مع أن السؤال يطالعنا في نهاية كل معارض الكتاب. وهو الجوانب الإيجابية والسلبية في أنشطة المعرض. فإن السؤال يبدو مغايراً في معرض هذا العام لجملة أسباب. منها أنه أول المعارض التي أقيمت عقب قيام ثورة 25 يناير. ومنها إعلان إقامة المعرض في قاعة المؤتمرات. ثم إعادته - مرة ثانية - إلي أرض المعارض. ومنها الخطوات السريعة التي اتخذت لإقامة المؤتمر. في ظل التخوف من عدم مشاركة عدد من المعارضين العرب والأجانب نتيجة إلغاء دورة العام الماضي. وعدم اتخاذ خطوات باكرة حول المعرض الأخير. يقول الكاتب السياسي والمسرحي عاطف الغمري إن النظام الذي كان موجوداً في السابق. كان يشمل قاعات للندوات وأماكن اللقاءات. مثل سراي الأهرام ودار المعارف وغيرها. أي أن خريطة الشوارع قد تغيرت تماماً. كذلك لا توجد لافتات أو توجيه للأماكن. فضلاً عن المفاجأة المتمثلة في تهدم بعض الأماكن.. مع ذلك فإن عملية البيع والشراء كانت - كما لاحظت - نشطة جداً. الملاحظة الأخيرة التي أتذكرها هي أنني كنت أتمني أن أشاهد القاعات المختلفة. لكني - للأسف - فشلت في العثور عليها. أو الوصول إلي مكانها.. وأن يقام معرض الكتاب الثالث والأربعين في هذا الجو الثوري - والكلام للروائي محمد قطب - فهو دليل علي أهمية المعرض كمحور ثقافي وسياسي. انطلاقاً من أنه يعتبر رمزاً للقوة الثقافية التي ترمز إلي دور مصر في المنطقة. وفي العالم. ونحن دائماً نستهدف من معرض الكتاب أن يكون حلقة الوصل بين المنتج الثقافي العربي والمنتج الثقافي الأجنبي. ويتمثل ذلك المعروض عبر دور النشر المختلفة. وكان جميلاً أن تكون تونس ضيف الشرف في معرض الكتاب هذا العام. لتلتقي الثورتان عبر هذا النشاط الثقافي. ليتأكد أن الثقافة هي جسر نحو التغيير السياسي والاجتماعي. وقد لاحظت أن الأنشطة الثقافية التي كانت علامات معرض الكتاب في الأزمنة السابقة. ظلت كما هي مع اختلاف نوعي في اختيار ما يتلاءم مع المرحلة الثورية الحاضرة. وجدت ذلك في مخيم الإبداع. وفي الفنون. والمقهي الثقافي. حيث اختلط الفن بالثقافة. ورأيت العديد من الأعمال الأدبية والشعرية التي أرهصت للثورة. أو أشارت إلي الخلل القائم في المجتمع قبل الثورة. في حين أن المحور السياسي كان طاغياً جداً في ندوات قاعة الاستثمار حول الفكر السياسي وآلياته وفئاته المختلفة.. الملاحظة الأخيرة يشير إليها الإذاعي عمرو الشامي. ويضيف إن الزفت السائل يشمل معظم الطرق - للأسف - ويلتصق بالإحذية. فيؤدي إلي مشكلات غير متصورة. والملاحظ أن الميكروفونات عالية جداً. مما يحدث شوشرة وضجيجاً أثناء الندوات. وقد قامت هيئة الكتاب بوضع التسعير عن طريق الكومبيوتر بعد أن كان يدوياً. والمفروض أن ذلك يسهل العملية. لكن الكمبيوتر تعطل للأسف. ووقفنا أكثر من ساعة كي ندفع ثمن الكتب التي اشتريناها. لكن هذا لا يلغي أموراً جيدة. لعل أهمها أن الكتب جميلة جداً. وبخاصة ما أنتجته هيئة الكتاب وهيئة قصور الثقافة. فالمعروض منهما أسعاره رخيصة. أما المركز القومي للترجمة فإن عليه أن يعيد النظر في سياسته. فالمعروض من كتبه يعاني نقصاً واضحاً : أين كتب المفكرين والفلاسفة؟ أين كتب دريدا ولاكان وشتراوس؟.. نريد أن نقرأ فن وفكر وفلسفة الغرب. وللأسف كتب المجلس مرتفعة السعر جداً. ويتساءل الإعلامي حسام عبدالقادر : لقد عاد معرض هذا العام إلي أرض المعارض. بعد أن أعلن عن إقامته في قاعة المؤتمرات. واتخذت كل الخطوات في هذا السبيل.. لماذا تمت العودة في ظل الظروف الغريبة التي تعانيها أرض المعارض؟.. لقد أزيلت مساحات كثيرة. تمهيداً لإقامة أنشطة جديدة لهيئة المعارض. وما كان ينبغي العدول عن العودة إليها إلا بعد إعدادها جيداً. وقد عمقت الطبيعة المشكلة حين هطلت الأمطار. وبالذات في يومي الإجازة اللذين حصل عليهما المعرض. وأدت إلي خسائر غير متوقعة. وعدت هيئة الكتاب بتعويضها. كان يجب أن نعد لكل شئ جيداً. فلا يفتح المعرض أبوابه إلا بعد أن يطمئن الناشرون إلي سلامة معروضاتهم. ويطمئن الزوار إلي إمكانية المشاهدة والتنقل والشراء في سلاسة. ولعل ما يجعلنا نتغاضي عن هذه السلبية الواضحة ما أذيع من أن عدم إقامة المعرض للمرة الثانية قد يؤدي إلي نتائج دولية نحن في غني عنها. فإذا استعرنا تعبير الدروس المستفادة. فلعل أهم هذه الدروس عدم افتتاح دورة العام القادم دون أن نعد له جيداً. وبما يليق بقيمة المعرض. ومكانته بين المعارض الدولية.. أما الروائي منير عيتبة فيطرح ملاحظتين. أولاهما عدم مناقشة الكتب التي صدرت عن دور النشر الخاصة. اسم المعرض - كما نعلم - هو معرض القاهرة الدولي للكتاب. وليس معرض هيئة الكتاب وحدها. أما الملاحظة الثانية فتتصل بجوائز أفضل كتاب التي اتحفتنا فيها هيئة الكتاب من قبل بكتب لا قيمة لها. وإن كان أصحابها في موقع المسئولية. وعموماً. أنا ضد مثل هذا النوع من المسابقات التي لابد أن تبتعد عن الموضوعية. كيف يتاح لبضعة أفراد أن يقيموا مئات الكتب في فروع الإنسانيات والعلوم المختلفة. ويختاروا أفضلها. ليحصل علي جائزة؟ سؤال. أخشي أنه سيظل بلا جواب! يبقي أن أشيد بأنشطة المركز القومي لثقافة الطفل. وأبرزها الورش المختلفة. مثل ورشة عجينة السيراميك والمكعبات.