* يسأل أحمد محمد علي شيف حلواني باتحاد الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو: أقرأ وأسمع الحديث النبوي: "إن الله تعالي تجاوز لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" فما مدي صحته ومفهوم العبارات ودلالتها؟! ** يجيب الدكتور أحمد محمود كريمة استاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الأزهر: الحديث النبوي الشريف رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : إن الله تجاوز لأمتي: الخطأ والنسيان وما أستكرهوا عليه" حديث حسن أخرجه ابن ماجة والبيهقي وابن حبان وغيرهما. قال ابن حجر الهيتمي : عام النفع لوقوع الثلاثة في سائر أبواب الفقه. يصلح أن يسمي نصف الشريعة. لأن فعل الإنسان الشامل لقوله : إما أن يصدر عن قصد واختيار وهو العمد مع الذكر اختيارا. أولا عن قصد واختيار وهو الخطأ والنسيان أو الإكراه. وهذا القسم معفو عنه والتجاوز بمعني الرفع أو الترك. والخطأ ضد العمد لا ضد الصواب كأن يقصد بفعله شيئا فيصادف فعله غير ما قصده.والنسيان ضد التذكر وقد يطلق علي الترك "نسوا الله فنسيهم". "ولا تنسوا الفضل بينكم". والإكراه حمل الغير علي الشيء قهرا. والحديث يدل علي فضل الله تعالي لهذه الأمة ورفع الحرج عنها. أخرج مسلم في صحيحه بسنده أنه لما نزلت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم "لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ..." اشتد ذلك علي سادتنا صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم ورضي الله عنهم .. فجاءوا إليه ثم بركوا علي الركب. وقالوا يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزلت عليك هذه الأية ولا نطيقها. فقال: أتريدون أن تقولوا كما قال من قبلكم "سمعنا وعصينا". بل قولوا سمعنا واطعنا. غفرانك ربنا واليك المصير" فلما اقترأها القوم. أنزل الله في إثرها "آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه .. "الآية ثم ما نسخ المؤاخذة "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.." ومما ينبه عليه وينوه به: إن وقع الخطأ أو النسيان في ترك مأمور به لم يسقط بل يجب تداركه. مثاله في الخطأ من دفع زكاة ماله الي من ظنه فقيرا فبان غنيا" وفي النسيان ما لو تيمم ناسيا للماء في متاعه مثلا. وإن وقع الخطأ والنسيان في فعل منهي عنه ليس من الإتلاف فلا شيء عليه. مثاله في الخطأ من شرب خمرا ظانا أنها شراب غير مسكر. وفي النسيان ما لو تطيب المحرم ناسيا. فلا شيء. وإن كان من المتلفات فعليه الضمان. والإكراه الملجيء لا شيء عليه. وإن كان غير ملجيء قيل بعدم المؤاخذة وقيل بالمؤاخذة. وهناك مسائل عديدة فيها تفصيل تطلب من محالها في المصنفات الفقهية المعتمدة.