحال لا تختلف كثيراً في الجامعات فالمشاكل والصراعات لا تنتهي.. والأصوات التي تنادي بتغيير قانون تنظيم الجامعات لا تترك فرصة للوقت ولقد أعجبني د. حسين خالد وزير التعليم العالي عندما قرر إجراء انتخابات الاتحادات الطلابية بالجامعات طبقا للائحة القديمة بعد اختلاف الطلاب علي اللائحة الجديدة التي أعدوها بأنفسهم ووافقوا عليها في يومين فقط.. لكنه لا يعجبني بسبب صمته الدائم وعدم إقدامه علي أي خطوة إيجابية نحو تطوير المنظومة الجامعية. أما إذا تحدث عن دور وزارة البحث العلمي في قضية التطوير.. فإننا نحزن جداً عن اختفاء هذا الدور الذي يجب ان يكون مؤثراً لأن البحث العلمي عامل أساسي ومشترك في المنظومة التعليمية من بدايتها وحتي ما بعد أعلي الدرجات العلمية فيها. من ثم أناشد وزراء المنظومة التعليمية الثلاثة ان يجلسوا علي مائدة واحدة مع لجنة كبيرة من العلماء والخبراء والمتخصصين لوضع رؤية مستقبلية واضحة للتعليم والبحث العلمي بدلا من حلول "سلق بيض"!