كثرت الدعاوي القضائية المرفوعة ضد رجل الأعمال نجيب ساويرس.. والتي تتهمه بازدراء الدين الإسلامي والاستهزاء بالملابس والرموز الإسلامية والدعوة لرفض المادة الثانية من الدستور بهدف إثارة الفتنة الطائفية والاستقواء بالخارج. ونشرت "الوفد" في 10/1/2012 أن نيابة وسط القاهرة أحالت المهندس ساويرس إلي محكمة جنح بولاق بتهمة ازدراء الأديان والإساءة للدين الإسلامي عن طريق رسوم كاريكاتورية بثها علي موقع "تويتر".. وقد استمعت نيابة قصر النيل إلي أقوال مقدم البلاغ المحامي ممدوح إسماعيل و17 آخرين الذين أكدوا أن ساويرس تعمد الإساءة للإسلام والاستهزاء بالملابس والرموز الدينية الإسلامية. كما ضمت النيابة عدة بلاغات أخري في نفس الواقعة ومنها بلاغ سميرة هجرس وكيل نقابة المحامين بشمال سيناء ومها أبوبكر محمد أمين عام اتحاد شباب مصر ضد رجل الأعمال الذين يتهمونه أيضاً بازدراء الأديان ونشر الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط. وفي 29 ديسمبر الماضي ذكرت "الجمهورية" أن محكمة القضاء الإداري حددت جلسة 16 يناير الحالي لنظر دعوي الشيخ يوسف البدري التي طالب فيها باستبعاد المهندس نجيب ساويرس من المجلس الاستشاري متهماً إياه بإطلاق تصريحات طائفية وغير مسئولة من شأنها أن تثير الفتن وتهدد الوحدة الوطنية ومنها مطالبته بإلغاء المادة الثانية من الدستور وسبه لدين الأغلبية المسلمة علي الهواء في التليفزيون الحكومي ووصفه لعصر الإسلام بعصر الجاهلية.. والسخرية من الحجاب والنقاب واللحية.. وطلبه من أمريكا والدول الأجنبية التدخل في شئون الدولة المصرية بدعوي الحفاظ علي حقوق المسيحيين. كما حددت محكمة القضاء الإداري جلسة أخري لنظر الدعوي التي طالبت بإلزام كل من وزير الداخلية ورئيس الوزراء بسحب وإسقاط الجنسية المصرية عن المهندس نجيب ساويرس.. وقالت الدعوي التي أقامها نبيه الوحش المحامي إن ساويرس تعمد الإساءة للشريعة المسيحية والدين الإسلامي في جميع وسائل الإعلام. وفي 23 ديسمبر الماضي ذكرت "الأهرام المسائي" أن جماعة الإخوان المسلمين قدمت بلاغاً رسمياً إلي النائب العام تطلب فيه التحقيق في الوقائع التي نسبها إليها المهندس ساويرس في بيان يتهمها بالحصول علي تمويل من قطر واستغلال الدين في انتخابات مجلس الشعب. وهكذا تحول رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس الذي صنع امبراطوريته من أموال المصريين جميعاً مسلمين ومسيحيين إلي مشكلة طائفية ولم يعد كما كنا نطمح ونأمل قاطرة للتنمية والتنوير والانفتاح وتوحيد الأمة.. ولا يمكن لعاقل أن يدافع عن رجل في مكانه ومكانته عندما يرتكب فعلاً طائشاً ويتعمد وضع رسومات للسخرية والاستهزاء من الحجاب أو اللحية أو أي رمز ديني.. لأنه بمثل هذا الفعل يجر البلد إلي صراع رموز وتنابذ طائفي ما أحوجنا إلي تجنبه في هذه المرحلة الحرجة. وقد دعا الكاتب الكبير الأستاذ محمد فوده في عموده بالصفحة الأخيرة من "المساء" أمس الأول إلي العفو عن ساويرس والتسامح معه والاكتفاء باعتذاره.. وهي دعوة كريمة تستحق التجاوب معها لولا أن قضية ساويرس ارتبطت لدي الرأي العام بقضية الشاب المسيحي جمال مسعود الطالب بمدرسة منقباد الثانوية بأسيوط الذي نشر هو الآخر علي الإنترنت رسوماً كاريكاتورية مسيئة للإسلام والمسلمين مقلداً ساويرس فأحدث ضجة كبري ووقعت اشتباكات بين المسلمين والمسيحيين في أربع قري هي الغدر وسلام ومنقباد وبهيج.. وانتهت الفتنة بجلسة للمصالحة عقدها رموز الدين الإسلامي والمسيحي بهذه القري ومدير الأمن لتهدئة الأوضاع. وتم في هذه الجلسة الاتفاق علي طرد الشاب جمال مسعود وأسرته من قريتهم "الغدر" وتقديمه للمحاكمة بتهمة ازدراء الدين الإسلامي. وهنا يثور السؤال: هل يصح العفو عن ساويرس بينما يطبق القانون مشدداً بل والعرف الصعيدي أيضا علي الطالب الشاب جمال مسعود.. رغم أن ساويرس هو صاحب السبق والقدوة؟! أثق في حسن نية الأستاذ فوده وصدق دعوته من أجل تجميع الصفوف وتطييب الخواطر.. وأضم صوتي لصوته في هذا الاتجاه ولكن بشرطين: الأول أن يأتي العفو بعد المحاكمة والاعتذار الواضح الصريح حتي تؤخذ مثل هذه الأمور بالجدية الواجبة ولا تصبح الرموز الدينية الإسلامية والمسيحية عرضة للتلاعب والاستهزاء في دولة القانون فتتكرر مستقبلاً وتصل الأوضاع إلي ما لا يحمد عقباه.. خصوصاً أن الأخ ساويرس ليس ممن يعذرون بجهلهم. الثاني أن يعامل الطالب جمال مسعود بنفس معاملة ساويرس في العفو والتسامح.. بل بما هو أكثر من الرفق واللين.. فقد أهلك من كان قبلنا التمييز بين الناس أمام القانون والقضاء علي أساس الثراء والنفوذ والشهرة والوضع الاجتماعي. شخصياً.. كان أملي كبيراً في أن يقدم لنا المهندس نجيب ساويرس النموذج المصري للملياردير الأمريكي بيل جيتس.. وقد أشدت به في مقالات سابقة كان يستحق الاشادة.. ولكن إن لم يكن في مقدوره أن يكون بيل جيتس أو بعضاً منه فلا أقل من أن يكون عونا لمصر المستقبل وليس عبئاً عليها.. ولا يجرها إلي معارك جانبية هي في غني عنها كما يفعل المتطرفون والمتهورون.