وكأننا عدنا إلي عصر مبارك ووسائل إعلامه.. حملات شرسة لتليفزيون الدولة وإذاعتها وبعض صحفها تتهم الشباب الذين دعوا إلي الاضراب السلمي وفي مقدمتهم شباب الجامعة بالتخريب والعمالة والخيانة. هذا الشباب الذي قاد الثورة واستشهد وأصيب الآلاف دفاعاً عن الثورة لقد وصل الأمر إلي أن أحد المسئولين عن صفحة المجلس العسكري "أدمن الصفحة" وجه من خلال الصفحة اتهاماً خطيراً لشباب الجامعة الأمريكية الذين دعوا إلي الاضراب بأنهم يعملون علي إسقاط الدولة المصرية لصالح الأمريكان!! كيف نجرد مصريين من وطنيتهم لمجرد انهم طالبوا بإضراب أو حتي عصيان مدني بصرف النظر عن مدي اتفاقنا أو اختلافنا أو جدواه فالإضراب أو العصيان أدوات كفلها الدستور المصري ووثائق حقوق الإنسان فكيف يكون من يدعو لذلك مخرباً وعميلاً.. صحيح ان المجلس العسكري أكد في بيانه السادس انه لا يخون أحداً من المصريين فالغايات واحدة مهما اختلفت الوسائل وهو كلام وطني لكني كنت أتوقع من العسكري بدلاً من أن يدعو رؤساء الجامعات لمناقشة الاضراب أن يدعو شرائح من الشباب والطلبة لمناقشة مطالبهم من وراء الدعوة للإضراب أو العصيان كما كان يفعل في بداية الثورة وحتي وقت غير بعيد. كنت أتوقع أن يعلن العسكري للشباب بوضوح عن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية بعد أن أعلن موعد فتح باب الانتخابات لامتصاص غضبهم الذي أشعله سواء إدارة الفترة الانتقالية والضحايا الجدد الذين استشهدوا خلالها والذين قارب عددهم شهداء الثورة في أيامها الأولي. الغريب أن المجلس العسكري والإعلام الرسمي لم يتهم الإخوان المسلمين حركة وحزباً ومرشحين قريبين منها مثل الدكتور سليم العوا بالعمالة والتخريب عندما طالبوا بالعصيان المدني في مواجهة ما عرف بوثيقة الدكتور علي السلمي. الشيء الأغرب انه في الوقت الذي يتحدث فيه شباب الجامعات وحتي طلبة المدارس بلغة تتسم بقدر عال من الوعي بطبيعة المرحلة الثورية الحالية وبالمستقبل وبدورهم المهم في صنع مستقبل يليق بمصر الثورة نجد أن قيادات وزارة التعليم تتحدث بلغة عفا عليها الزمن.. ففي أحد البرامج الحوارية بإحدي الفضائيات والذي استضاف ثلاثة من طلاب المرحلة الثانوية فوجئت بالطلبة يتحدثون بوعي شديد عن مطالب الثورة التي لم تتحقق والاضراب باعتباره وسيلة سلمية من وسائل الضغط لتحقيق هذه الأهداف. أما المفاجأة الأكبر فكانت مداخلة لوكيل وزارة التربية والتعليم بالقاهرة والذي أكد بانفعال علي احتساب أيام الاضراب غياباً لمن لم يذهب إلي المدرسة أو قام بمسيرات ولم ينس أن يؤكد علي أن التربية أهم من التعليم و ذلك باعتبار ان الاضراب "قلة أدب".