المؤكد أن هناك قطاعاً من الشعب المصري لديه تحفظات كثيرة. بل مخاوف كثيرة من اكتساح الإسلاميين للمرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية ولا شك أن هذه التحفظات والمخاوف في الغالب الأعم مشروعة ومبررة علي الأقل لأن هؤلاء الإسلاميين لم يجربوا من قبل في الحكم. كما أن بعض مقولاتهم وأطروحاتهم العامة مقلقة بالفعل. بل مزعجة جداً في بعض الأحيان. وخاصة فيما يتعلق ب "الآخر" غير الإسلامي داخلياً وخارجياً و"الآخر" الإسلامي الذي يخالفهم الرأي. أيضاً سواء علي المستوي الداخلي والخارجي. والمفترض أن يبادر هؤلاء الإسلاميون بالإفصاح عن تصوراتهم الحقيقية وإدارة حوار حقيقي وتفصيلي حول هذه التحفظات والمخاوف لتهيئة المناخ المناسب قبل أن يتصدروا المشهد السياسي من مكان القيادة هذه المرة وليس من مكان المعارضة أو المنافسة الانتخابية وذلك لأنه من البديهي اختلاف هذا عن ذاك. فالتصورات العقلية والمواقف الفكرية شيء والممارسة العملية لهذه التصورات والمواقف شيء آخر. وعلي الجانب الآخر يتعين أن تبذل الأطراف المتحفظة والمتخوفة مجهوداً حقيقياً للتعرف علي حقيقة هؤلاء وإدارة حوار حقيقي معهم حول نقاط خلاف بعيداً عن "التهديد" و"التهوين" لأن الفهم المتبادل بين كل الأطراف. حتي لو كانت هناك خلافات. فهو السبيل الوحيد الصحيح للتعامل السليم. وأعتقد أن الأمانة والمسئولية تقتضي ذلك بأسرع ما يمكن لأن مصر تواجه العديد من التحديات والمشاكل التي لا يمكن مواجهتها بالصوت العالي والاتهامات المتبادلة واعتداد كل ذي رأي برأيه وتعصبه له دون أسباب موضوعية وخاصة فيما يتعلق بالانفلات الأمني والتدهور الاقتصادي وأزعم أن من أولاهم الشعب ثقته هم أولي الناس بالمبادرة لأنهم هم المسئولون أمام هذا الشعب الذي انتخبهم دون غيرهم. ومع غيرهم من فصائل العمل العام وإلا فسيخسرون ثقة هذا الشعب وتأييده. والنقطة الأهم في هذا السياق أن هؤلاء الإسلاميين ليسوا فقط محاسبين أمام الشعب بل أمام الله أيضاً لأنهم في البداية والنهاية يقدمون نموذجاً ناجحاً أو فاشلاً للحكم الإسلامي باختيار مرجعيتهم الإسلامية رغم أن الإسلام كدين شيء والمسلمين شيء آخر بكل تأكيد. فليحاولوا تقديم صورة مشرفة وحضارية لهذا الدين الذي شوهته كثير من التجارب السابقة والحالية في مجال الحكم والإدارة والمجتمع وخلافه وإلا فسيكونون من حيث يدرون أو لا يدرون يعملون ضد هذا الدين الذي يقولون إنه مرجعيتهم. نحن لا نريد مصر في ظل حكم الإسلاميين. أياً من هذه التجارب الفاشلة ولكننا نريدها دولة حديثة تحترم حقوق وحريات الناس علي قدم المساواة لتكون نموذجاً يحتذي وسنري ماذا يحدث إن شاء الله.