مصر تعيش هذه الأيام محنة غير مسبوقة أصابت حياة الناس بالحيرة والارتباك. لم يدر أحد متي ينتهي هذا المسلسل من الفوضي والقلق والاضطراب تحول الشارع الي حالة لم نر مثيلا لها. المخالفات هي اللغة السائدة. الويل كل الويل لمن يعترض أو حتي يبدي امتعاضا مما يجري. السير عكس الاتجاه أصبح هو الأسلوب الأفضل لدي سائقي وأصحاب السيارات. دون اعتبار لضوابط السير أو مشاعر الآخرين وما قد يتعرضون له من اخطار وناهيك عن الارتباك وتوقف الحركة نتيجة هذه المخالفات عند مطالع الكباري. الأكثر غرابة أن أصحاب العمارات وسكان المساكن الشعبية كانوا علي موعد مع هذا الانفلات. اضافة أدوار للعقارات واضافة غرفة أو غرف للمبني ظاهرة تبدو للجميع بلا أي تحرك من الأحياء أو وزارة التنمية المحلية أكوام المخلفات تملأ الشوارع وتحولت الي عائق يصيب حركة المرور بالشلل. كل ذلك ينبئ بأن منازل الأحياء المختلفة قد تم هدمها وإعادة بنائها مرة أخري. اغلاق الشوارع أصبح علي هوي كل من يريد تشوين مواد البناء أو ترك السيارات في نهر الطريق بعد الفشل في العثور علي مكان يتركها به! كل ذلك يتضاءل أمام ما يجري في وسط القاهرة المظاهرات تصيب شوارعها بالشلل. الثوار يصرون عل تنفيذ المطالب فورا. ويؤكدون انهم لن يتركوا مواقعهم حتي يتم التنفيذ. رئيس الوزراء لا يعجبهم إذن لا يدخل مكتبه في مجلس الوزراء. البلطجية والمضرر به يندسون وسطهم المأساة تضاعفت باحتراق المجمع العلمي وتدمير أهم الوثائق والمخطوطات وتاريخ مصر منذ أيام الحملة الفرنسية علي مصر بقيادة نابليون. المباني العامة والمصالح تحت رحمة هؤلاء حتي القوات المكلفة بحمايتها تتعرض للاهانات والاعتداء دون رادع. حتي المظاهرات الفئوية تطارد الدكتور الجنزوري في موقعه البديل الذي لجأ اليه بعيدا عن منطقة الثوار. التطاول علي المجلس أصبح علي كل لسان. وبعد كل بيان أو مؤتمر صحفي يكشف فيه بعض الملابسات تشاهد علي الفضائيات اعتراضات ونقداً لاذعاً لبطء اتخاذ القرارات وعدم كشف المتهمين بصورة قاطعة. مما يستوجب إعادة النظر في اصدار بيان أو اعلان النتائج عن أي حدث من الأحداث. هذه المحنة وتلك الظروف الصعبة تتطلب من حكماء مصر ورجالاتها وقفة تتجلي فيها وحدة الرأي ويتباري فيها كل القوي السياسية فريق يلتقي بالشباب الثائر ومفاوضات مع هؤلاء الأبناء بصورة تؤكد ان الحوار بين الآباء وأبنائهم حماية مصر من الخطر الذي يحيط بها من كل جانب هو الهدف الأسمي. كما يتشكل فريق آخر يقدم الحلول والرؤية الثاقبة للخروج من هذه الأزمة الطاحنة التي تغلق سماء الوطن بغيوم لا يدري أحد متي تنقشع. الوطن يحترق النيران تشتعل في كل مكان. والمواطن البسيط حائر بين تلك الآراء المتشعبة والمتناقضة. والمثير للغضب والاحتقان أننا لم نجد اثنين يتفقان علي رأي واحد. ولم نجد جهة تستطيع جمع الشمل وتوحيد الصفوف خلافات وانشقاقات بلا نهاية. لعل الضوء الذي يبدد هذا الظلام هو ما صدر عن المصري الصميم والسياسي البارع منصور حسن ذلك الشرقاوي الأصيل عاشق الوطن فقد أعلن هذا الابن البار أنه لن يترك موقعه برئاسة المجلس الاستشاري في تلك الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن مشيرا الي ان أعضاء المجلس الاستشاري إذا استقالوا واحدا تلو الآخر فماذا يبقي للوطن. فإذا تركناه جميعا فمن يتصدي لهذه المحنة ان الأمانة تقتضي ان نظل في مواقعنا نواجه المشاكل ونقدم الحلول والرؤية المتكاملة للمجلس العسكري وإجراء حوارات تفيض بالمشاعر الوطنية المتدفقة في محاولة لوقف مسلسل الأخطاء الذي عطل حركة العمل والانتاج. كلمات منصور حسن لم أتناولها بالنص. مضمونها يشير الي ضرورة التكاتف بين أعضاء المجلس الاستشاري وكلهم من الكفاءات والخبرات. شيوخ يتمتعون بثقة الناس. وأساتذة جامعات ورجال قانون من بينهم الدكتور عبدالعزيز حجازي والدكتور أحمد كمال أبوالمجد والدكتور حسن نافعة وأبوالعلا ماضي وشريف زهران. الجماهير تتطلع الي ان تكون كلمات منصور حسن قد نفذت الي قلوب هؤلاء الرجال بحيث تتحول الاجتماعات الي مناقشات وحوارات بناءة تستهدف خروج مصر من هذه الأزمة ووقف مسلسل الفوضي والمظاهرات وبالتالي تختفي المتاريس والحواجز من شارع قصر العيني والمنطقة المحيطة بمقر مجلس الوزراء. لقاءات مع أعضاء المجلس العسكري تتبلور فيها الآراء بحيث نري برنامجاً علمياً وطنياً يتيح الفرصة الكاملة لمجلس الوزراء برئاسة الدكتور الجنزوري لكي تنطلق حركة العمل في الوزارات والمصانع المتوقفة ويتحرك الاقتصاد وتدور عجلة الانتاج كما يجب ان تستمر هذه اللقاءات والمشاورات حتي تكتمل الانتخابات البرلمانية ويصبح لدينا البرلمان القادر علي قيادة حركة التشريع بحيث تتكامل حركة الوطن وتمضي خطوات علي الطريق الصحيح. في النهاية يحدونا الأمل في أن تتفق هذه القيادات علي كلمة سواء فمصر أغلي من كل كنوز الدنيا. الوطن ينتظر منا الكثير والمواطن البسيط يتطلع إلي أهل الحكمة من هؤلاء الرجال.