القاهرة 30 علامة مضيئة في تاريخ السينما المصرية.. تم انتاجه عام 1966 أخرجه صلاح أبوسيف عن رواية نجيب محفوظ "القاهرةالجديدة" .. لاننسي حكاية الثلاثة أصدقاء "طلبة الجامعة" الذين عاشوا معا في منزل واحد علي طه أو "عبدالعزيز مكيوي" الشاب المثقف الذي يحلم بالثورة للقضاء علي الفساد والظلم والمطارد دائما من البوليس السياسي. وعبدالدايم محجوب أو "حمدي أحمد" الذي يعيش علي الكفاف ومنطقه لكل شيء "طظ".. وإحسان أو "سعاد حسني" التي أحبت علي طه ولكنها تزوجت محجوب لتنغمس معه في "الطظ" ويحظي بجسدها الوزير الذي يحرك البوليس السياسي أو "أحمد مظهر". اما حكاية الفنان عبدالعزيز مكيوي الذي تخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية ولمع في مسلسلات عديدة منها "الساقية" و"الرحيل" بعد ان اكتشفه صلاح ابوسيف ليقدمه في "القاهرة 30".. ثم يقف ويعلم أجيالا من الفنانين كأكاديمي في المعهد ويتخرج علي يديه جيل بعد جيل. إلتقيت به في أتيليه القاهرة بعد أن همس لي أحد الاصدقاء "عارف مين ده"؟!.. دققت في ملامحه وقلت: ياااه.. علي طه؟!!.. جلست بجانبه وتحدثت معه وتألمت لحاله فوجدته شارداً محطما يعيش في الماضي وكأنه لايزال خائفا من "البوليس السياسي" أو "أمن الدولة" الذي كان!! عبدالعزيز مكيوي يقضي نهاره بأحد أركان الاتيليه حتي الساعات الأولي ولي من صباح اليوم التالي.. ثم يتجول وحيدا بين شوارع القاهرة "وسط البلد" لايعرفه أحد.. أو يأخذ "البولمان" كما يقول للأسكندرية "مسقط رأسه" ليتجول بشوارعها ليعد في اليوم التالي الي القاهرة.. لاينام إلا "خطف" حتي أصابه الهزال وزاغت عيناه لايشكو أحدا.. ولايهتم له احد.. ولايريد ان يتكلم في حق أحد!! كسرت ساقه في أحد جولاته بالاسكندرية ومازال يعاني من هذا الكسر ومهدد ببترها.. يبدو عليه المرض والإعياء والخوف من شيء ما!!.. أثناء حديثي معه وجدته قد أغمض عيناه ونام ولم يحرك ساكنا!! تركته وقلبي يعتصر ألما عليه وعلي أمثاله من المبدعين والفنانين وهم كثر الذين يذهبون الي طي النسيان ويعيشون علي ذكريات الماضي بلا حاضر أو مستقبل ودون حياة كريمة يستحقونها. هذه نهاية فنان أكاديمي قتله الخوف! *** لم تمض ساعات قلائل علي لقاء مكيدي بأتيليه القاهرة.. ففي عشية وضحاها استجاب المجلس الاعلي للقوات المسلحة لطلب نقابة المهن التمثيلية وقرر علاجه هو والفنان سيد زيان بالمجمع الطبع للقوات المسلحة بالمعادي علي نفقة القوات المسلحة بعد ثلاثين عاما من الصمت.