القضية ليست قضية المحامي الشاب أحمد الجيزاوي الذي ألقي القبض عليه في السعودية. القضية أكبر وأوسع وأشمل من شخص الجيزاوي. إنها تتعلق بكرامة المصري والحفاظ عليها داخل الوطن وخارجه. كان المصري مهاناً قبل ثورة يناير في الداخل وفي الخارج وكان الشعب كله يعرف الأسباب الحقيقية لهذه المهانة مما دفعه للقيام بثورته وشعر بذاته وحريته وهو ليس علي استعداد أن يترك أية قوي سواء في الداخل أو الخارج تنقص من كرامته وتهين آدميته وتحاول ارجاع عقارب الساعة إلي الوراء. قضية الجيزاوي لا تلام فيها السلطات السعودية وحدها التي اعتقلته ولم تكشف أسباب اعتقاله ودعاوي اتهامه إلا بعد المظاهرات المطالبة بالإفراج عنه. نقص المعلومات وعدم الشفافية منذ البداية أدي إلي تعقد الأزمة واللوم هناك يجب أن يوجه في المقام الأول إلي الخارجية المصرية وسفيرنا في السعودية وقنصلنا العام في جدة. خاصة أن الكل يعلم كيف تدار هذه السفارات في الخارج ويعلم المقيم والزائر المصري في العديد من البلدان حجم انفصال السفارة المصرية أو القنصليات المصرية عن المصريين في تلك الدول وأن زيارة السفارة المصرية في أي دولة أشبه بزيارة وزارة الداخلية أبان حكم حبيب العادلي. السفارات المصرية مغيبة ولا تعلم شيئاً عن أحوال المصريين والسفراء. أغلب السفراء مشغولون بدعم وتقوية العلاقات الشخصية التي تعود عليهم بالنفع وحكاوي المصريين في الخارج عن السفراء تثير الخجل والمصري في الحقيقة خاصة المغترب لا يتخذ موقفاً ما دون أن تكون لديه الأسباب ويعيش مصريون سنوات طوالاً لا يعرفون مكان السفارة أو اسم السفير المتعالي عن مواطنيه. والغالق أبواب السفارة أمام المصريين. بينما يظل المصريون يتذكرون بكل الفخر والخير دبلوماسياً أو سفيراً مصرياً كان قريباً للجالية المصرية ويفتح ذراعيه مرحباً بالمصري الذي يتعامل مع السفارة. الأمثلة كثيرة ولكن الشيء بالشيء يذكر وهنا اتذكر السفير خير الدين عبداللطيف الذي كان يشغل منصب الرجل الثاني في سفارة مصر في الدوحة والذي انتقل فيما بعد إلي سلطنة عمان ليشغل منصب السفير. كانت علاقته بأبناء وطنه حديث كل المصريين. خاصة الذي أقاموا فترة طويلة في عمان ولم يشعروا بأن هناك سفارة مصرية أو سفير مصري وعندما جاء السفير خير الدين عبداللطيف إلي سلطنة عمان جمع المصريين حوله اقترب منهم وعمل علي حل مشاكلهم وكان نموذجاً محترماً وكريماً لما يجب أن يكون عليه سفراء مصر. خير الله عبداللطيف مازال الكثير من المصريين يتذكرونه بكل الخير. نحن في حاجة إلي سفراء محترمين ليحافظوا علي كرامة المصري في كل مكان ووزارة الخارجية المصرية مليئة بالكفاءات المحترمة التي ستعيد لمصر مكانتها وللمصريين احترامهم.