البيئة في البحيرة باتت تتألم وتنزف دماً أمام الناظرين ولا أحد يضمد جراحها الغائرة وقد ألقت هذه الجراح بظلالها علي جميع مناحي الحياة العامة للمواطنين وأثرت بالسلب علي صحتهم. بسبب التلوث الذي يحاصره من كل صوب وحدب ومظاهر التلوث كثيرة ومتعددة سواء من جراء حرق قش الارز أو من مكامير الفحم التي تعمل علي ناتج تقليم أشجار الفاكهة. وما بين أدخنة قش الارز ومكامير الفحم تبرز مشكلة الورش الحرفية بجميع مدن المحافظة وخاصة مدينة دمنهور "العاصمة" التي نالها نصيب الأسد من هذه الورش التي تنشر سمومها ليل نهار في ظل صمت رهيب من الاجهزة الحكومية المسئولة عن مدي تنفيذ اشتراطات الامن الصناعي وغيرها بهذه الورش التي باتت مسماراً لقلة راحة المواطنين وعدم توفير الهدوء لهم. ويكفي ان نقول ان حي أبوالريش بدمنهور ارتفعت نسبة الامراض الصدرية لدي العديد من المقيمين به بسبب الادخنة السامة التي تنبعث من المسابك التي تقوم بصهر الخردة في وضح النهار. ومع كل هذه الملوثات لايزال فرع النيل برشيد يئن من التلوث سواء من الاقفاص السمكية أو إلقاء الحيوانات والطيور النافقة به. يقول محمد صلاح النوام "موظف" ان أهالي مدينة دمنهور يعيشون تحت حصار التلوث. فجميع شوارع المدينة باستثناء شارعي عبدالسلام الشاذلي والجمهورية اللذين يسير فيهما كبار المسئولين بالمحافظة. تنتشر بها الورش بأنواعها والكثير من هذه الورش تعمل بدون ترخيص ولا تتوافر فيها أي اشتراكات للامان وباتت تنشر الضوضاء ليل نهار. فضلاً عن المخلفات الناتجة منها. ويشير مسعد الحداد "بائع" إلي ان حرق قش الارز والتخلص من أعواد القطن بعد الجني خاصة بالاراضي المتاخمة لمدينة دمنهور. أصبح أمراً بالغ الخطورة ويتذكر عندما كان ماراً أمام ديوان المحافظة وشاهد الدخان الكثيف من حرق قش الارز يلفه ولا أحد يتحرك. أما سعد زيدان "أمين جمعية خيرية" فيقول ان حي أبوالريش واحد من اكبر الاحياء الشعبية بدمنهور وبرغم افتقار الحي للعديد من الخدمات. إلا ان الاهالي يتحملون مال لايتحمله بشر حيث يضم العديد من الورش التي تزعج وتقلق راحتهم. فضلا عن وجود عدد آخر من المسابك التي تتغذي علي كافة اشكال الخردة ويقوم أصحاب هذه المسابك بصهرها في النار لإعادة تشكيلها وأثناء الصهر تنبعث العديد من الغازات السامة من الخردة التي تؤثر بالسلب علي صحة الاهالي لدرجة أن الاهالي يعانون من الامراض الصدرية بسبب هذه المسابك. يطالب محمد عاطف فراج "باحث قانوني" بضرورة نقل هذه الورش خارج الكتلة السكنية حفاظاً علي أرواح المواطنين وصحتهم العامة. مؤكداً ان المحافظة منذ سنوات كانت قد شرعت في شراء 80 فدانا لنقل هذه الورش. إلا ان المشروع توقف ولم نعلم ما السبب في ذلك! أما عزت حسن الصباغ "مدرس" فيقول ان مكامير الفحم زاد عددها في السنوات الاخيرة بعد استصلاح أراض جديدة وزراعتها بأشجار الفاكهة خاصة أشجار اليوسفي والبرتقال التي تتغذي المكامير علي ناتج تقليمها. مشيراً إلي خطورة الغازات التي تنبعث من تلك المكامير التي تعمل بدون أدني رقابة. أما الناقد الرياضي أحمد القصاص فيقول ان فرع النيل برشيد الذي يمثل شريان الحياة لنا يتم التعدي عليه يوميا بالملوثات التي تدمر حياتنا. ويتساءل إلي متي يظل سلوك العديد من المواطنين الذين يلقون بالحيوانات والطيور النافقة بالنهر بالاضافة إلي التلوث الناتج من الاقفاص السمكية التي يقوم أصحابها بإلقاء العديد من المخلفات بهذه الاقفاص لتغذية الاسماك. الدكتور أسامة عبدالرازق يطالب بضرورة وضع حد لهذه الملوثات التي تستنزف موارد الاسر في تلقي العلاج من الامراض الناتجة عن هذا التلوث مشيراً إلي ان ذلك سيكون له مرود كبير عندما نتخذ الاجراءات الوقائية. مما يوفر للدولة أموالاً باهظة تنفق في علاج تلك الأمراض.