اندلعت ثورة 25 من يناير معلنة أهدافاً ومطالب محددة: كرامة.. حرية.. عدالة اجتماعية والتقي الشعب بكل طوائفه وأطيافه علي إسقاط النظام وتحقيق مطالب الثورة السلمية. مر عام بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك وسقوط النظام وتوالت الاعتصامات والاضطرابات بعضها سار علي نهج الثورة من أجل استكمال المسيرة وتحقيق الأهداف وأخري انحرفت لأهداف ومصالح خاصة خارج السياق. في محاولة لرصد وقراءة الأحداث نحاول فيها الوقوف علي المنجزات التي تحققت بعد قيام الثورة وقرار التنحي والمطالب المشروعة التي نادي بها الثوار والتف حولهم الشعب في تلاحم قوي استمر لمدة 18 يوماً حتي سقط النظام. "المساء الأسبوعية" التقت مجموعة من الشخصيات العامة للوقوف علي ما تحقق من إنجازات علي أرض الواقع والتي مازالت تصارع الأيام لتري النور وتحقق الأمل في التغيير والقضاء الكامل علي كل مظاهر العهد البائد. الكل سجل شهادته للتاريخ علي عام مضي من الثورة والتنحي. مكي: أثبتنا أننا شعب متحضر المستشار أحمد مكي.. نائب رئيس محكمة النقض سابقاً.. رئيس لجنة تعديل قانون السلطة القضائية أكد أن أهم ثمار 25 يناير أنه لأول مرة يعبر المصريون عن إرادتهم الحرة في اختيار حكامهم وحكوماتهم كما أثبتت الثورة أن المصريين شعب متحضر وهنا أسوق مثلاً واحداً فعندما بدأ المتظاهرون يغادرون ميدان التحرير بعد تنحي مبارك وتحقيق الهدف الأكبر لم يتركوه إلا وهو في أبهي صوره وقاموا بتنظيفه بايديهم وجمع مخلفاته. أضاف ولا يمكن أن نغفل ونحن بصدد الحديث عن 25 يناير الانتخابات البرلمانية التي جرت حيث لأول مرة بعد عقود طويلة أن يختار برلمانه بعيداً عن التزييف وتزوير إرادة الشعب. أوضح أن الثورة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك مدي وطنية القوات المسلحة التي انحازت إلي الشعب في اللحظات الأولي لاندلاع الثورة وحتي إجبار مبارك علي التنحي. وقد أثبتت الأحداث صدق الجيش فيما أعلنه في البداية من قيامه بتسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة حيث تسير الأمور في هذا الاتجاه وفق خطوات قانونية محددة. أما عن أبرز سلبيات الثورة فهي إجراء الاستفتاء علي تعديل الدستور دون إجراء مناقشات موضوعية مستفيضةحولها وما توالي عنها من خطوات بالإعلان الدستوري.. كذلك اللغط الذي صار بإعلان الرغبة بالاستفتاء علي بقاء الجيش من عدمه في السلطة. أبوغازي: أركان النظام السابق تعرقل المسيرة د.عماد أبوغازي وزير الثقافة السابق.. يشير إلي أن بداية الأخطاء كانت الالتباس الذي حدث في مسيرة التحول الديمقراطي حيث كان يجب أن تكون نقطة الانطلاق الحقيقي إعداد دستور جديد يراعي المستجدات ويسقط المفاهيم الخاطئة التي عشنا فيها لعقود طويلة وهذا بدوره ساهم في حالة الاضطراب والارتباك التي نعاني منها. أضاف أن أهداف الثورة رغم بساطتها كانت سوف تحمل الخير لمصر إذا التزمنا بخطوات سريعة لتنفيذ شعارها الأول حرية كرامة عدالة اجتماعية حيث كان من الممكن أن تكون نقطة البداية تحديد الحد الأدني والأعلي للأجور وأن تشمل الموازنة العامة للدولة مخصصات أكبر للرعاية والنهوض بالخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والإسكان. أضاف كنا نتمني أن يكون هناك تعميق أكثر وأشمل للديمقراطية بإصدار قانون ينظم عمل الجمعيات الأهلية ويعطيها الدفعة المطلوبة للتواجد والتأثير في الشارع المصري خاصة أن هذه المنظمات تمثل أساس المجتمع وتستطيع أن تكون موصلاً جيداً لمفاهيم الديمقراطية الحقيقية حيث إنها الأكثر تواجداً وانتشاراً بين فئات الشعب المختلفة. أشار إلي أنه مازالت هناك بقايا لأركان نظام مبارك تعرقل مسيرة الثورة نحو المضي في تحقيق أهدافها الحقيقية. العوا: إسقاط نظام مبارك كان هدف الثورة الأول د.محمد سليم العوا المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية أوضح أن اسقاط نظام مبارك هو الهدف الذي ارتكزت عليه الثورة. إضافة إلي تحقيق قدر من الحريات غير مسبوق في العهد السابق. أيضا كانت هناك جماعات سياسية عدة تحاول أن تنشئ أحزاباً ولم تستطع. الآن نري تعدد الأحزاب الذي وصل عددها إلي أكثر من 50 حزباً. وهو ما يعكس قدراً من الحرية التي غابت شمسها منذ 30 عاماً. من الثمار التي جناها الشعب المصري بعد التنحي وسقوط النظام حق التظاهر والاعتصام علي الرغم من أنه قد شهد في بعص الأحيان تجاوزات وأخطاء لكن بدون شك لو كانت قد حدثت في عهد النظام البائد لكانت هناك مجازر في الشوارع. أشار إلي أنه بعد مرور عدة أشهر من قيام الثورة السلمية وضح وجود منهج منظم لصناعة الفوضي والتدمير بأشكال متعددة للقضاء علي الثورة ومكتسباتها. وكان نتاج كل هذا شهداء ومصابون يجب أن ينالوا كافة حقوقهم لما قدموه للوطن.. تلك مسألة لا تتحمل التأجيل كما أن التعامل بلا تقدير أو اهتمام لأسرهم يسئ إلي الثورة وينبغي أن يتوقف حتي لا تشتعل النفوس غضباً. لكن في نفس الوقت كل هذا إذا ما قيس بمقياس الكبت والطغيان الذي كان يمارس أيام حكم حسني مبارك يعتبر إنجازاً كبيراً كما نال الناس حقوقهم في التجمع السلمي. أيضا تحقق أهم من ذلك وهو أن من يقصر يتم عزله. فرحات: 2 مليون طفل شوارع انضموا إلي حالة الغضب د.محمد نور فرحات الفقيه الدستوري يري أن ما تحقق من مكتسبات للثورة هو مجرد تغييرات علي السطح تمثلت في الاطاحة برؤوس النظام وأبناء الرئيس وعدد من الوزراء وبعض رموز الحزب الحاكم أصبحوا خلف أسوار السجون. هناك أيضاً تغييرات مؤسسية جاءت مع وجود برلمان جديد حل فيه التيار الإسلامي محل الحزب الوطني بمعني أن جوهر مطالب الثورة الحقيقية وأهدافها لم تتحقق بالشكل السليم الذي يخلق حالة من الاستقرار في الشارع المصري. هناك مطالب أساسية مثل العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد واقتلاعه من جذوره وتحقيق المساواة بين المواطنين ونتيجة لعدم تحقيق هذه الخطوات انتشرت وتزايدت أعداد المطالب الفئوية التي تنادي بالعدالة يومياً. علي صعيد آخر حالة الفوضي والعنف عمت أرجاء البلاد بشكل واسع مما ساهم في إيجاد تأثيرات مدمرة علي بنية الاقتصاد المصري وعلي بنية الجهاز الإداري للدولة وأصبح لا وجود للشرطة مع استمرار حالة التراشق والاتهام للمجلس العسكري وكذلك الأحزاب السياسية القديمة التي أصبحت متهمة بالتآمر والتفريط. أما الإخوان فهم متهمون بعقد صفقات وفي مواجهة كل هذا الموقف المعقد نجد أن الثوار في حالة عدم رضا لأن ما نادوا وطالبوا به لم يتحقق بعد مرور عام. الخطير في هذه الصورة الصعبة أن نتاج نظام مبارك من المواطنين شديدي الفقر منطلقين في شوارع القاهرة و2 مليون من أطفال الشوارع أصبحوا يعبرون عن غضبهم وإحباطهم تجاه المجتمع ككل وتجاه مؤسسات الدولة المختلفة باستخدام أبشع وسائل العنف والتدمير نظير مبالغ مالية مدفوعة من رموز النظام السابق وفي نفس الوقت تنفيساً عن إحساس شخصي بالقهر. ربيع: الإخفاقات أكثر من الإنجازات د.عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام أوضح أن الإنجازات والمكتسبات تمثلت في إجراء انتخابات حرة ونزيهة لمجلسي الشعب والشوري وكذلك في إصدار قانون الأحزاب السياسية الذي منع من وجود التيارات السياسية التي كانت تعمل تحت الأرض. أشار إلي أن خطوات الفشل كانت أكبر بكثير من خطوات النجاح مما ساهم بصورة مباشرة في الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد وكذلك طول المرحلة الانتقالية. أكد أن عدم مواجهة الفلول بشكل حاسم وواضح وسريع كان له أسوأ الأثر علي نفوس الثوار والشعب خاصة أن الجميع كان يأمل القضاء تماماً عليهم لتطهير البلاد من الفساد كذلك لم تأت محاكمات النظام البائد بنتائج مرضية حتي الآن. لم تكن إدارة الملف الاقتصادي ناجحة وبالتالي يعاني اقتصادنا الآن من أزمات ومشاكل. الفشل في مواجهة وحل المطالب الفئوية ساهم في تفاقمها بشكل مربك للحياة والإنتاج.. كذلك عدم استطاعتنا إرساء الديمقراطية بشكل سليم بحيث يتعلمها الشعب ويمارسها بدلاً من السير علي نهج الفوضي وعدم اتخاذ أي إجراءات إصلاحية مما ساهم في حالة التمرد علي الدولة. قال إن بداية طريق الخروج من الصورة الحالية بغيباتها وشكلها المرتبك والمفقد بضرورة المضي نحو إجراء الإصلاحات السياسية حتي تسود حالة الهدوء في الشارع المصري ليتم العمل في إصلاح الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي تتحقق الإنجازات أو الأهداف التي قامت ثورة ال25 من يناير لتحقيقها لذلك أؤكد ضرورة الحلول العاجلة والضرورية للقضايا التي لا يمكن تأخيرها لكي يستعيد الشعب توازنه ويستطيع العمل.