ترددت كثيراً قبل كتابة هذه السطور لكن وجدت أن الساحة امتلأت بأحاديث كثيرة عن اطلاق اللحية والثوب القصير إلي غير ذلك من التناول بحيث انشغل قطاع كبير من الناس حول هذه المسألة التي اختلفت حولها الآراء بين مؤيد ومعارض وللأسف الشديد لقد تركنا المبادئ الأساسية لهذا الدين الحنيف وانشغلنا بأمور ليست من جوهر الإسلام ومبادئه الرفيعة التي تسمو بالإنسان إلي أسمي مراتب الرقي والحضارة دون التمسك بأمور ليست من قيم الدين الأساسية إذ إن هناك أموراً أهم من اللحية والثوب القصير التي رأينا الاهتمام بها بصورة ملفتة للانظار بعد فوز التيار الإسلامي في الانتخابات البرلمانية واقبال عدد من الشباب علي اطلاق اللحية والثوب القصير. الغريب أننا تركنا الجوهر وتشبثنا بالعرض ورغم أنني تعرضت لحملة من الانتقادات من بعض الإخوة في بلد عربي لعدم إطلاق اللحية إلا أنني رأيت انه من الواجب أن أوضح بعض الحقائق حول هذه المسألة التي تشغل بال قطاع عريض من شبابنا ورغم أن بعضا لا يعرف الكثير من المعلومات عن الدين الحنيف لأنهم يقلدون بلا معرفة معتقدين ان هذا المظهر يكسبهم لجوء الناس إليهم رغم انهم لا يعرفون سوي القشور بدليل ان أحد هؤلاء من خلال مناقشته تبين انه لا يعرف كيفية السجود في الصلاة ولا الأعضاء التي يجب ان تكون من الأساسيات في هذا السجود. في نفس الوقت لقد تركنا جوهر الإسلام رغم انه الأساس الذي يجب أن يكون في بؤرة الاهتمام فها هو سيدنا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قد جاءه رجل من البادية وسأله بغلظة هؤلاء الأعراب قائلا: يا محمد لقد جاءنا مندوبك فأخبرنا بأن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا. وأضاف هل علي بعد ذلك من شيء فأجابه رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بأنه ليس عليه سوي ما ذكر فقال الرجل العربي بصوت مسموع: والله لا أزيد علي هذا ولا أنقص وهنا قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "أفلح إن صدق" ولم يطالبه بإطلاق اللحية فلو كان ذلك واجبا لأمره بذلك مما يفيد ان إطلاق اللحية ليس من الأمور الجوهرية في ضرورة الالتزام بها فهي في أرجح الأقوال سنة من عمل بها فلا حرج وله ثوابها ومن تركها فلا اثم عليه ومن الغريب اننا تركنا الأمانة والصدق والعمل الصالح وانشغلنا بأمر يوسع هوة الخلافات بيننا وان مجتمعا كثر بين أفراده الجدال في مثل هذه المسائل فلن يستطيع بناء أجيال علي قيم الدين الأساسية وسيظل يدور في نقاش لا يساهم في بناء أو عمران. من الأمور التي تتعلق بهذه القشور ذلك الثوب القصير وأحد هؤلاء قال عن جهل: "وثيابك فقصر" فقلت له لا تقلب الحقائق إذ لا تبديل لكلمات الله فقد قال ربنا في سورة المدثر: "وثيابك فطهر" وفي نفس الوقت لقد غاب عن هؤلاء ان المرفوض هو الخيلاء وتطويل الثياب كما كان يجري في الجاهلية قبل الإسلام بحيث كان هؤلاء يسيرون وسط الناس بهذا المظهر تبختراً وكبرا بين الناس ولذلك حذر الإسلام من هذه الأعمال ونهي عنها ولذلك فالإسلام دين الوسط يحفظ للمسلم مظهره الحسن وثيابه الذي يضفي عليه بهاء وزينة فالملابس لا تكون قصيرة بصورة ملفتة ولا طويلة بجرها علي الأرض فالاعتدال هو الأفضل دائما.. لكن نري البعض يرتدي ثوباً قصيراً يكمله البنطلون فهل هذا من الاعتدال أو الوسطية التي وصف بها القرآن المسلمين "وكذلك جعلناكم أمة وسطا" فهل الأكمل ارتداء ثوب مكتمل يضفي علي الانسان مظهرا طيبا أم نري صورة قد تثير الانتباه كمن يضع سواكا في فمه بصورة تجعل الآخرين ينفرون من هذه الأساليب. أعتقد ان الالتزام بقيم الدين الحنيف الاساسية في مقدمة الأولويات التي يجب أن تدور حولها الأحاديث فهي من جلائل الأمور ولتكن هي التي يجب أن تكون منهجنا في تربية الأجيال.. مع الاهتمام بالعلم وغرس هذه القيم في نفوس أبنائنا منذ الصغر. ندربهم علي أداء الصلاة وكيفية الاستعداد لها خاصة ان كثيرا من شبابنا لا يعرف كيف يتوضأ وانها لمأساة حينما ننشغل باللحية والثوب القصير ونترك هذه الأساسيات ثم أين قيم الأمانة والعمل واتقانه وحفظ الحقوق واحترام الكبير ورعاية الوالدين وهناك الكثير من جوهر الإسلام وأساس العقيدة التي يجب أن تكون في بؤرة اهتمامنا. ومن الأسف انني قرأت عن بعض هؤلاء ان ارتداء البنطلون مرفوض ومن الغريب انه تم شن حملة ضد هذا النوع من الملابس.. كلمات غريبة وأساليب تدفع الآخرين للنيل من الإسلام وأهله. ياسادة ان الأمة الإسلامية تعاني من الجهل والفقر والمرض وتفتقر إلي العمل الجاد وبناء نهضة تستوعب الشباب وتستغل طاقتهم في البناء والتعمير والعمل الجاد المتقن وليتنا نتعلم من الصين التي تغزونا بمنتجاتها في عقر دارنا ونحن ننشغل باللحية واطلاقها ولم نسع لتوفير احتياجاتنا من الغذاء أو تطوير مصانعنا وأساليب حياتنا ونظافة شوارعنا ليتنا نهتم بالأولويات إذا أردنا اللحاق بركب التقدم واستعادة أمجاد أسلافنا من الرجال العظام "إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد". دعاء "ربنا هب لنا من لدنك رحمة وارزقنا سعة في الرزق ووفقنا للعمل الصالح ونسألك التوفيق في الفكر والقول والعمل ونسألك أن تبعد عنا قالة السوء ونسألك ان تشغلنا بجوهر الدين الحنيف والتوفيق في كل عمل".