أصابتني حالة من الحزن الشديد وصلت إلي درجة الاكتئاب أثناء حضوري حفل تكريم شهداء الشرطة الذي أقيم في أكاديمية الشرطة بالعباسية والذي قام فيه اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية بتوزيع الأوسمة والأنواط علي أسر الشهداء. حيث مر الوقت الذي قضيته بالقاعة التي أقيم فيها الحفل وكأنه دهر كامل خاصة أن أول ما تنامي إلي سمعي عند دخولها كان بكاء ونحيب أطفال لم تنجاوز أعمارهم العام وآخرون كلما تلفتوا حولهم وشاهدوا من يرتدون الملابس العسكرية من الضباط والأفراد يصرخون "بابا" لأنهم كانوا قد شاهدوا آباءهم من الشهداء وهم يرتدون الزي العسكري. ولأنهم صغار لا يميزون. استمعنا إلي الكثير من قصص الشهداء ال 85 الذين تم تكريمهم ذويهم وأيضاً استمعنا ممن حضروا لاستلام دروع التكريم أن هناك أمهات وآباء مازالوا مرضي علي الأسرة من هول الصدمة التي أصابتهم بعد فقد الابن الغالي وأيضاً في إصرار وتحد استمعنا إلي آباء وأمهات وزوجات يعلنون استعدادهم لتقديم شهداء جدد من أبنائهم فداء للوطن. الموقف كان صعباً فقد تجاوز عدد الشهداء منذ يناير 2011 حتي الآن أكثر من 235 شهيداً وفي شهر مارس الجاري وحده سقط ستة شهداء من بينهم ضباط تقشعر الأبدان وتستحي العيون أن تنظر إلي جمال وجوههم لقوا ربهم وهم يدافعون عن حقوق المواطن في مواجهة للبلطجية. وكم من شهيد سقط وهو يحافظ علي شرف فتاة أو امرأة قبل أن تغتصب والصور كثيرة ومتعددة ولا نستطيع سردها لأنها تحتاج إلي مساحات كبيرة. الغريب في الأمر أننا لم نجد نجاحاً من مجلس الشعب والشوري الموقرين يطالب بالوقوف دقيقة حداداً علي روح أي من هؤلاء الشهداء وكأنهم ضباط أو جنود من الصين. وبصراحة لا أعرف سبباً لعدم قيام الإخوان المسلمين والسلفيين بذلك في الوقت الذي لم تمر فيه أي مناسبة إلا ودعا وزير الداخلية السابق منصور عيسوي للوقوف دقيقة حداداً علي أرواح شهداء الثورة التي أتت بهؤلاء النواب للجلوس تحت قبة البرلمان ونفس الحال لوزير الداخلية الحالي اللواء محمد إبراهيم.. الموضوع يحتاج إلي لحظة للتأمل من قبل شعب مصر الذين هم آباء وأمهات وأقارب رجال الشرطة الذين لم يقدر مجلسا الشعب والشوري تضحياتهم ولو بالوقوف دقيقة حدادا علي أرواحهم.