زيارة فرقة "رينيه هاريس" الأمريكية إلي مصر وعرضها الذي اقامته لمدة يوم واحد علي المسرح الكبير حدث له أهمية حيث انها أول فرقة أجنبية زائرة تقدم عروضها علي دار الأوبرا منذ بداية الثورة ولكن رغم أن نوع الفن الذي تقدمه هذه الفرقة لا يتناسب مع دارالأوبرا وبالتحديد المسرح الكبير ولا يتناسب ايضا مع فرقة البالية المصرية التي شارك عدد كبير من اعضائها في هذا العرض وربما يتناسب مع فرقة الرقص المسرحي الحديث التي توارت عن الأنظار منذ استقال مؤسسها وليد عوني في هوجة التخلص من الكفاءات .. هذا لا ينفي ان العرض كان جيدا ولكنه لا يتناسب مع المسرح والفنون التي أنشيءمن أجل أن يقدمها ولا مع فرقة البالية المتخصصة والكلاسيكية. فرقة "هاريس" تقدم نوعا من الرقص يسمي "الهيب هوب" وهو مشتق من رقص الشوارع الذي كان يؤديه زنوج امريكا ودائما تكون خطواته علي موسيقي الجاز والراب ويمتاز بالحركات البهلوانية الصعبة والتي تعد ايضا سمة مشتركة في معظم الرقصات الشعبية وحركاتهم يؤديها راقصو فرقة توشكي المصرية. فن "الهيب هوب" بدأ ينتشر وبأخذ صفة جماهيرية منذ أوائل السبعينيات وأمريكا التي تتشبث بأي موروث حضاري وجدت فيه ضالتها واخذت في تشجيعه ونشره في كل بلاد العالم علي أنه فنها الشعبي واقيمت له المهرجانات والبرامج التليفزيونية العديدة.. ورينية هاريس صاحب هذه الفرقة من اهم من طوروا هذا الرقص وبدأ يقدمه من خلال فلسفة خاصة ووضع له أسسا تعليمية وقواعد وخرج به من الشارع الي المسرح ولكنه لم يخرجه من نطاقه الأصلي في الاعتماد علي الإرتجال وعلي المهارة الرياضية انه الوجه الحركي من موسيقي الجاز والراب. رينية هاريس هاريس ولد في فيلادفيا وبدأ مشواره الفني كراقص ومصمم رقصات في اندية الرقص والأماكن العامة وفي عام 1992 اسس هاريس فرقته لإثراء ثقافة فن الهيب هوب من خلال ورش عمل ومحاضرات وهو حاصل علي الدكتوراه في فلسفة الفنون وشاركت فرقته في العديد من المهرجانات وفاز هو بالعديد من الجوائز عن تصميماته التي شاهدنا هنا متقطفات منها. الفرقة تقدم عروضها بدون ديكور وتعتمد فقط علي الإضاءة واحيانا الملابس ولكن حركة الجسد هي العنصر الأساسي وقد شاهدنا العديد من الرقصات بعضها أعتمد علي الحركة المكررة والآخرعلي التصفيق والبعض الآخر علي حركات بهلوانية شديدة التعقيد تتنوع بين الفردي والثنائي والجماعي وهناك بعض الرقصات تتنوع الحركة ولكن بمصاحبة موسيقية متواترة ذات نغمة واحدة. العرض لاقي اقبالا جماهيريا الي حد ما ولكن جاء الكتيب الخاص به فقيرا بدون برنامج علي الإطلاق مما اضفي علي العرض الترفيه والتسلية اكثر من التعبيرية والرمزية .. ورغم رؤيتنا ان العرض كان يجب ان يكون علي إحدي مسارح دار الأوبرا الأخري مثل المكشوف أو الجمهورية لأن عدد الراقصين قليل كما انه لا يحتاج الي امكانيات تكنولوجية كبيرة والموسيقي التي يرقصون عليها مسجلة ولكن العرض يعد درسا لمبدعينا الذين لا يستلهمون فنوننا الشعبية في تقديم ابداعات متطورة تكمل المسيرة التي بدأتها فرقة رضا في الستينيات.