ضمن ملفات الانتربول الدولي هناك ملف مثير وضخم بل وهو الأكثر سماكة في أرشيف الانتربول انه يخص حفيد القيصر الروسي الكسندر فون لود ينجهوزن وولف أو المشهور باسم البارون الكسندر الذي ولد في بلاط القيصر نيقولا الثاني في بطيرسبرج سنة 1903 وكان والده جنرال في جيش القيصر لكنه توفي والبارون لا يزال طفلا في الخامسة من عمره فخدم الكسندر في طفولته بين حاشية القصر وعندما قامت الثورة البلشفية وضع في مؤسسة للأحداث هرب منها بعد ثلاث سنوات علي ظهر باخرة المانية ليصل إلي منياء ستيتين علي بحر البلطيق. سنة 1920 اجتمع شمل العائلة المكونة من الام والابن والبنات الخمس وانتقلت العائلة إلي برلين وهي في حالة فقر شديد بعد ان تركت كل ما كانت تملك وراءها في روسيا ليجد البارون نفسه علي رصيف محطة برلين وهو في السابعة عشرة من عمره وحوله 7 حقائب لا تحمل إلا اسمال بالية له ولشقيقين وامه وكانت الحقائب السبع ثقيلة بما لا يستطيع معه ان يحملها هذا الشاب النحيف الرقيق فنظر حوله ليجد حمالا كان علي أهبة الاستعداد لحمل حقائبه عنه ودفع له كل ما كان في جيبه من نقود وقادهم الحمال إلي الفندق الفخم ومعه 7 حقائب و6نساء ومشاكل لا يعلم إلا الله كيف سيمكن حلها. كانت شقيقاته لا يعرفن من فنون الحياة أي شئ وكن معتادات علي البذخ وهو لا يتقن أي عمل ولا يمكن بأي حال من الأحوال وهم من ذوات الدم الأزرق ان ينتظروا الصدقات ويعيشون علي المساعدات فقرر أمرا شجعته عليه أمه وقام باولي عمليات احتياله لكن فشل وقبض عليه ومعه شقيقته وأمام القاضي اثبت البارون قدرته وذكاءه الخارق عندما استطاع اقناع القاضي ببراءته بينما قضي علي اخته الأقل دهاء منه بالسجن ثلاث سنوات ونصف السنة ومع ذلك فقد أصبح له ولأسرته سجل في شرطة برلين وكان ذلك سنة 1923 وعندما غادرت العائلة المانيا في اتجاه النمسا سلمت برلين ملف البارون للانتربول الدولي. كان البارون قد قرر الانتقام من اقداره بالاحتيال كوسيلة أساسية للعيش وكان يقوم بهذه العمليات بعيداً عن محل اقامته الدائم ذات يوم استأجر سيارة فخمة وسائق وصحب أمه واحدي أخواته وظل يطوف في المدن الأكثر ثراءاً مثل مونتي كارلو وبادن بادن وغيرهما وفي نهاية أحد أيام الخميس دخل متجر فراء في مدينة بادن بادن وطلب من التاجر أجمل مالديه من معاطف نسائية ليقدمها هدية لخطيبته وكان ان قدم له التاجر معطفاً من الفراء الطبيعي لنمر سيبيري ولكنه نظر له بتعال وقال انه ليس متأكداً من مقاسه لذا عرض عليه التاجر ان يجربه علي أحد البائعات إلا ان البائعة لم تكن في نفس مقاس خطيبة فقرر ان يطلب أمه في الفندق كي تحضر هي وخطيبته ايرينار إلا ان المحادثة التي كان يتابعها التاجر لم تسفر عن شئ حيث رفضت الأم ان تحضر هي وخطيبته ابنها وهو ما جعل البارون النصاب يعتذر للتاجر لكنه حرر له شيكا إلي ان تحضر امه وخطيبته لقياس المعطف واشترط عليه عدم بيع المعطف. وضع التاجر الشيك ذا العشرة آلاف فرنك في حافظته وفي اليوم التالي حضر البارون وامه وخطيبته المزعومة حيث كان المعطف مناسبا تماما علي جسد شقيقته التي مثلت دور خطيبته وطلب من التاجر ان يغلف المعطف بينما ابدي التاجر تخوفا شديداً فهو لم يتأكد بعد من رصيد الذيون وهنا نهره البارون بتعال كيف لم تتأكد ولماذا لم تتصل بالمصرف. حاول المدير الاتصال بالمصرف لكنه كان مقفلا فالساعة تجاوزت الخامسة بنيما كانت لفافة المعطف جاهزة والأم تنتظر في السيارة والسائق يفتح الباب استعداداً لدخول الخطيبة والبارون والتاجر لا يزال متردداً وهنا نهره البارون مرة أخري وافهمه ان عنوانه لديه ويمكن الاتصال بالفندق للتأكد من وجوده به خاصة انه يريد المعطف لنهاية الأسبوع فقط فكيف لا يعطيه المعطف وهو يملك شيكا ويعرف عنوانه. طبعا كان الشيك بدون رصيد ويمكنه مغادرة الفندق في اي لحظة وكان البارون مع ذلك محتاطاً في عمليات أخري فقد كان يفتح حسابا في بنك يضع فيه المبلغ باسم مزور وعندما يتصل التاجر بالبنك يؤكد له ان الحساب يغطي المبلغ بينما يذهب البارون بعد ان يستولي علي المعطف لسحب المبلغ الذي أودعه قبل أيام وبذلك يفوز بالمبلغ والمعطف. هذه العملية كانت بسيطة أمام عملية أخري قام بها البارون النصاب ذات مساء وقفت سيارة رولزريس أمام محل مجوهرات فخم في ساحة فاندوم بباريس ونزل منها الكونت فون جارد وهو شاب نبيل المظهر ووقف أمام الصائغ وطلب مشاهدة احدي قطع اللؤلؤ النادرة وتسمي لؤلؤة الكمثري وتتميز بكبر الحجم والنقاء الشديد وتساوي ثروة صغيرة ولا يقل ثمنها في ذلك الوقت عن مائة ألف فرنك فرنسي لكن الكونت نظر إلي اللؤلؤة باستحقار شديد وقال له واحدة لا تكفي فقال له البائع من المستحيل العثور في باريس كلها علي توءم هذه اللؤلؤة ومع ذلك قبل الكونت بشرائها علي وعد من التاجر بان يبحث له عن توءم لها ولديهم الثمن واخذها ومضي وعلي مدي 6 شهور كان الكونت يمر علي الصائغ كل يوم أو يومين يسأله هل وجد اللؤلؤة التوءم أم لا. ذات يوم دخلت أميرة يبدو النبل في شكلها ومظهرها متجر مجوهرات في شارع فوربور سان أو نوريه وعرضت لؤلؤة علي شكل الكمثري وطلبت بيعها ولكنها اشترطت 200 ألف فرنك ثمنا لها وكانت باريس كلها قد عرفت ان هناك كونتا يبحث عن لؤلؤة الكمثري ومستعد لدفع أي ثمن فيها فاتصل صائغ شارع سان أونورية بصائغ ساحة الفاندوم وابلغه بوجود اللؤلؤة التي يبحث عنها ولكن صاحبتها الأميرة تطلب مئتي ألف فرنك فضلا عن عمولة التاجر فطلب من زميله ان يشتريها فورا وبأي مبلغ. دفع الصائغ مئتي ألف فرنك في اللؤلؤة التي اشتراها الكونت قبل عدة أشهر بمئة ألف فرنك وكسب في غضون شهور قليلة مئة ألف فرنك ولم تكن الأميرة الأنيقة سوي شقيقة البارون المحتال. ظل هذا البارون يواصل احتيالاته إلي ان قبض عليه هو وامه بواسطة الانتربول في احدي العمليات لكنه استطاع اقناع القضاة بانه مصاب بالسل وهو في هذه السن المتقدمة ومع ذلك حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات وخرج من السجن ليتزوج امرأة برلينية ثرية سددت عنه كل ديونه.