تحدث الدكتور كمال الجنزوري الليلة الماضية لأول مرة عن أزمة سفر المتهمين الأمريكيين في قضية منظمات التمويل الأجنبي فقال إن المسألة برمتها في يد القضاء ولا يمكن لأي مسئول تنفيذي التدخل في شأن القضاء. وتحدثت الدكتور فايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولي عن نفس الأزمة امام مجلس الشوري أمس فأكدت أن الحكومة لم تتدخل مطلقاً في القضية وتركتها بين يد القضاء منذ 3 أكتوبر الماضي. وتحدث اللواء طاهر عبدالله رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.. عضو المجلس الأعلي للقوات المسلحة عن الأزمة مؤكداً أن سفر المتهمين الأجانب في قضية منظمات التمويل موضوع قضائي بحت.. ولا يستطيع أحد أن يشكك في نزاهة القضاء أو يفرض عليه رأيا. ونقضت وزارة العدل يدها من الفضيحة.. وقال مساعد وزير العدل للشئون البرلمانية المستشار عمر الشريف إن وزارة العدل ليس لها أية علاقة بهذا الأمر ونحن لا نتدخل في شأن السلطة القضائية. وهكذا كما تري تم التوافق علي أن القضية برمتها في رقبة القضاء.. كل الأطراف تنسحب رويداً رويداً من المسرح لتترك القضاء يدير أمره ويعد إخراجاً جيداً لمشهد الختامي قبل إسدال الستائر.. بشرط أن يأتي هذا المشهد مرضياً للجميع.. فلابد أن يؤكد علي استقلال الوطن وعدم المساس بكرامته.. ويؤكد علي استقلال القضاء.. ولا مانع من الاشارة بطرف خفي أننا كسبنا من أمريكا لأننا فراعنه.. ولأننا أذكي وأحوط. ومن أجل ذلك صدر تصريح هادئ رزين من القاضي محمد عيد سالم الأمين العام لمجلس القضاء الأعلي قال فيه إن المجلس استعرض ما أثير بشأن قضية التمويل الأجنبي وقرر إجراء التحقيق اللازم لاستجلاء الأمر. وأهاب مجلس القضاء الأعلي بالمواطنين ووسائل الإعلام الكف عن التعرض لهذا الشأن صونا لاستقلال القضاء وهيبته في داخل البلاد وخارجها.. كما أكد المجلس حرصه علي اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يثبت في حقه انتهاك استقلال القضاء أو التدخل في أحكامه أيا كان موقعه. وتستطيع أن تعتبر هذا التصريح والتحذير مقدمة تمهيدية للبيان التفصيلي الذي أصدره بعد ذلك المستشار مجدي عبدالباري الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة ورئيس دائرة المحكمة التي أصدرت قرار إلغاء حظر سفر المتهمين الأجانب وأكد فيه أن قرار رفع منع سفر المتهمين في القضية يتفق وصحيح حكم القانون إعمالاً لأحكام المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض. وقد جاء البيان الذي يحمل عنوان "الحقيقة الغائبة" طويلاً ومدعماً بالحجج والأسانيد ليقول في النهاية إن القرار الذي اتخذ لإلغاء قرار منع السفر كان صائبا ولم يكن في مقدور المحكمة إلا أن توافق عليه .. ولم تكن تمتلك سلطة تقديرية في إصدار غيره.. وقد استقر في وجدان المحكمة منذ الوهلة الأولي لمطالعة الأوراق دون أية تأثيرات خارجية أن قرار رفع الحظر عن المتهمين يتفق وصحيح القانون.. ولذلك وافقت علي الالتماس الذي تقدم به محامو المتهمين في هذا الشأن. وعلاوة علي ذلك حصلت المحكمة علي تعهد من المتهمين مقدمي طلبات الالتماس بإقرارات كتابية موقعه منكل منهم علي حدة بالمثول أمام المحكمة المختصة التي تنظر القضية في أي وقت. أما فيما يتعلق بتنحي المستشار محمد محمود شكري رئيس محكمة جنايات القاهرة التي كانت تنظر محاكمة المتهمين فإنه هو الذي أبلغ المستشار عبدالمعز إبراهيم رئيس استئناف القاهرة قراره التنحي عن نظر طلب رفع منع السفر بالنسبة للمتهمين وأنه في طريقه لإرسال القضية لنظر الطلب أمام دائرة أخري في نفس اليوم. وعلي هذا النحو المبين يتضح أن المسألة قضاء في قضاء.. ولا أحد مطلقاً تدخل في استقلال القضاء.. ونحن مستعدون أن نقبل ذلك ونتقبله ولكن بعد الإجابة علي بعض الاسئلة الحائرة مثل: * إذا كان الأمر بهذه البساطة فلماذا لم يعلن القاضي مجدي عبدالباري ذلك في ذات الليلة التي أصدر فيها قرار رفع حظر السفر عن المتهمين وتركنا للغموض القاتل؟!. * ولماذا جاءت الطائرة الإمريكية إلي مطار القاهرة قبل إصدار حكم المحكمة بإلغاء حظر السفر.. هل كانوا يشمون علي ظهر أيديهم؟. * وإذا كان القرار دستورياً وقانونياً فلماذا لم يتفهم الأمر قاضيا التحقيق اللذان قدما القضية للمحاكمة؟!. * ولماذا سافر المستشار عبدالمعز إلي كينيا في هذا التوقيت بالذات؟!. * أليست السرعة التي تم بها ترحيل المتهمين من مصر مؤشراً علي أن الأمر ينطوي علي ترتيبات. * ثم.. أين الحقيقة في حجم الكفالة إذا كانت الجريمة مجرد جنحة؟! علي كل حال.. واضح أننا نحن الذين أخطانأ من البداية.. كان لابد أن نعرف أن قضاءنا الشامخ مستقل.. ولوا ستدعي ذلك منا أن نضرب الودع.