الشعب المصري كله يدرك أن هؤلاء المخربين الذين يشعلون النار في ممتلكاته ليسوا ثوارا.. يدرك أن الثائر الحقيقي هو الذي يعبر عن رأيه ويعتصم أو يتظاهر دون أن يعطل مصالح البلاد والعباد ودون أن يتعدي علي ممتلكات عامة أو خاصة. إن الوقوف أمام مجلس الوزراء ومنع الحكومة من الدخول إلي المبني لأداء واجبها ليس إلا نوعا من أنواع البلطجة ونوعا من أنواع التخريب وكان من الواجب التعامل معه بمنتهي القوة منذ البداية.. الكل يعرف أن البلاد تمر بظروف غاية في الصعوبة وأن تعطيل مجلس الوزراء عن أداء مهامه سيضر ضررا بالغا بأحوال الشعب المصري عن بكرة أبيه.. كان من واجب كل القوي السياسية والوطنية التحرك بحزم لإنهاء هذه الهزلة بعد أن وضعوا المجلس العسكري والحكومة ووزارة الداخلية في مرمي الاتهامات وكتفوا حركتها خوفا من اتهامها بالعنف مع الثوار الذين ليسوا ثوارا علي الإطلاق. إن من يتعدي علي مباني مجلسي الشعب والشوري ومجلس الوزراء ويشعل النار في ممتلكات عامة منها المجمع العلمي المصري ويدمره عن آخره بكل ما يحتوي من تراث علمي وتاريخي لا يقدر بثمن ليس ثائرا وليس مصريا ويجب التعامل معه بكل قوة. ففي الوقت الذي تسير في الانتخابات بشكل رائع وبعد خروج المصريين بالملايين للإدلاء بأصواتهم من أجل إقامة مجلس شعب يمثلهم علي طريق الديمقراطية والبناء في اجتماع كبير يؤكد رضاه عن خارطة الطريق التي حددها المجلس العسكري تسعي قوي الظلام المتسترة في الثورة لزعزعة وهدم الخطوات والأشواط التي قطعها الثوار الحقيقيون والشعب المصري.. قوي الظلام التي يهمها أن تستمر مصر في حالة غليان يؤدي في النهاية إلي الانفجار وضياع البلد. كان من الواجب بل من الضرورة الوطنية أن يتحرك الثوار الحقيقيون ومعهم أولئك الذين انتخبهم الشعب المصري وصعدهم إلي مجلس الشعب ليكونوا ممثليه المؤتمنين علي مستقبله لوقف هذه المهازل التي تصنعها قوي الثورة المضادة بكل عنفها وبلطجيتها ومؤامراتها.. كان واجب عليهم التقدم لفتح الطريق أمام رئيس الوزراء ومجلسه ليمارس عمله من داخل مقر المجلس في هذه الظروف الحالكة. ولكن للأسف لم يفعلوا ذلك ولم ينشغلوا سوي بالمقاعد التي سيحصلون عليها في المجلس ولكنهم قد يتعرضون هم الآخرون لنفس القوي التي ستمنعهم من الدخول تحت القبة. إن هذا العبث الذي رأيناه علي مدي أسابيع لا يرتضيه أحد من العقلاء ولا يرتضيه أحد من الثوار الذين استشهدوا في ميدان التحرير والذين أصيبوا والذين جاهدوا وأسقطوا نظام مبارك.. لقد كانوا يأملون في مصر ديمقراطية حرة متقدمة تبني ولا تهدم.. تتكاتف ولا تتنافر تنتصر علي الفلول وتقطع الأيادي الخفية التي لاتريد أن تقوم لها قائمة.. اتقوا الله في مصر وساندوا التحول الديمقراطي وقفوا جميعا ضد من يزرع الفتنة ويخرب ويحرق في البلاد.