كثر الحديث عن كتاب "وصف مصر" الذي وضع خلال وجود الحملة الفرنسية في مصر من عام 1798 حتي عام 1801. وكان بصحبة الحملة الفرنسية 165 من أهل الفكر والفن. بينهم مهندسون وأطباء وعلماء في الجيولوجيا والزراعة والطب والجغرافيا والآثار. وكلهم من أعضاء المجمع العلمي الفرنسي. مع مجموعة من الرسامين والأدباء.. بعضهم بقي في مصر بعد فشل الحملة الفرنسية واكتسبوا ثقة الحكام فاستعان بهم محمد علي باشا الكبير مثل سليمان باشا الفرنساوي الذي أسس جيشاً حديثاً في مصر مماثلاً لجيوش الامبراطوريات البحرية. وقد اهتم المؤرخ الكبير "عبدالرحمن الجبرتي" بوصف البيوت التي احتلتها بعثة بونابرت العلمية. وذكر أن الحملة الفرنسية أفردت لهؤلاء العلماء "حارة الناصرية" حيث الدرب الجديد.. ووضعوا في بيت حسن كاشف جملة كبيرة من كتبهم. وعليها خزّان ومباشرون.. حتي يقول: "وأفردوا الجماعة منهم بيت إبراهيم كتخدا السناري وهم المصورون لكل شيء. ومنهم "اريجو" وهو يصور صور الآدميين تصويراً يظن من يراها أنها بارزة في الفراغ. مجسمة تكاد تنطق..". ومعروف ان الاستعمار الفرنسي يجعل المستعمرة ملكاً للدولة الفرنسية وليس للشركات كما يفعل الإستعمار الانجليزي. ولهذا لابد من تحديد واضح للخيرات والامكانيات التي يمكن استغلالها. وكان كتاب وصف مصر هدفه إرشاد أجهزة استغلال المستعمرة في المستقبل. ولقد قمت بتصوير بعض لوحات النسخة المحفوظة في مكتبة كلية الفنون الجميلة بالقاهرة وذلك عام 1992 لطبع هذه الصور علي التقويم "نتيجة العام" التي كان يصدرها البنك الأهلي تحت إشراف الفنان الراحل عبدالسلام الشريف مع صور حديثة للمهن والصناعات توضح مدي التقدم الذي حققه البنك والشركات التي يقوم بتمويلها خلال القرنين السابقين.. النسخة المحفوظة من هذا الكتاب النادر بمكتبة كلية الفنون الجميلة وكذلك النسخة التي في مجموعة محب الفنون الجميلة "حنابك ويصا" تتكون كل منهما من 12 جزءاً كتابة بالإضافة إلي مجلد واحد كبير يضم الرسوم التي سجلها الفنانون لوصف مصر. وقد قمت بتصوير بعض صفحات هذا الجزء. بينما هناك من يؤكدون ان الكتاب مكون من 26 مجلداً. المعروف ان جميع نسخ الكتاب هي نسخ أصلية لأنها معمولة بطريقة فن الحفر "أي الطباعة الفنية" فالرسام يحفر رسمه علي النحاس أو الزنك. ثم يقوم بطبعه علي ورق مناسب من عدد لا يزيد علي مائة نسخة.. والكتاب طبع مرتين.. الأولي عام 1822 والثانية عام ..1840 ويؤكد الفنان عصمت داوستاشي الذي كان مكلفاً بالإشراف علي إعادة طبع الكتاب مترجماً إلي العربية. أن الذي أشرف علي الطبعتين الأولي والثانية في فرنسا هو المسيو كونتيه الذي أصبح صاحب أكبر شركات إنتاج الأقلام والأدوات.