الآن .. لم يعد هناك أي عذر مقبول للمسئولين في الدولة للعمل علي استرداد أموال مصر المنهوبة والتي هربها للخارج رجال النظام السابق علي مدي ثلاثين عاماً. كانت الحجة التي تعوق استرداد هذه الأموال هي إصرار الدول التي تم التهريب إليها علي صدور أحكام نهائية بادانة هؤلاء الفاسدين. وارسال هذه الأحكام للدول لكي تفرج عن الأموال المهربة وتعيدها إلي مصر. ولما كانت الاجراءات القضائية في مصر معقدة وطويلة ومملة ولا ينتظر أن تصدر أحكام بشأن هؤلاء المهربين قبل عدة سنوات هذا إذا صدرت فإن الأمل في استرداد أموالهم كان يبدو ضئيلاً إن لم يكن مستحيلاً. من هنا فقد فتح البنك الدولي طاقة نور لنا بدراسة أعدها عن كيفية استرداد الأموال المهربة دون انتظار للاجراءات القضائية وصدور أحكام بخصوصها.. وشارك في هذه الدراسة مكتب الأممالمتحدة لمكافحة الفساد. الدراسة التي جاءت بعنوان "بمنصب عام مصالح خاصة" تقوم علي مبدأ الافصاح عن الممتلكات أو ما يعرف باقرار الذمة المالية الذي بمقتضي القوانين المصرية يطالب كل موظف عام بتقديمه كل 5 سنوات وباستخدام تلك الاقرارات المالية يمكن رصد حجم التضخم في أموال وممتلكات هؤلاء المسئولين السابقين. سواء أكانت موجودة داخل مصر أو خارجها. وتشير الدراسة إلي أن دول العالم ملزمة بموجب اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد. والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2003 ووقعت عليها حتي الآن 159 دولة في العالم.. بموجب هذه الاتفاقية تلتزم الدول بالمساعدة في جهود استرداد أموال الفساد.. كما تطالب الاتفاقية الدول الأعضاء بانشاء أنظمة افصاح مالي فعالة فيما يخص الموظفين العموميين. بالاضافة إلي التعاون والتنسيق من خلال تبادل المعلومات مع السلطات المعنية بالدول الأخري. وتطالب الدراسة التي نشرتها صحيفة الأهرام الدول المختلفة بضرورة الافصاح عن الدخل والممتلكات للموظف العام بها بهدف ردع ممارسات استغلال المنصب العام في تحقيق منافع خاصة. تقول "الأهرام" في تعليقها علي هذه الدراسة انها تكشف عن تأييد العالم لأي خطوة تتخذها مصر أو دول الربيع العربي لاسترداد الأصول المنهوبة. من خلال اظهار اقرارات الذمة المالية للمسئولين السابقين ومقارنتها بحجم الأصول التي تم الكشف عن امتلاكهم لها داخلياً وخارجياً. ان حجم الأموال التي نهبت من مصر خلال الثلاثين عاما الماضية طبقا لتصريحات أحد المسئولين الأوروبيين يبلغ 5 تريليونات دولار "التريليون يبلغ ألف مليار".. وهو مبلغ ليس بالهين ويرفع مصر اقتصاديا إلي أعلي عليين. ويضعها في مصاف أغني دول العالم لو استطعنا اعادته واستغلاله الاستغلال الأمثل لصالح مصر وشعبها. هل يمكن لمسئول في مصر أن تأخذه نخوة الغيرة علي بلده ومصالحه ويبدأ في اجراء تفعيل مبادرة البنك الدولي؟! هل يمكن لجهاز الكسب غير المشروع ورئيسه المستشار عاصم الجوهري أن يعلن عن حجم ثروات رجال النظام السابق في الداخل والخارج ويقارن بينها وبين ما دونوه في اقرارات ذممهم المالية لنعرف الفرق وحجم الأموال التي نهبوها؟ هناك المئات من المصريين غير المعروفين الذين استغلوا حالة التسيب التي صاحبت انفلات الذمم في عهد النظام السابق وحققوا ثروات طائلة بطريقة أو بأخري غير مشروعة.. فهل يمكن الكشف عنهم وتطبيق هذا المبدأ عليهم؟. هل نحترز من تكرار هذا الفساد مستقبلاً بالكشف عن الذمم المالية لأعضاء مجلسي الشعب والشوري الحاليين ولكل مسئول سيتولي السلطة مستقبلاً ابتداء من رئيس الجمهورية ونائبه أو نوابه ورئيس الوزراء والوزراء وغيرهم من المحافظين ومن هم دون ذلك؟! الأمر في أيدينا الآن.. وإذا لم نفعل فلا نلومن إلا أنفسنا.