المجلس العسكري ليس إلاها لنعبده أو ليكون فوق الحساب. إنما هو ممثل للسلطة التي يجب أن تحاسب علي كل ما تفعل. صغيرا كان أو كبيرا. مثلها مثل أي حاكم في أي دولة متحضرة. هكذا علمتنا الثورة التي كسرنا بها طوق الخوف من الحكام القاهرين الذين ظلوا يحكمون بدستور "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون". وإذا كان الابن بعد الثورة قد تجرأ وأصبح يتعامل مع والده "راس براس" فمن باب أولي أن نتحدث مع من يحكمونا بالجرأة نفسها. لقد فتح استبعاد عدد من المرشحين من ماراثون انتخابات الرئاسة الباب للثرثرة حول أن المجلس العسكري لا يريد أن يترك للشعب أن يختار رئيسه وفقا لإرادته. وإنما يريد أن يأتي برئيس علي هواه ليظل هو الحاكم والمتحكم الفعلي وما الرئيس المنتخب إلا "خيال مآته". وعلي الرغم من أن هذا الكلام لا يردده إلا المتضررون من الاستبعاد كخيرت الشاطر وأبو اسماعيل مثلا. إلا أنني أري أن عندهم الحق في ذلك. خاصة وأن المجلس العسكري صامت ويتعامل مع الأمر بمدرسة مبارك وحكومته العتيقة "دع الكلاب تعوي والقافلة تسير". لماذا لا يخرج إلينا أحد ممثلي المجلس العسكري ليكشف الحقائق ليعرف الشعب أن هذا الاستبعاد لم يكن مجرد تعديل في الصفقة التي تمت بين الإخوان والعسكري والتي تقضي باستبعاد الشاطر وأبو اسماعيل من التيار الديني مقابل التضحية بعمر سليمان الذي كان يريده العسكري لكن الناس رفضته رفضا شديدا. وإنما هو استبعاد قانوني له أسانيد وأدلة تبطل كل الكلام الذي ردده المستبعدون في تصريحاتهم ومؤتمراتهم الصحفية وتبطل تدابير من يشعلون النار في الهشيم ويريدونها نارا مستعرة بالمظاهرات والوقفات الاحتجاجية والاعتصامات. سواءمن أنصار المستبعدين أو من غيرهم الذين ينشطون بجرائمهم في هذا المناخ الفوضوي. أنا لست ضد المجلس العسكري بصفته إنما ضد أن يتعامل معنا بمنطق الصمت ويتركنا نضرب أخماسا في أسداس ونحن نستقراً الأحداث ونحاول أن نفهم ما يدور في المشهد السياسي الذي يؤكد لنا أن كل ما يدور فيه يقوم علي صفقات خاصة بعيدة عن مصلحة الشعب ومصلحة الوطن. كما أنني ضد منطق التجهيل والغموض وكلنا كذلك نريد أن نفهم وأن نكون في الصورة لا أن نكون أول المستبعدين أو مثل الأطرش في الزفة. وإذا كنا نقول دائما أننا نجل المجلس العسكري بما قدمه من مواقف لحماية الشعب وحماية أهداف الثورة منذ البداية وحتي الآن فلماذا لا يكون المجلس العسكري صريحا ليحمي صورته في أعيننا أولا وليربأ بنفسه من هذا الصراع والتكالب علي كرسي السلطة ثانيا؟. كثيرة هي الأحداث التي مرت بنا واحتجنا فيها لكلام يطمئنا من المجلس العسكري لكنه صمت. فلا أنسي حريق المجمع العلمي ولا أنسي مذبحة بورسعيد ولا أنسي مذبحة محمد محمود ولا أنسي غير ذلك مما يدمي القلب. ولا أظن أن الأمر صعب لهذه الدرجة أن يخرج المجلس العسكري عن صمته. أم أن السكوت علامة الرضا؟.