تنصل الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء وحكومته من مسئولية الإفراج عن المتهمين الأمريكيين في قضية الجمعيات الأهلية التي كانت تعمل في مصر بالمخالفة للقوانين وسفر هؤلاء المتهمين لبلادهم. وقال في مؤتمر صحفي إن قرار الإفراج عن هؤلاء المتهمين يرجع إلي القضاء وليس في سلطة أي مسئول تنفيذي أن يتدخل في هذا الموضوع. وانه لا يقول ذلك تهربا من المسئولية ولكنها الحقيقة بعينها. وتنصل المجلس الأعلي للقوات المسلحة من هذه الجريمة حيث أكد اللواء طاهر عبدالله رئيس الهيئة الهندسية وعضو المجلس ان سفر المتهمين الأمريكيين هو قرار القضاء أولاً وأخيراً. كما أكد حرص المجلس الأعلي علي استقلال القضاء ونزاهته.. لكن اللواء طاهر حاول تبرير الإفراج عن هؤلاء المتهمين في عبارة غامضة عندما قال: إنه من الناحية السياسية فإن للأمر اعتبارات خاصة ترتبط بطبيعة العلاقة بين مصر والولايات المتحدة التي تحرص علي أن تكون قوية ومتينة. وهنا نتساءل: ماذا يقصد اللواء طاهر بذلك؟! وهل هو تبرير للجهة التي أصدرت قرار الإفراج أو الجهة التي أعطت إشارة من طرف خفي للجهة القضائية التي أصدرت القرار؟ وتنصل حزب الحرية والعدالة والجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين من مسئولية الإفراج عن المتهمين الأمريكيين. وقال علي فتح الباب زعيم الأغلبية بمجلس الشوري ان الحزب ليس له أي دور في سفر المتهمين في قضية التمويل الأجنبي. وأن ما يردده البعض في هذا الشأن غير صحيح. ومع هذا التنصل من الجهات الثلاث الحاكمة في مصر يبقي الاتهام موجهاً إلي القضاء.. وهنا يضع المستشار حسام الغرياني النقط فوق الحروق فيقول: إن القضاة في مصر مستقلون ولكن القضاء غير مستقل. والمعني الذي نفهمه من هذه العبارة ان القضاة كأشخاص يتمتعون بالحيدة والاستقلال والنزاهة.. ولكن السلطة القضائية يقع عليها ضغوط تجعل هؤلاء القضاة يتصرفون علي عكس ما يؤمنون وما يتمتعون به من نزاهة واستقلال. وفي هذا إشارة واضحة إلي السلطة التنفيذية التي تملك وحدها وسائل الضغط المختلفة. ونعود إلي سؤال يطرح نفسه: من المسئول عن الإفراج عن المتهمين الأمريكيين في القضية المثارة إذا كانت كل من الحكومة والمجلس العسكري والحزب الحاكم قد تنصلوا من هذه المسئولية. وإذا كانت السلطة القضائية تعترف بأنه يقع عليها ضغوط؟! هل هناك جهة رابعة أو خامسة لا ندري ما هي ولا ما هو كنهها مسئولة عن ذلك.. وهل هي ما يسمي ب "اللهو الخفي" الذي سبق أن أشيع أنه وراء أحداث وحوادث القتل والتدمير والتخريب التي جرت في مصر خلال الشهور السابقة؟ لقد أشاد المسئولون وأعضاء الكونجرس الأمريكيون الذين زاروا مصر قبل عملية الإفراج عن المتهمين الأمريكيين بالدور الذي قامت به حكومة الدكتور الجنزوري والمجلس الأعلي وجماعة الإخوان المسلمين وحزبها في حل قضية هؤلاء الأمريكيين.. فهل كان القصد من ذلك ترك المصريين يتهمون بعضهم بعضا بالعمالة لأمريكا وتعميم المسئولية حتي لا يتم توجيه الاتهام إلي جهة محددة؟! واضح أن أمريكا نجحت في خطتها لأنها أمريكا.. وواضح أننا فشلنا في تغيير سياستنا رغم إسقاط النظام السابق وقيام الثورة.. واننا نفكر ونتصرف بعقلية متخلفة عن ملاحقة العصر.. وإلا فبماذا نفسر هذا التخبط والجبن في تصرفاتنا؟!